طعن بعدم دستورية مادة "البلطجة" في قانون العقوبات
تقدم المحامي إسلام خليفة، وكيلا عن أحمد محمد الخطيب، المحبوس بليمان أبو زعبل، بدعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والنائب العام أمام المحكمة الدستورية العليا، اليوم الأحد، حملت رقم13 لسنة 37 قضائية دستورية، للطعن بعدم دستورية المادة 375 مكرر، المسماة بـ"البلطجة"، الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011، بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937.
وتعد المادة المطعون عليها بعدم الدستورية، السبب في حصول أغلب المتظاهرين على أحكام مشددة، أكثر من المنصوص عليها في قانون التظاهر.
وقائع القضية
اتهمت النيابة العامة عبدالتواب علي، وتامر علي، ومحمد فؤاد، وأحمد محمد الخطيب، ومحمد عبدالخالق، ووائل شحاتة وعبدالرحمن سيد، في الجناية رقم 5228 لسنة 2014 جنايات المعادي، والمقيدة بر قم 570 لسنة 2014 كلي المعادي، برقم 94 لسنة 2014 حصر تحقيق جنوب القاهرة، بأنهم يوم 25 يناير من العام الماضي بدائرة قسم شرطة المعادي، أحرزوا وآخرون مجهولون مفرقعات قبل الحصول على ترخيص، كما اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر من أكثر من 5 أشخاص من شأنه جعل السلم العام في خطر، كان الغرض منه ارتكاب جرائم ا?عتداء على الأشخاص والممتلكات العامة، ونظموا وآخرون تظاهرة غير مخطر بها.
وتم تداول القضية أمام محكمة جنايات القاهرة، وبجلسة 12 نوفمبر الماضي، أبدى دفاع المتهم الرابع، بعدم دستورية مادة البلطجة، وصرحت المحكمة له باتخاذ إجراءات إقامة الدعوى الدستورية.
نص مادة "البلطجة"
تنص المادة 375 مكرر على، "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد واردة في نص آخر، يعاقب بالحبس مدة ? تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير، باستعراض القوة، أو التلويح بالعنف، أو التهديد بأيهما، أو استخدامه ضد المجني عليه، أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به، أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله، أو الحصول على منفعة منه، أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه، أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على ا?متناع، أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات، أو مقاومة السلطات، أو منع تنفيذ الأحكام أو الأوامر، أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ، أو تكدير الأمن أو السكينة العامة ,متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجنى عليه، أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته، أو تعريض حياته أو سلامته للخطر، أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه، أوالمساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.
وتكون العقوبة الحبس مدة ? تقل سنتين و? تجاوز 5 سنوات، إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر أو بحمل أي أسلحة أو عصى أو آ?ت، أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية، أو مخدرات أو منومة أو أي مواد أخرى ضارة، إذا وقع الفعل على أنثى أو على من يبلغ 19 عاما. ويقضي في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة، مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها.
غموض النص
قالت الدعوى التي حصل على نصها "دوت مصر"، إن "نص تجريم البلطجة الذي ارتكن عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لإعادة الأمن في الشارع المصري، اتسم بالغموض، وخالف ضمانات دستورية عديدة أقرت لحماية الحقوق الأساسية للمواطنين، وعصف بالأمن الفردي والقانوني، كما أودى بسلطة القاضي في تفريد العقوبة، ليصبح تطبيق النص انتقائيا خاضعا ?عتبارات شخصية، ? يمكن معها صون أمن الأفراد أو كفالة حرياتهم".
مخالفته للضوابط الدستورية
وفنّدت الدعوى أسباب تعارض النص مع الضوابط الدستورية لنصوص التجريم، "النص خالف الأصول المستقرة في التشريع الجنائي، التي توجب حصر الأفعال المجرمة على نحو واضح ومحدد، وأ? يتصف التجريم باتساع بحيث يكون مترامي الأطراف، على نحو يتعذر معه تحديده، فبالرغم أن النص حصر الفعل المادي للبلطجة في أربع صور، إ? أن ذلك الحصر ? يسمن و? يغني من جوع، وبالتالي فالنص جاءت صياغته واسعة، يمكن تحميلها بأكثر من معنى، وتتعدد تأويلاتها إذ ترك تحديد استعراض القوة والتلويح بالعنف والتهديد بأيهما، واستخدام أيهما لتأويلات مختلفة.
