"العلاج بالحجامة".. طب نبوي أم نصب دنيوي؟
تعد الحجامة من أشهر ممارسات الطب البديل المنتشرة في بلادنا العربية بوجه عام، وفي مصر بشكل خاص، ويلجأ إليها عدد لا يستهان به من الناس، إما هربا من تكاليف الطب العصري الباهظة، أو لجوءا إلى حلول غير مطروقة إذا عجز الطب عن علاج بعض الحالات المرضية.
والحجامة واحدة من العلاجات التي وردت في ا?حاديث النبوية، وتلخص الشفاء في شربة عسل أو كي بالنار، أو أكل بضع ثمرات، أو تغيير الدم في بعض المناطق بالجسم، وغيرها من الطرق غير العلمية.
ولا توجد مجلة علمية معترف بها دوليا، أو أحد مراكز الصحة حول العالم، تبنت الحجامة كعلاج أو ذكرت فائدة واحدة من الفوائد العديدة التي يذكرها مروجيها، حيث نرى أن كل ما يقال عن الحجامة مذكور في مواقع إنترنت يستطيع أي شخص الكتابة عليها.
ويذكر المعالجون بالحجامة العديد من الأمراض التي تعالجها، مثل الروماتيزم والروماتويد والشلل النصفي والكلي، والضعف الجنسي وارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة، وضعف المناعة والبواسير وتضخم البروستاتا، والغدة الدرقية والقولون العصبي والتبول اللا إرادي، وضيق ا?وعية الدموية وتصلب الشرايين والسكري، ودوالي الخصية والسمنة والنحافة، والصداع الكلي والنصفي، وأمراض العيون والكبد، وغيرهها من الأمراض.
وهنا تأتي العديد من الأسئلة.. كيف تعالج طريقة موحدة كل هذه الأمراض؟ وكيف يعالج دواء أو إجراء جراحي المرض ونقيضه في الوقت نفسه؟
ا?حاديث الطبية لا اعتراض عليها، ولكنها وليدة زمانها وكانت صالحة في أوانها، حيث لم تكن هناك صيدليات تبيع أقراص علاج ضغط الدم منذ 14 قرنا، مما جعل الناس آنذاك يلجؤون لهذه الممارسات الاستشفائية، وهذا ليس خطأ أو عيبا في تلك الحقبة من الزمن، ولكن ا?صرار على الترويج وتطبيق هذه الطرق العلاجية في هذا العصر وانتشار العديد من المراكز مجهولة المصدر الذي تدعي العلاج ليس فقط، ولكنها تقوم بتدريب المبتدئين، فهذا يسيء لسمعة ا?سلام الذي أمرنا باحترام العقل.
ويستخدم جميع المعالجين بالحجامة بعض الأحاديث النبوية في صحيح البخاري مثل :
- «لا عدوى ولا طييرة»
- «التين يقطع البواسير»
- «الباذنجان شفاء من كل داء»
- «من اصطبح كل يوم بسبع ثمرات من عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل».
الحجامة.. "سنة نبوية معجزة طبية"
قال مدير وصاحب أكاديمية ومركز الإمام لتنظيم الدورات التدريبية، الشيخ إسماعيل محمود، إن الحجامة تعتبر علاجا بديلا للطب العلمى في بعض الأحيان، والبعض الآخر تكميليا له، حيث تقوم على أسس وأحاديث نبوية وتسمي "سنة نبوية معجزة طبية"، وهناك العديد من الأمراض التي يستطيع العلاج بالحجامة القضاء عليها، بناءً على تجاربه الشخصية، مثل علاج حالات الصداع النصفي، وحالات تأخر الإنجاب.
وأضاف محمود في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر"، أن الدورات التدريبية بالأكاديمية يحضرها العديد من الأطباء للاطلاع على الطرق العلاجية البديلة لربطها بالطرق العلمية التي درسوها، لزيادة مدى الاستفادة، مشيرا الى أن الذين يقدمون للحصول على دورة الحجامة لا تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وأن نسبة إقبال الشباب نادرة جداً.
وأوضح الشيخ إسماعيل أن الأكاديمية تعطي الحاصلين على الدورة شهادة معتمدة من وزارة الخارجية، لتمكنهم من ممارسة هذا النشاط خارج حدود البلاد في حالة تطلب الأمر حيث يبلغ ثمن الدورة شاملة الشهادة 1000 جنيها، وأشار إلى ضرورة التفرقة بين العلاج بالحجامة، وطرق أخرى، مثل الإفراط في الدم، والذي يعتبر حراما شرعا لأنه يتسبب في سفك الدماء على حد قوله.
كما تواصل "دوت مصر" مع عدد من المراكز المُعلن عنها عبر مواقع التواصل الإجتماعي وغيره، حيث يرد أحد الشيوخ ليؤكد أهمية وفاعلية العلاج بالحجامة، في محاولة لإقناع المتصل بالقدوم، وأخذ الكورس التدريبي، وإيهامه بالحصول على شهادة خبرة معتمدة يمكنه بها أن يمارس العلاج بالحجامة فيما بعد.
كما يؤكدون أن هذه الطرق غرضها مساعدة عباد الله، ويستخدمون العديد من العبارات الدينية، وتختلف أسعار الدورات من مكان لآخر، كما توجد إعلانات عن العلاج المجاني لغير القادرين.
"الصحة" : لا وجود لهذه المراكز ونعتبرها مثل الدجالين
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور حسام عبد الغفار، أن لا وجود لمراكز كهذه تتبع وزارة الصحة، لكن اختصاصاتها يتبع الإدارة العامة للعلاج الحر التابعة للوزارة.
وأضاف عبد الغفار في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر": لا توجد لدينا تراخيص لمثل هذه المراكز غير المعترف بها محليا أو عالميا"، مشيراً إلى حتمية التصدي لها والقضاء عليها حال وجودها.
كما أكد مدير الإدارة العامة للعلاج الحر التابعة لوزارة الصحة، الدكتور صابر غنيم، عدم وجود مراكز للعلاج بالحجامة وتعليمها بمصر، وأن من يقوم بذلك يقوم به بصفة غير قانونية مضيفا: "مثلهم مثل الدجالين".
وأضاف غنيم في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر"، أنه لا يوجد مركز في مصر يعلن عن تبنيه للعلاج بهذه الطريقة علنا، وأنه إذا تواجدت فيتم العمل بها "تحت السلم" على حد تعبيره، مشيرا إلى أن هذه الطرق ليس لها أساس من الصحة وأنها عملية نصب كاملة تستهدف المواطنين غير المتعلمين، والفقراء الذين لا يستطيعون توفير ثمن العلاج باهظ الثمن، فيلجئون لمثل هذه الحيل التي ليس لها أساس من الصحة.
وفي النهاية فإن ا?ستمرار في الاعتقاد بجدوى ممارسة الحجامة غير معترف به، ولا يصلح لهذا العصر الذي لا يحتمل الخرافات، فجميع دول العالم تبحث عن كل ما هو جديد ومبتكر لعلاج الأمراض الشديدة، وبعض الأشخاص لا يزالوا يتوهمون نجاح هذه الأفكار والتقاليد القديمة.