صفوت الشريف.. رحلة "الرجل الثاني" تنتهي بـ"الاختفاء"
قامت ثورة 25 يناير على نظام بأكمله لمحاسبتهم، منهم من استسلم للانزواء بعد خروجه من المحاكمة ومنهم من لا زال يبحث عن المنصب والجاه مرة أخرى، أحد هؤلاء صفوت الشريف.. الرجل الثاني في مصر لفترة طويلة، أحد الأعضاء المؤسسين للحزب الوطني (المنحل) في عام 1977، وأحد الشخصيات التي قامت عليهم ثورة يناير 2011، وتم اتهامه في عدة قضايا منها الكسب غير المشروع وقتل المتظاهرين، وفي فبراير 2013 تم إخلاء سبيله بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه، ومنذ خروجه من السجن اختفي تمام من المشهد السياسي فلم يظهر في أي المناسبات سواء اجتماعيا أو سياسيا.
اللغز المحير
شغل منصب الأمين العام للحزب من 2002 إلى 2011، وكان وزيرا للإعلام لمدة 22 عاما من عام 1982 إلى 2004، ثم رئيسا لمجلس الشورى بالتعيين حتى قيام ثورة 25 يناير 2011، ويعد لغزا في الحياة السياسية، وهو ما دفع بعض السياسيين للتساؤل ما وراء احتفاظه بموقعه المتقدم في الدائرة المحيطة بمبارك منذ مجيئه إلى السلطة عام 1981 وحتى قيام الثورة في يناير 2011، وهو أحد أفراد "الحرس القديم" بالوطني المنحل، وأقاله مبارك من منصبه كأمين عام للحزب الحاكم في الخامس من فبراير 2011 وعين بدلا عنه حسام بدراوي الذي استقال لاحقا.
كان الشريف يمتلك جميع خيوط اللعبة السياسية، وكان يحرك الأحداث كيفما يشاء، وكان يسعى طوال فترته في الحياة السياسية للحفاظ على استقرار الحياة السياسية كما هي دون إصلاح، وأجهض جميع المحاولات التي بذلتها قوى المعارضة لميلاد دستور جديد، حتى عندما قرر النظام أن يحدث بعض التعديلات الدستورية عام 2007 وكان له يد قوية في التعديلات، وذلك حسبما ذكر وزير الإسكان الأسبق حسب الله الكفراوي في أحدي المداخلات التليفزيونية، إن الرئيس الأسبق حسني مبارك رفض أن يقيل صفوت الشريف من الوزارة وقال لي "صفوت لا"
عمل الشريف ضابطا بالمخابرات في فترة صلاح نصر وحسن عليش وتمت محاكمته في قضية انحراف المخابرات عام 1968 بعد النكسة مباشرة، وكان وقتها برتبه مقدم وتمت إقالته وأعاده السادات مرة أخرى بتعيينه في الهيئة العامة للاستعلامات، ثم قفز بسرعة الصاروخ إلى أن وصل إلى وكيل الهيئة العامة ثم رئيس الهيئة ومن ثم وزيرا للإعلام.
السيطرة على الحياة السياسية
وكما ذكر الكاتب الصحفي عادل حمودة، فإن "الشريف" قد سيطر سيطرة تامة على الحزب الوطني والحياة السياسية ونجا ما حدث داخل الحزب من قدوم عدد من الوجوه الجديدة، والتي نجحت في القضاء على ما عرف بالحرس القديم، وهو ما جعله يستحدث أمانة السياسيات داخل الحزب الوطني وأن يتولاها جمال مبارك محققا مكاسب أكبر ساهمت في توسيع نفوذه.
إلا أنه لم يعط أسرار الطبخة والمهنة التي يحتفظ بها إلى أيا من رجال الحرس الجديد، وهو ما جعل أمين التنظيم بالحزب الوطني أحمد عز يستسلم أمام الشريف وتحركاته داخل الحزب.
نيو لوك مجلس الشورى
استغل صفوت الشريف رئاسته للمجلس الأعلى للصحافة ولجنة شؤون الأحزاب في الموافقة على عدد من الصحف والأحزب في سنوات 2004 و2005 و2006، معتبرا أن ذلك يسهم في منح مساحة من الحرية لتفريغ الكبت لدى الشعب بالأضافة إلى الأحتفاظ بأواصر قريبة تغلب عليها المصلحة مع الأحزاب السياسية، وأنتصر في معركته مع الحرس الجديد في الحزب الوطني، الذين ساهموا في تركه لوزراة الإعلام وانتقاله للمجلس الشورى، في محاولة منهم لتقليل صلاحيته.
سرعان ما استغل الشريف انتقاله لمجلس الشورى في عمل نيولوك جديد للمجلس، مستغلا منصبه في السماح بترخيص أحزاب ومنع أخري، حتى يبقى في دائرة الضوء وصنع القرار، ولكن فترة السماح التي كانت ممنوحة للتصريح بخروج أحزاب وصحف انتهت بعد أن وجد أن النظام أصابه الصداع من تعدد هذه الصحف.
كلف مبارك الشريف بعقد حوار مع أحزاب المعارضة، وعقد معهم لقاءات ومؤتمرات لم تجد بنتيجة، وكان يصر على الدفاع عن سياسات الوطني، ورفض الحلول التي طرحت من أحزاب المعارضة لعلاج التشوهات الموجودة في الحياة السياسية، ولم يستجب لأي مطالب طرحت في ذلك الوقت.
سقوط الإمبراطور
مع قيام ثورة يناير قضت على إمبراطور السياسية والرجل الثاني في مصر، وتمت محاكمته في قضايا عدة، منها الكسب غير المشروع، وقضية قتل المتظاهرين، إلا أنه تم تبرئته في قضية قتل المتظاهرين والتي عرفت إعلاميا بـ"موقعة الجمل"، وفي فبراير 2013 تم إخلاء سبيله بكفالة 50 ألف جنيه في قضية الكسب غير المشروع، وعقب خروجه اختفي الشريف عن الأنظار تماما، ولم يشارك في أي مناسبة، سواء اجتماعية أو سياسية.