وأشارت الدعوى إلى أنه "? يجوز للمشرع الجنائي أن يعاقب عى النوايا وا?فكار، وهو ما خالفه النص في استخدام تعبيرات التلويح بالعنف، فالتلويح هو الإشارة خفية أو التلميح، حيث ? يمكن التوغل بضمائر الأشخاص والتثبت من وقوع إشارات أو تلميحات خفية من عدمه، كما أن جريمة البلطجة تعد من الجرائم العمدية، فكيف يمكن إثبات القصد المادي إذا كان ? يستطيع تحديد السلوك المجرم ذاته".
ولفتت إلى أن "المشرع جانبه التوفيق في استخدامه تعبيرات كتكدير الأمن والسكينة العامة، فهما يتسمان بالمرونة وا?تساع بل والغموض ويستعصيان على التحديد، ففكرة تكدير الأمن أو السكينة العامة هي نسبية تتغير بتغير الزمان والمكان والفلسفة السياسية وا?جتماعية التي تسود المجتمع، ومن ثم فهي فكرة يصعب تحديد مدلولها أو الوقوف على محتواها، وكان الأفضل للنص التجريمي أن يبتعد عن استخدام تعبيرات مختلف على تحديدها أو تتصف بالغموض".
تفريد العقوبة
أكدت الدعوى أن النص المطعون عليه يخل بالمساواة بين المتهمين، رغم وحدة الأفعال المرتكبة، وهذا الإخلال دون سبب واضح، فجاء النص مطابقا في ركنه المادي وقصده الخاص لجرائم عدة فالفعل نفسه، قد ينسب لمتهم جناية كما في الإرهاب ولمتهم آخر بجنحة البلطجة.
وأضافت أن "النص جاء مشوبا بعيب عدم الدستورية، لإهداره عمليا وضمنيا سلطة القاضي في تفريد العقوبة، وهي جوهر الوظيفة القضائية بأن منع القاضي من أعمال أحكام المادتين 55 و56 المنصوص عليهمت بالباب الثامن من الكتاب الأول من قانون العقوبات، بإيقاف تنفيذ العقوبة إن صادف لذلك محلا، بعد تمحيص ظروف الدعوى والمتهم فيها، حيث رفع المشرع الحد الأدني للعقوبة المقررة بالمادة الطعينة بفقرتها الثانية "الحبس مدة ? تقل عن سنتين"، لتخرج عن نطاق العقوبات التي يملك القاضي إيقافها، حال إن من شرائط أحكام المادتين السابقتين، أن تكون العقوبة المقضي بها "? تقل على سنة"، بما يعد تدخلا من المشرع في شؤون العدالة، وبما يوقع النص في حماية عدم الدستورية".
ورفضت الدعوى المبرر لذلك، المتمثل في أن فقرة العقوبة تعدد الظروف المشددة للجريمة، "?ن ذلك مردود عليه بأن الظروف المشددة أمارة على خطورة مرتكب الجريمة، بما قد يتطلب معاملته بالشدة، لكن هذه الأمارة خاضعة لتقدير المحكمة، وفقا لظروف كل واقعة وكل شخص على حدة، وأن الأصل في العقوبة تفريدها وليس تعميمها".
مراقبة الشرطة
وكذلك دفعت الدعوى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من مادة البلطجة، التي نصت على وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة، بسبب معارضتها لإفتراض البراءة بناء على احتمال عودته للإجرام، فضلا عن انها تحرم القاضي من سلطته في تفريد العقوبتين الحبس والمراقبة، فالقاضي ملزم وفقا للمادة بأن يقضي في حكمه بعقوبة المراقبة التكميلية الوجوبية لمدة مساوية لعقوبة الحبس الأصلية، دون النظر للحالة الشخصية للمحكوم عليه، وبغير مراعاة للتناسب مع جسامة الجريمة كما وقعت، حيث يمتنع على القاضي إذا حكم بالحبس، وفقا للمادة أن يتدخل في الحكم ذاته بتخفيف هذه المراقبة، أو حتى إلغاؤها، لأن المشرع ألزمه بمساواة المدتين بين العقوبة الأصلية والعقوبة التكميلية.
واستطردت الدعوى: "المادة المطعون عليها تخالف مباديء المساواة والعدل وتكافؤ الفرص، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وافتراض براءة المتهم والمحاكمة العادلة، المنصوص عليها في المواد 4 و5 و9 و51 و53 و54 و59 و92 و94 و95 و1/96 و1/99 و184 و186 من دستور 2014.