في منتصف السبعينيات، فوجئ سلطان المنشدين الشيخ أحمد التوني بشاب بدأ نجمه يبزغ لينافسه، شاب كان عمره لم يبلغ الخامسة والعشرين، لكنه بدأ يجذب أسماع وقلوب المتصوفة إليه، كان هذا الشاب هو ياسين التهامي.

اعتمد التهامي طريقة جديدة في الإنشاد الديني خالف بيها التوني، فارتقى بالإنشاد الديني الشعبي من حيز الأسلوب الدارج واللغة العامية، إلى إنشاد أفخم وأبلغ وأنشد قصائد المديح النبوي والعشق الإلهي لكبار أئمة التصوف من أمثال عمر بن الفارض ومنصور الحلاج ومحيي الدين بن عربي وغيرهم.

النشأة الصوفية

نشأ ياسين في صعيد مصر، فهو من مواليد 1949 بقرية الحواتكة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، وعاش في جو ديني في عائلة محافظة، في قرية كان معظم أهلها من المنتسبين للطرق الصوفية، ويعد المتصوفة والده الشيخ تهامي حسنين من الصالحين، جعله يحفظ القرآن ويجوده، ليقوم لسانه ولغته على أفضل وجه، ثم التحق بالمعهد الأزهري فاستمر يدرس فيه حتى السنة الثانية الثانوية، ثم انقطع عن التعليم وقتها ولم تعرف الأسباب.

الليالي اليتمية

في عام 1973 دخل ياسين للإنشاد الديني بقوة لينافس أعتى المنشدين وقتها وسلطانهم التوني، واستطاع بعد سنوات قليلة أن يتربع على عرش الإنشاد الديني المصري، حتى لقب بـ"شيخ المنشدين"، وأصبحت تخصص له ليلة بعد الموالد الكبرى ليقوم فيها بحفلته، وسميت هذه الليالي بـ"اليتيمة"، لأن اليتم في اللغة هو التفرد والتميز، ولذلك فإن المتصوفة يفسرون قول الله تعالى للنبي "أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى"، أي وجدك فرديا فاصفطاك وآواك.

أيام الموالد تنتهي، لكن يبقى يوم ياسين هو "اليوم المشهود"، فحفلات "مطلع الفجر"، التي يقيمها بعد انتهاء الموالد بيوم تبدأ مع منتصف الليلة وتنتهي مع صلاة الفجر، تهيم فيها قلوب العاشقين، وتتمايل فيها أجساد المتصوفين، وكأن ياسين يشدو في أرواحهم قبل مسامعهم.

ريمكسات التهامي

محاولة من أحباب التهامي لجذب فئة الشباب إلى الإنشاد الصوفي، أصدروا عدة مقطوعات له على مواقع الإنترنت، بعد عمل "إعادة توزيع الألحان"، أو ما يعرف بالـ"ريمكسات"، تم دمج صوت التهامي وآلات فرقته، مع الموسيقى الشعبية المتداولة بين الشباب، وكان أشهرها وأوسعها انتشارا قصيدة "أكاد من فرط الجمال أذوب".

عصفور التهامي

للتدليل من المتصوفة على أن صوت ياسين أحد أسباب تحفيز الأجساد على التمايل في الذكر، نشروا عبر مواقع الإنترنت فيديو شهير بعنوان "عصفور التهامي" لطائر يتمايل كما الذاكرين على صوت التهامي.

في السياسة

أول محاولة لاستخدام التهامي في الدعاية الانتخابية كانت الشهر الماضي، عندما أعلن أمين عام حزب المحافظين شريف حمودة، تنظيم ليلة محمدية للشيخ ياسين التهامي، المنشد الديني، بمنطقة الزلزال بالمقطم، بالتزامن مع احتفالات المولد النبوي الشريف، وحضر الليلة عدد من قيادات الحزبية والسياسية، منها القيادي الإخواني المنشق ثروت الخرباوي.

توريث الإنشاد

عندما كبر ياسين في السن، وزاد الطلب عليه، بدأ والداه (محمد ومحمود) الاقتداء به، فدخلا عالم الإنشاد، وأصبحت أسماؤهم لامعة مثل والدهما، وباتا نجمين عند العاشقين كما والدهما.