التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 03:26 م , بتوقيت القاهرة

تاريخ الانقلابات في قطر.. "غرام وانتقام"

في مثل هذا اليوم 22 فبراير/ شباط من عام 1972 كانت قطر على موعد مع حدث لا يتكرر كثيرا في تاريخ البلاد، عندما تولى الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني مقاليد الحكم، بعد قيامه بانقلاب "أبيض" على ابن عمه، الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، ليبدأ مسلسل الانقلابات في هذه الدولة الصغيرة، والذي انتهى بوصول حفيده، تميم بن حمد، إلى كرسي الإمارة، بعد انقلابه على أبيه، الذي تسلم السلطة بعدما انقلب على أبيه خليفة، وكأن التاريخ يعيد نفسه.


"غرام وانتقام"، هذا ليس مجرد اسم لفيلم مصري شهير، بل عنوان يمكن أن يلخص أسباب الانقلابات في الدولة الواقعة على الشاطئ الشرقي من شبه الجزيرة العربية، حيث كانت الشيخة موزة زوجة الشيخ حمد بن خليفة، كلمة السر في انقلاب زوجها على والده، ومن ثم انقلاب ابنها تميم على أبيه، فيما كان الانتقام دافعا لانقلاب الشيخ خليفة على ابن عمه، قبل أن يكون سببا في محاولة نجل حمد الأكبر، الشيخ فهد، المشاركة في انقلاب ضد والده، انتصارا لجده وانتقاما من زوجة أبيه، بعد تزايد نفوذها، ولكن محاولته باءت بالفشل.



بداية القصة


عندما استقلت قطر عن بريطانيا عام 1971، بدأت المشيخة تحت حكم الشيخ أحمد بن على آل ثاني، الذي آثره أبوه بالإمارة بدلا من إعادته لابن أخيه خليفة بن حمد آل ثاني، حيث كان الشيخ حمد قد عين شقيقه علي خلفا له، "لأنه أصلح من ابنه"، وبدوره ترك علي الحكم لابنه أحمد، واكتفى بتعيين خليفة وليا للعهد.


غير أن خليفة لم يقنع بذلك طويلا، وما لبث أن أطاح بابن عمه بانقلاب عسكري، في 22 فبراير/ شباط 1972، ثم وطد حكمه من خلال تسليم مفاصل الدولة لأولاده، من دون أن يعلم أن الضربة ستأتيه من حيث لا يحتسب، من ابنه البكر حمد.



الانقلاب الثاني


حمد، الأمير السابق لقطر، استغل وجود والده في أحد قصوره في سويسرا، ليعلن نفسه أميرا للبلاد بهدوء ودون إهراق قطرة دم واحدة، إذ نفى حمد والده، الذي سمع بنبأ تنحيته عن العرش من نشرة الأخبار في إحدى الإذاعات، وأقام فترة في سوريا، قبل أن يسمح حمد له بالعودة إلى قطر عام 2004.


فتش عن المرأة


وكان تزويج حمد آل خليفة بموزة آل المسند صفقة سياسية بالدرجة الأولى، تهدف إلى وضع حد لطموحات آل المسند، ولم يكن الشيخ خليفة يتخيل أن ابنة خصمه ناصر آل المسند، موزة، يمكن أن تدق المسمار الأخير في نعشه.


موزة، التي دخلت إلى الأسرة الحاكمة كزوجة رابعة للشيخ حمد بن خليفة، الذي ارتبط ببنات عمومته، لم تقنع بأن تكون مجرد زوجة لولي العهد، كما خطط لها حماها، وبخاصة أنه كانت صحة الأمير خليفة بن حمد توحي بطول بقائه قائما على قيد الحياة، وساعدها طمع زوجها في خلافة أبيه، وقلقها من دخول أبناء عمومته الذين جاهروا بأحقيتهم في الحكم، فسارعت بتحريض زوجها "ليتغدى بهم قبل أن يتعشوا به"، على طريقة المثل الشعبي.


ساعة الصفر


وجاءت ساعة الصفر، وانقلب الابن على أبيه في 27 يوليو/ تموز 1995، عندما غادر الشيخ خليفة قطر إلى أوربا، دون أن يعلم أن حفل الوداع الذي أجري له في مطار الدوحة هو الأخير، وأن الابن حمد الذي قبل يد والده أمام عدسات التليفزيون، كان قد انتهى من وضع خطته للإطاحة بأبيه واستلام الحكم.


وفي صبيحة يوم ثلاثاء قطع تليفزيون قطر إرساله لإعلان البيان رقم واحد، وعرض التليفزيون صورا لوجهاء المشيخة وهم يقدمون البيعة للشيخ حمد خلفا لأبيه، وقيل في ما بعد، إن المشاهد التي عرضت من دون صوت كانت ممنتجة ومزورة، ما دفع البعض بوصفه انقلابا تليفزيونيا.



فشل الانتقام


وبعد تزايد نفوذ الشيخة موزة، حاول نجل حمد الأكبر الشيخ فهد المشاركة في انقلاب ضد والده عام 1996، انتصارا لجده وانتقاما من زوجة أبيه، ولكنه فشل مع ابن عم الشيخ حمد، ما دعا حمد لطرده من سلاح الدروع القطري واتهامه بأنه إسلامي متطرف، ووضع الابن الثاني، الشيخ مشعل بن حمد، قيد الإقامة الجبرية، وكان عزلهما بضغط من "موزة" حتى "يخلو الجو" لولديها جاسم وتميم.


تميم يستعد


وبالفعل في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1996، جرى تعيين جاسم بن حمد وليا للعهد، وهو الابن البكر للشيخة موزة، قبل التنازل في 2003 ولأسباب غير معلومة لأخيه تميم، الذي ما لبث أن وضع يده على مفاتيح السلطة، مع تعيين مقربين منه نائبين لرئاسة الوزراء، وتبلورت سلطته أكثر مع إمساكه بملفي الدفاع والتسليح، ونيابة قيادة القوات المسلحة.


الانقلاب الأخير


وأعاد التاريخ نفسه، وفي يونيو/ حزيران 2013، انقلب الأمير تميم على أبيه حمد، واستلم الحكم بطريقة "ناعمة"، كما وصفتها أكثر من جهة دولية، حيث تمكن تميم، وبمساعدة والدته، الشيخة موزة، من تحقيق ما حققه والده من قبله، وبذات الطريقة.


الأمير حمد تلقف الأخبار التي تشاع عن قرب الانقلاب، ما جعله يبادر إلى تسليم الحكم لولده تميم، عل طريقة المقولة الشهيرة "الطيب أحسن" أو "بيدي لا بيد عمرو".