الأقليات و"داعش".. قصة استهداف
لم يكن احتجاز تنظيم الدولة الإسلامية، لـ90 مسيحيا آشوريا، حدثا فريدا من نوعه، إذ اشتهر تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم "داعش" ، باستهدافه للأقليات العرقية والدينية.
والأمر بات واضحا، حيث أنها أضحت عادة للدولة في كل منطقة يظهر فيها نفوذها، ولم يخف ذلك على منظمة "هيومن ووتش" التي، أصدرت تقريرا لها في وقت سابق، رصدت فيه عمليات قتل وخطف قام بها أعضاء ينتمون للدولة الإسلامية، تجاه أعضاء الأقليات العرقية والدينية، في مدن العراق مثل الموصل ومدن سوريا كالرقة.
الموصل
خطف تنظيم "داعش" منذ سيطرته على الأمور في مدينة الموصل بالعراق، أكثر من 200 فرد من طوائف التركمان، والشبك والإيزيدية، وقتلت منهم 11 على الأقل، كما اختطفت راهبتين و3 أيتام مسيحيين.
ولم يكتف "داعش" بهذا السلوك فقط، لكنها زاد عليه بتهجير المسيحيين الكلدانيين من الموصل الذين لا يتخطى عددهم البضع آلاف، حيث خيرتهم بين اعتناق الإسلام، ودفع الجزية، والرحيل، فأختاروا الرحيل، وأيدهم في اختيارهم رفض كبار رجال الدين المحليين خوض أي نقاش مع تنظيم الدولة الإسلامية، الذي أخرجهم من ديارهم بثيابهم فقط، كما أفاد شهود عيان.
وكانت الدولة منذ استيلائها على الموصل ميزت بيوت المسيحيين حيث كتبت عليهم حرف "ن" في إشارة إلى كلمة "نصارى"، وكان ذلك الإجراء من أجل مراقبة تلك البيوت، حتى لا يخرج المسيحيون بممتلكات من تلك البيوت، وأيضا من أجل مصادرة تلك البيوت.
وصبيحة انتهاء المهلة التي منحها التنظيم إلى المسيحيين قام بنصب حواجز في جميع مخارج الموصل، من أجل تفتيش السيارات، واستكشاف الهويات الشخصية للتعرف على ديانة الشخص المسافر، فإذا ما تم اكتشاف أنه من المسيحيين، فيتم تفتيش السيارات ومصادرة كافة ما بها من ممتلكات تحت مسمى أنها من أموال الدولة الإسلامية "داعش"، ويتركونهم فقط بما عليهم من ثياب وبسيارتهم، وفي بعض الأحيان يتم سحب السيارات إذا كانت باهظة الثمن.
قامت "داعش" أيضا بتعذيب بعض محتجزيها من الإيزيديين، بحسب "هيومن رايتس ووتش"، ففي يونيو، أسرت داعش 28 من حرس الحدود الأيزيدية، واحتجزتهم كرهائن مقابل فدية لمدد تصل إلى 25 يوما.
وقال اثنان من هؤلاء الحرس لـ "هيومن رايتس ووتش" بعد الإفراج عنهم، إن أفراد "داعش" ضربوا الأيزيديين مرارا بالبنادق والعصي.
الرقة
وفي سوريا في الرقة، نال المسيحيون الحظ الأكبر من الاضطهاد على يد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، حيث قالت جريدة "القدس" إن عدد العائلات المسيحية في عموم الرقة قبل سيطرة تنظيم الدولة عليها، بلغ أكثر من 1500 عائلة، أما في الأيام الأخيرة فإن عدد من تبقى من العائلات لا يتجاوز الـ 25 عائلة فقط، وذلك لعدم قدرتهم على ترك المدينة، ولأنهم الأكثر فقرا على الإطلاق.
وقد فرض التنظيم على النساء الذين تبقوا في الرقة ضرورة الإلتزام بالزى الإسلامي الشرعي " النقاب الأسود الثقيل" محذرين إياهم من العقوبة في حال تهاون أي واحدة في الزى الشرعي، وآمرين إياهم بضرورة ستر أي شيء يدل على دينهم، من صلبان أو ما شابه، كما دمروا الصلبان في الكنائس، ودمروا بعض الكنائس، وطلبوا من المسحيين ضرورة ألا يؤدوا شعائرهم جهارا.
وأجبر "داعش" مسيحيي الرقة بتوقيع عهد ذمي، يقضي بدفع المسيحيين "الجزية" لداعش تبدأ بـ 13 غراما من الذهب بالنسبة للأثرياء وربعها بالنسبة للمسيحيين الفقراء.
الحسكة
وفي الحسكة مخاوف من تكرار مأساة الإيزيدين في العراق، حيث قام تنظيم الدولة باختطاف 150 عنصرا من المسيحين الآشوريين من شمال شرق سوريا بالقربق من حسكة، معظمهم من النساء، والأطفال، وكبار السن، حسب وكالة "سكاى نيوز".
وقد نزح السكان نحو الحسكة، التي تضم الكثير من الآشوريين، للاحتماء بها، وهناك مخاوف من أن تقوم قوات داعش بإيذاء العناصر المختطفة أو مد القتال إلى الحسكة حيث يتركز الكثير من المسيحيين الآشوريين.
وتزامن خطف المسيحيين الآشوريين مع تقدم مستمر من جانب المقاتلين الأكراد السوريين، المدعومين بهجمات جوية تشنها قوات التحالف الدولي على مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية"، نحو الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا.
وتتمتع محافظة الحسكة بأهمية إستراتيجية في القتال ضد التنظيم لأنها تقع على حدود تركيا والمناطق التي يسيطر عليها مقاتلو التنظيم في العراق.
ليبيا
قام تنظيم "داعش" بقتل 21 عامل مصري مسيحي في ليبيا، تحت دعوى أنهم نصارى، ونشروا مقطع فيديو مدته تقترب لخمس دقائق تحت عنوان "رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب"، واستعرض أعضاء التنظيم في المقطع معاداتهم للمسحيين، وقاموا بذبحهم على شاطئ بحر طرابلس، حتى اختلط دمهم بالماء.
كما قام التنظيم في اليوم التالي بنشر رسالة تنذر المسيحيين المصريين في أنحاء ليبيا، بأنهم مستهدفون من قبل التنظيم.