التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 01:45 م , بتوقيت القاهرة

التعاون النووي مع روسيا

<p>القرار المصريّ بأن تتولى روسيا بناء المفاعل النووي المصريّ لتوليد الكهرباء بمنطقة "الضبعة"، قد يكون نابعا من بعض الاعتبارات الفنية مثل الخبرة الروسية في هذا المجال، أو سابق التعاون في بناء المفاعل النووي بأنشاص في الستينات، أو تسهيلات مالية تقدمها روسيا لتمويل المشروع.</p><p>إلا أنه لا يُمكن إغفال أن القرار المصري بهذا الشأن هو قرار سياسيّ بالأساس، ويتضمن العديد من الدلالات والنتائج الاستراتيجية.</p><p><span style="color:#FF0000;">أول هذه الدلالات</span> يتعلق بأن مصر تأخذ العلاقات مع روسيا مأخذ الجد، ولا تستخدمها كمجرد ورقة للضغط أو التساوم مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما اعتقد المسؤولون الروس لسنوات طويلة سابقة.</p><p>مشروع المفاعل النووي المصري سوف يخلق مسارا حقيقيا وطويل المدى للتعاون بين البلدين، مسارا مستقلا عن التفاعلات مع أي دولة أخرى.</p><p><span style="color:#FF0000;">الدلالة الثانية</span> تتعلق بتفضيل مصر للعرض الروسي على عروض أخرى قدمتها شركات غربية، وهو ما يعني ثقة أكبر في الشريك الروسي، واهتزاز الثقة في عدد من الدول الغربية نتيجة لموقفها من مصر في مرحلة ما بعد 30 يونيو 2013.</p><p><span style="color:#FF0000;">الدلالة الثالثة</span> تعكس التخوف من قيام الغرب بتسييس البرنامج النووي المصري، وربط التعاون بشأنه بشروط سياسية أو الانسحاب المفاجئ تحت ضغوط دولية.</p><p>وأمام مصر في هذا الصدد التجربة الإيرانية في بناء مفاعلها النووي المعروف بمفاعل "بوشهر"، الذي بدأ العمل به في السبعينات بواسطة مجموعة شركات ألمانية، ولكنّها انسحبت من المشروع نتيجة للضغوط الغربية في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979.</p><p>وظل المشروع مجمدا حتى قامت إيران بتوقيع اتفاق جديد مع روسيا لبناء المفاعل، والذي افتتح رسميا في سبتمبر 2001، وقامت روسيا بذلك دون أي شروط سياسية، ولم تستجب لأي ضغوط لوقف العمل في هذا المشروع.</p><p>والواقع أن مؤسسة "روس أتوم" الروسية التي قامت ببناء المفاعل الإيراني في "بوشهر" هي التي ستتولى بناء المفاعل المصري في الضبعة.</p><p>هذا الموقف الروسي الذي لا يُسيس التعاون النووي دفع دول أخرى للاستعانة بها في مشاريعها النووية السلمية، ومنها الهند التي أعلنت في ديسمبر الماضي وأثناء زيارة الرئيس بوتين لنيودلهي، أنها ستبني عشرة مفاعلات نووية إضافية بالتعاون مع روسيا.</p><p>أحد دوافع القرار المصري أيضا، هو أن الاتفاق مع روسيا لا يتعلق فقط ببناء المحطة النووية، ولكن يشمل أيضا تدريب الكوادر الفنية وتطوير البحوث العلمية في هذا المجال.</p><p>قرار التعاون النووي مع روسيا يمثل نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، وسوف يترتب عليه نتائج استراتيجية هامة ليس فقط على المستوى الثنائي، ولكن أيضا على مستوى إقليم الشرق الأوسط.</p><p> </p><p> </p>