التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 07:22 م , بتوقيت القاهرة

المغرب.. والهجرة إلى الجنوب

أعلن المغرب عن نتائج عملية استثنائية ضخمة لتسوية أوضاع المهاجرين تم تنفيذها في إطار تجربة تحظى بمتابعة دولية بالنظر إلي كونها تقدم إجابة حقوقية وإنسانية على محور الهجرة جنوب- جنوب، وتمنح الأمل لآلاف المهاجرين واللاجئين في الاندماج المهني والاجتماعي، وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.


فبعد أن جرت العادة على طرح قضية المهاجرين غير القانونيين واللاجئين في اتجاه الجنوب- الشمال، شكل المغرب نموذجا لتحول بلدان نامية من دول عبور إلى دول استقبال، أمام عجز عشرات الآلاف من المهاجرين عن الوصول إلى الضفة الجنوبية لأوروبا، ما حفز المملكة على إعلان سياسة استباقية للهجرة تقوم على تسوية واسعة لأوضاع الآلاف من المهاجرين، جلهم من إفريقيا وجنوب الصحراء، وبعضهم من مناطق الحروب مثل سوريا.


يذكر أن المجلس القومي لحقوق الإنسان أصدر في سبتمبر/أيلول 2013  تقريرا حول الهجرة بالمغرب دعا فيه بشكل خاص إلى"بلورة وتنفيذ سياسة عمومية فعلية في مجال الهجرة، ضامنة لحماية الحقوق ومرتكزة على التعاون الدولي وقائمة على إدماج المجتمع المدني". وأكد الملك بعد اطلاعه على التقرير ضرورة التعاطي مع إشكالية الهجرة بطريقة إنسانية وشاملة، وفي التزام بمقتضيات القانون الدولي ووفق مقاربة متجددة للتعاون متعدد الأطراف.


وجرت عملية التسوية التي حظيت بإشادة المجتمع الدولي على مدى سنة 2014 (من يناير/كانون الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول)، بعد الاستجابة لأكثر من 16 ألف طلب تسوية من مجموع 27 ألفا، مع ملاحظة أن غالبية عمليات التسوية شملت نساء (9202 تسوية). واحتل السينغاليون صدارة قائمة طلبات التسوية بـ24.15% يليهم السوريون (19.2%) ثم النيجيريون (8.71%) وذلك من مجموع 116 جنسية.


وسجل المجلس القومي لحقوق الإنسان عددا من الاختلالات التي شابت عمليات التسوية عبر المناطق من ناحية منهج انتقاء الملفات الذي تسبب في رفض العديد منها، وصعوبة التواصل اللغوي مع المهاجرين الناطقين بالإنجليزية بسبب نقص المترجمين في عين المكان، وعدم ضبط الموظفين أحيانا لمساطر التسوية وغياب المرونة في تدبير الطلبات.


كما سجل المجلس صعوبات مرتبطة بعدم منح المشغلين رخص الشغل لمستخدميهم من المهاجرين، وصعوبة إثبات الاقامة في المغرب لمدة زمنية محددة، وعدم تعاون بعض السفارات في تسليم وثائق الهوية لمواطنيها، فضلا عن تخوف مهاجري جنوب الصحراء من التقدم بطلباتهم خشية التعرض للترحيل.


ووصف رئيس المجلس، أدريس اليازمي، عملية التسوية بأنها "تاريخية"، في ظل التحول الذي تعرفه ظاهرة الهجرة المعولمة من التمركز في اتجاه جنوب-شمال لتشمل أيضا الهجرة جنوب- جنوب. وأكد ريادة المملكة في هذا الصعيد، إلى جانب تجارب قليلة لم تكلل بالنجاح على غرار جنوب إفريقيا والأرجنتين.


غير أن اليازمي شدد على أن نجاح العملية في صيرورتها يظل رهينا بانخراط جمعيات المجتمع المدني التي أبرز مسؤوليتها، الى جانب الحكومة، في النهوض بمسلسل الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمهاجرين واللاجئين في النسيج القومي المغربي.


وبغض النظر عن الجانب الرسمي، تزايد اهتمام المنظمات الحقوقية المغربية بأوضاع المهاجرين غير القانونيين، خصوصا من زاوية مظاهر التمييز والعنصرية، التي تلاحظ أن جل ضحاياها من الأفارقة السود من جنوب الصحراء.


وفي هذا الصدد، أطلقت الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين، وجمعية "الأيادي المتضامنة" مشروعين لفائدة المهاجرين بالمغرب. يتعلق المشروع الأول ببرنامج الإدماج الاجتماعي والتربوي والثقافي للمهاجرين، فيما يتعلق المشروع الثاني بتقديم المساعدات الإنسانية. وسيتم تدبير البرنامجين وتتبعهما من قبل مركز للتوجيه والإرشاد للمهاجرين في بلدة مرتيل (شمال المغرب).