على بعد مئات الكيلومترات من القاهرة، تقبع عزبة مرسال، التابعة لمركز إسنا، في محافظة الأقصر، معزولة عن نور العاصمة وخدماتها، ضحية للفقر  والتجاهل، تحت سطوة وحش كاسر  اسمه "الجزام".

عبر طرقات متهالكة وسط الزراعات تارة، والجبال تارة أخرى، سرنا أكثر من نصف ساعة، حتى وصلنا إلى غايتنا، عزبة مرسال، على بعد 20 كيلومترًا من مركز إسنا،  يقطنها ما يزيد على 600 شخص، جميعهم أبناء عمومة واحدة، هم في الأصل سودانيون، سكنوا العزبة منذ 90 عامًا، وتم تجنيسهم عقب انفصال السودان عن مصر، ويعود نسبهم إلى عبدالله مرسال، وإليه تُنسب العزبة أيضًا.

"دوت مصر"، عايش معاناة أهالي القرية مع الجذام، وقرر يفتح هذا الملف الشائك عبر حلقات متتالية:

الجذام للجميع!

يقول شعبان يوسف، أحد أهالي القرية إن الجذام أصاب اثنين من أبنائه لم يبلغا عامهما العاشر بعد، فعرضهما على أطباء في عيادات خاصة، لأن المستشفيات العامة والحكومية لم تعالجهما، ولم تعطهما الأدوية اللازمة منذ ولادتهما، حتى تفاقمت حالتهما الصحية.

وأضاف يوسف أن المسؤولين لم يزوروا القرية بعد، ولم يعرفوا أيًّا من مشاكلها ومعاناة أهلها، وطالب وزارة الصحة بـ"معالجة أبنائه على نفقة الدولة".

انتقلنا إلى عائلة أخرى، مكونة من ستة أفراد، قال عائلها، طاهر محمد عبيدالله، إنه مريض منذ 8 سنوات بالجذام، إضافة لإصابة جميع أفراد عائلته، وقد عرض نفسه على العديد من المستشفيات الحكومية التي لم تفعل له أي شيء.

وأكد أنه عندما كان يدخل إلى المستشفى، كان يشعر أنه منبوذ، وذكر أنه يشتري الأدوية على نفقته الخاصة طوال هذه المدة، وطالب بحقه في العلاج على نفقة الدولة، ولكن لا أحد يسمعه.

حياة بدائية

يبدو أن مرض الجذام ليس وحده ما يشغل بال أهالي تلك القرية الصغيرة، فقد رصدت كاميرا "دوت مصر"، افتقارها إلى أدنى مقومات الحياة، من غياب الكهرباء إلى تهالك مساكن الأهالي التي تشبه كهوف العصر الحجري، وخلو القرية من وحدة صحية، فمن يمرض عليه أن ينتظر الموت لا سيارات الإسعاف.

عزبة مرسال.. قرية لا تُرى

"لا يعرفوننا، لا يسمعوننا، لا يروننا"، هذا ما اتفق عليه أهالي العزبة، فرغم الأضرار التي ضربت العزبة قبل عامين بسبب تفشي مرض الجذام، إضافة إلى غياب أدنى الخدمات، فإن أحدا من المسؤولين لم يزرهم حتى الآن، وطالبوا الدولة ببحث مطالبهم المشروعة، وتحقيقها قبل فوات الأوان.

ويستمر "دوت مصر"، في تغطية ملف الجذام في عزبة مرسال، وغيرها من القرى بمحافظتي الأقصر وقنا، بالمستندات، لكشف الحقيقة أمام المسؤولين، ودفعهم لاتخاذ خطوات جادة في سبيل إنقاذ أرواح المصريين.