مصر والمغرب.. محاولات للتهدئة بعد أزمة صنعها الإعلام
في مطلع العام الحالي، فوجئ المصريون بإذاعة التلفزيون المغربي تقريرا يصف فيه ثورة 30 يونيو بأنها "انقلاب عسكري"، وإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قاد انقلابا ضد الرئيس السابق محمد مرسي، والذي اعتبروه العديد من السياسيين المصريين والمغاربة بتغير مفاجئ في السياسة الخارجية المغربية.
صمتت الخارجية المغربية تجاه الأمر، وتركت الساحة الإعلامية لتأويلات وتفسيرات المحللين السياسيين من الطرفين، إضافة إلى الحديث عن انضمام المغرب إلى مسعكر تركيا، الرافض لحكم السيسي، تزامان مع تواجد ملكها في زيارة قصيرة لأنقرة.
"عادية للغاية بتطرقها لمعطيات معروفة أصلا عن الأوضاع بمصر ومتداولة على نطاق واسع " هكذا وصف مدير التواصل للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، كريم السباعي، لموقع "دوت مصر" المادة التي قدمت على القناة الأولى ضمن النشرة الرئيسية للعام الجديد، نافيا إمكانية تقديم التلفزيون المغربي اعتذارا عن التقرير المذاع.
المفاجأة في التقرير التلفزيوني المذاع ليست ناتجة عن كونه يتطرق لمعطيات معروفة عن الأوضاع بمصر أكثر من كونها تغير في السياسة المغربية من النقيض إلى النقيض، ففي يونيو/ حزيران الماضي، أرسل ملك المغرب محمد السادس برقية تهنئة للرئيس المصري، كما حضر وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار حفل التنصيب في القاهرة.
عدم صدور بيان رسمي يقطع الشك باليقين، جعل كل محلل سياسي يفند أسباب هذا التقرير على طريقته، وفي الوقت الذي اختلفت فيه الحجج أجمع المحللون السياسيون على انه لا يعبر عن رأي الحكومة أو العاهل المغربي، فمنهم من اعتبره ردا طبيعيا على إساءات الإعلام المصري للشعب المغربي وملكه ووصفه تارة بأنه شعب يلجأ إلى السحر وترتفع فيه معدلات الإصابة بمرض الإيدز.
في المقابل، وجده آخرون أنه مؤامرة للوقيعة بين الرباط والقاهرة، لتأجيج الخلاف بين البلدين، في الوقت الذي اعتبره فريق ثالث سقطة مهنية لشخص سيتم معاقبته عليها لاحقا.
أما البرلمانيون المغربيون المعارضون فكان لهم وجهة نظر أخرى، حيث اتهموا وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، بالتدخل لبث تقريرين بالتليفزيون المغربي الرسمي، ساهما في الأزمة بين القاهرة والرباط.
لم تترك الساحة الإعلامية طويلا للقيل والقال، حيث قال السفير المغربي في القاهرة، محمد سعد العليمي، في تصريحات صحفية إن ما بثه التلفزيون الرسمي المغربي بشأن بتسمية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقائد الانقلاب العسكري، هو محاولة من شخص غير معروف للوقيعة بين مصر والمغرب.
محاولات للتهدئة من الجانبين لوأد الفتنة والأزمة، ظهرت في إعلان بعض وسائل الإعلام المصرية عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية المصري سامح شكري إلى المغرب لمحاولة نزع فتيل الأزمة وإعادة المياه إلى مجاريها.
في المقابل، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، إن "هناك أطرافا بخلفيات متعددة ومكشوفة تريد المس بصفوة علاقتنا بالقاهرة، من خلال اللعب على كرامة الشعب المغربي ورموزه وقضاياه الحيوية"، وفقا لما ذكرته وكالة "الأناضول" التركية.
أما الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، امباركة بوعيدة، فوصفت التصعيد الإعلامي الذي قادته القناتان العموميتان ضد النظام المصري، عبر وصفه بـ"الانقلابي"، بـ"توتر عابر"، وذلك بحسب موقع "هسبريس" المغربي.
وأضافت بوعيدة في اجتماع لها مع صلاح الدين عبقري، عضو "حكومة الشباب الموازية" في الشؤون الخارجية والتعاون، أن "ما وقع بين المغرب ومصر توتر عابر"، مضيفة: "ما جرى لا يمكن اعتباره أزمة بين البلدين".
عودة السفير المغربي العليمي إلى الرباط أثار تساؤلات لدى المتابعين للأزمة المصرية المغربية الأخيرة، إلا أن السفير المغربي أكد عقب عودته أن زيارته للمغرب كانت بهدف تمضيته احتفالات المولد النبوي مع أسرته.
في المقابل أعلن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أنه بصدد زيارة المغرب في 18 يناير/ كانون الثاني الجاري.