التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 12:50 ص , بتوقيت القاهرة

داعش تحت السرير

أيْ نعم، ابحث عنها جيداً، قد تجدها مُختبئة تحت فراشك، أو في دولاب الملابس، ربما في خزانة الطعام، أو في غرفة المعيشة.


داعش "فكر" يعيش فينا، لا فكر تحمله رياح الصحراء وحسب.


لو أن "داعش" حالة عابرة، تحدٍ أمام أمن الدول التي دخلتها أو تهددها بالدخول، أو حتى دول الغرب التي تذوق الآن طعم ما ظنت أنه بعيدًا عنها؛ لكان الأمر أهون.


إن داعش بوضوح، هي كل ذرة قهر تولّدت فينا نتيجةً لقمع قابلناه في البيت والمدرسة والعمل، في الشارع والقرية والمدينة، في الصغر والشباب والشيخوخة، والأخطر هي كل ذرة قهر تولّدت بفعل قمع تستر برداء الدين، قهر ورثناه في جينات رفضت التفاعل مع التطور الذي تعيشه المجتمعات الراغبة في الأفضل، وقمع لم نتصدَ له،  فولاة الأمر فينا أوهمونا بأن مقاومته هي تعدٍ على حدود الله، وخيانة للوطن، وعقوق للوالدين، وهدم للأسرة!.


داعش هي أسلوب حياة يا سادة، أسلوب يعني أن ترث ما لا يجوز لك نقضه، بطريقة أخرى أن تكون:"حافظ مش فاهم" ! 


داعش نمط يتمثل في "ادعاءك " التمدن دون أن تجرؤ على الاقتراب منه حقيقةً، وفي تصنُّعك التحضر، دون أن تجاهر بأنك قادر على رفض ما لا يناسبك من خيارات المجتمعات الأخرى، فتدعي التشبه بها وما أنت بفاعل، وتدعي سعيك نحو الأفضل وما أنت بمدرك ماذا تريد أصلاً.


داعش هي القدرة على الاستيراد دون التصدير، على الأكل دون الهضم، على العيش "تحصيل حاصل" في عالم لا يعترف سوى بالأقوياء، الأقوياء بالعلم والعمل.


داعش هي كارثة كتب الفقه والتراث التي لا نجرؤ على الاقتراب منها، خوفاً من اللاشىء سوى مواجهة أنفسنا بأن ما ورثناه هو محض عبث في هذا العصر، عصر الفيمتو ثانية لا يزال يحكمه راكبو الناقة، ونحن ورثنا وبجدارة إنكار ذواتنا لصالح من رحلوا لمجرد أنهم سبقونا في الميلاد.


داعش هي المناهج الدينية التى يدرسها أبناؤنا في مدارسهم، ونحن ندرك أنها في أفضل الأحوال لن تُسمن ولن تُغن من جوع، لكننا نُجبرهم على دراستها وتحصيل النجاح لأجل الانتقال لسنوات دراسية أعلى تحمل عبثاً أكبر، ثم يتركون مدارسهم لا يعرفون عن دينهم شيئاً في أفضل الأحوال، أو كارهين له فى أكثر الأحيان. 


داعش هي أن يمر عليك خبر تحويل أجساد الفتيات إلى مفخخات، دون أن يرمش لك جفن، أن تقرأ عن اغتصاب النساء باسم الدين، دون أن تعتبر أن ذلك جريمة في حق الإنسانية، أن يموت الأطفال متجمدين بعد أن كانت بيوتهم تنضح بالدفء، لأن مجرمين ادعوا أنهم يُمثلون الدين؛ دون أن تعتبر أن ذلك جريمةً في حق دينك.


داعش هي أن تكذب وتكذب وتكذب، حتى يطولك الطوفان الذي ظننت أنك منه آمن، لا لشيء سوى أنك توقفت عن استعمال عقلك وضميرك، كمن يُغمض عينيه كى لا يرى الوحش قادم نحوه.  


لو أنك ترغب في أمان حقيقي، يكفيك شر "الدواعش" ، لا تخجل .. طلع داعش اللي جواك، وواجه نفسك بها يمكن تستريح.. وإحنا كمان!.