التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 01:50 م , بتوقيت القاهرة

داعش Vs الأزهر.. حروب العقيدة على السوشيال ميديا

من المعلوم عن تنظيم "داعش"، حسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، سواءً للترويج لما يقوم به من ذبح للصحفيين أو تنفيذا للحدود التي يطبقها في المناطق التي تخضع لسيطرته العسكرية، ومنذ ظهور "داعش" فقد شاهدنا للمرة الأولى حسابات موثقة لمقاتلين ميدانيين يفخرون بما يمارسون من مجازر ضد الدين والإنسانية، حالة الفزع التي تسيطر على الغرب من جراء تلك التصرفات جزءا من التأثير النفسي الذي يعتمد عليه التنظيم في خلق صورة ذهنية له، باعتباره تنظيما غير قابل للهزيمة ولا يتردد في الفتك بأعدائه.  

 


ويقع على عاتق  مؤسسة الأزهر مسؤولية تاريخية في الانتصار للصورة الصحيحة للدين الإسلامي، سواء بنشر مفاهيمه المعتدلة، أو بتدارك ما لحق به من ضرر جراء تصرفات بعض الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا لتصرفات همجية، وذلك كونه المؤسسة الإسلامية التي تحظى باعتراف الجميع، بصفتها حاملا للواء الدين الإسلامي المعتدل.

 

وتكاملا مع دعوى إطلاق السيسي مبادرة تجديد الخطاب الديني، تخوض مؤسسة الأزهر حربا إلكنترونية مع تنظيم "المنشقون عن القاعدة" المعروف باسم "داعش"، وبداية تلك الحرب كانت محاولة لنزع القداسة عن التنظيم الإرهابي.


معركة الأسماء: قل "المنشقون عن القاعدة"

قديما، قال العرب: "لكل منا نصيبا من اسمه"، والأسماء تشكل عنوانا للهوية، لذا يحرص تنظيم داعش على مطالبة كل صحفي غربي يحاول التواصل معهم إطلاق اسم "الدولة الإسلامية" عليهم، محذرين إياه من أن يسميهم "داعش"، ومن هنا انتشر الاسم بالصحف العالمية، وانتصر التنظيم في فرض صورة نمطية داخل عقول المتابعين، وذلك وفق تقارير صحفية انتشرت مؤخرا، وهو ما يؤكد حرص الدواعش علي ربط تصرفاتهم أيا كانت كجزء من الدين الإسلامي.

 

 

مؤخرا، دخل الأزهر على الخط، ممثلا في مبادرة تبنتها دار الإفتاء المصرية، التي أطلقت حملة عالمية، مخاطبة كل دول الغرب ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية، للحث على عدم إطلاق مسمى "الدولة الإسلامية" على تنظيم "داعش"، واستبداله بـ "المنشقون عن القاعدة"، في محاولة للتأكيد على أن تصرفاته لا تمت للإسلام بصلة، ومن الجهة الأخرى التذكير بروافد داعش الفكرية.

 

 

وهي الدعوى التي لاقت استحسانا كبيرا، خاصة على موقع "فيس بوك"، حيث انضم للصفحة التي تأسست للترويج للدعوة -حتي كتابة التقرير- 13 ألف و500 مشارك. تلك معركة انتزاع القداسة على تنظيم يتصرف، كمن بُعث ليعيد للدين هيبته، خاصة مع وجود خليفة يتخذ من المنابر أداة توطيد سلطاته السياسية.

اسألو أهل الذكر

أمس الاثنين، اجتمع شيخ الأزهر، أحمد الطيب، مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لبحث سبل التعاون في مواجهة تنظيم "داعش" أو "المنشقون عن القاعدة"، وعي الأزهر وعلمائه جعلهم يستوعبون درس ثوار يناير، حول الأثر الذي من الممكن أن تحدثه السوشيال ميديا، خاصة إذا أخذ في الاعتبار عدد المستخدمين اليوم لخدمات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

 
 
 

لمؤسسة الأزهر الآن صفحة للتواصل على "فيس بوك"، ولدار الإفتاء المصرية حساب نشط على "فيس بوك" أيضا وتويتر، حيث يحظى حساب الدار - حتى الآن- بإعجاب مليون شخص و200 ألف تقريبا، وهناك صفحة خاصة بالمركز الإعلامي للتواصل مع الصحفيين، كذلك صفحات خاصة بالمستشار الإعلامي للمفتي، إبراهيم نجم، وصفحة خاصة بمفتي الجمهورية.

 
 

تسعى مؤسسات الأزهر والإفتاء في مصر، اليوم، لطرح مفهوم جديد للفتوى، من خلال خدمة الإفتاء الإلكترونية على الموقع الرسمي الناطق بـ8 لغات، وللتواصل مع جمهور أوسع، من خلال نشر وتحديث حساب "فيس بوك"، حول العبادات كالفتاوى الموسمية في الزكاة والأضحية، وفتاوى تتعلق بالسلوكيات الواجب إتباعها، يصدرها المفتي، أو حين السؤال في أمر من أمور الدين، وهي تؤكد دوما الحرص على أمانة النقل.

 

تنبيه الفتوي.PNG


 

على الجانب الآخر، تحرص الحسابات التابعة لـ"داعش"، خاصة على "تويتر"، جذب وتجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب المسلم لضمه، وقد تبدو تلك الطريقة غير فاعلة في نظر البعض، لكن بقليل من دغدغة مشاعر الشباب ومناصرته لقضايا قومية مثل "محاربة اليهود والأمريكان"، واستدعاء صورة دولة الخلافة في عصرها الذهبي، يتمكن الدواعش من الحصول على ضالتهم، وخصوصا بين الشباب حديث التدين في بلاد مثل فرنسا وأمريكا.

 

العند لا يورث إلا الكفر، والكفر قد لا يعني رفض الله أو الدين، ولكن رفض بعض الممارسات التي يروج لها أتباع ذلك الدين، نموذج صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية، خير دليل على ما الأثر الذي يحاول الأزهر تداركه، خاصة مع حرص تنظيمات مدعومة بخبرات شبه مخابراتية، على نشر صورة غاية في التشدد، سيكون مردودها في النهاية نفور الناس من الدين، رفضا للسلوكيات غير الأدمية.

 

 

من هنا يأتي دور مؤسسة الأزهر في استعادة الفهم الصحيح لذلك الدين، الذي نص على "التبشير وليس التنفير، التيسير وليس التعسير"، كما أوصانا رسولنا الكريم.