المحكمة الدولية.. هل تتلاشى قضية اغتيال الحريري؟
يعيش لبنان هاجس التخوف من نتائج المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، والجهة التي سيشير إليها قرار الاتهام النهائي، والذي يتردد بين حزب الله ونظام بشار الأسد في سوريا.
فبعد تجديد عمل المحكمة الدولية من قبل الأمم المتحدة لمدة 3 سنوات أخرى، يرى البعض أن هذا مرتبط بالأحداث الإقليمية الجارية، وأن المحكمة ذات خلفية سياسية تسعى لأمر ما في لبنان، في وقت يقول فيه مؤيدون للمحكمة إن استمرارها هو استمرار للعدالة، وإنهاء لحالة السطوة السورية على لبنان.
محاكمة الأسد
يقول المحلل السياسي اللبناني، نبيه برجي: "نحن نعلم أن المحكمة جاءت بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهذا الفصل تعمل المحكمة في ظله، ولكن نحن نعلم أن مثل هذه المحاكم تأخذ وقتا طويلا للبت في القضايا المطروحة أمامها، ونعلم في الوقت نفسه أن المحاكم في هذا النوع ذات خلفيات سياسية باستمرار، وفي نظري، فالسياق الذي تعمل به هذه المحكمة تجاه الحكم الذي سيصدر، يرتبط بجدلية ما، أو سياسة ما، يمكن أن تنعكس على أحكامها".
ويستطرد برجي متابعا: "المحكمة أنشئت لمحاكمة النظام في سوريا، ولكننا نعلم أي وضع كارثي يواجهه النظام في سوريا، وهناك خبراء يقولون إن الأحداث تجاوزت المحكمة الدولية، وفي أوقات متفاوتة كانت هناك اتصالات أو لقاءات حميمة بين سعد الحريري "ولي الدم"، وبشار الأسد، والآن، بالرغم من توجيه الاتهام إلى 5 عناصر من حزب الله، هناك حوار بين تيار المستقبل وحزب الله غدا أو بعد غد، وما أريد قوله إن سياق المحكمة يرتبط بإيقاع سياسي معين، ويمكن أن نصل إلى مرحلة قد تبلغ فيها المحكمة مرحلة النسيان".
وحول النتائج المرتبطة بالمحكمة يقول برجي: "النتائج ستتلاشى بفعل التطورات السياسية، فاليوم وبعد مرور ما يقارب عشر سنوات على اغتيال الحريري لم تعد في لبنان متابعة كبرى للقضية، نحن في لبنان عشنا المناخ السيكولوجي للمحكمة وقت التأسيس، الناس يسألوننا متى ستصدر الأحكام؟ الناس تعتقد أن النتائج ستصدر خلال فترة قصيرة، اليوم تأثير المحكمة وصل إلى حد الاضمحلال، يعطي الأهمية، لا للسياق ولا النتائج.
تلاشي النتائج لمصلحة من؟
يجيب البرجي على السؤال المطروح بالقول، "ليست لمصلحة أحد انتهاء قضية الحريري، لا إذا تكرس الاتهام ضد أحد ولا إذا تلاشى، إذا صدر حكم باتهام حزب الله سيترك آثارا نفسية على العلاقات بين السنة والشيعة، بينما نجتهد لقيام ترابط يتعدى الحوار بين الطرفين، والتي كانت على سبيل المثال، في أيام الرئيس جمال عبد الناصر، كان هناك ترابط عضوي ودراماتيكي بين السنة والشيعة، هناك من اخترع هذه البدعة، لا يمكنك أن تتصور كم التداخل بين السنة والشيعة.
فإذا استمرت المحكمة بهذه الوتيرة، لن تصدر قرارها خلال سنوات، والله أعلم ما هو المشهد في لبنان والمنطقة خلال السنوات القادمة، نحن نعيش داخل إعصار ولا نعلم أين يقودنا ذلك، فهناك تطورات على المستوى البنيوي للمجتمعات وتغير في الخرائط والمحكمة الدولية الخاصة الحريري، تسير على هامش التطورات في المنطقة ولا تؤثر فيها.
تخفيف التشنج
من جانبها، تقول النائبة عن تيار 14 آذار في لبنان، نائلة معوض، "المحكمة الدولية لها أقصى أهمية في حياتنا كلبنانيين، لقد عشنا سنين وأيام تحت الاحتلال السوري، لقد كانوا يقتلون ويعتقلوا أي أحد يقول رأي مخالف لهم، لقد أصبحنا بلا حرية، وأساسا بلادنا مبنية على الحرية، لا نقبل أن نحكم بالعنف والدم.
وتتابع النائبة "على الأقل المحكمة الدولية قدمت أسماء المتهمين بكل تفصيل وجرأة، الشعب اللبناني بجميع أطيافه فهم أن هناك حقائق تعطى والجميع يسمعها ويراها، اللبنانيون اليوم يرون أنه لم يعد هناك جرائم بدون أي عقاب، وهذه المرة الأولى التي تقدم فيها محكمة أسماء تتعلق بالمتهمين والقتلة.
وحول تأثير لقاء حزب الله وتيار المستقبل على عمل المحكمة، تقول معوض، "حزب الله حزب لبناني، نحن ضد حزب الله لأنه يبني دولة ضمن دولة، هذا اللقاء يخفف التشنج، نحن اللبنانيين لا نريد النظام السوري ولا الإيراني كي يحكمنا حزب الله يقول أنه مقاوم، عن أي مقاومة يتحدث؟ نحن بحاجة نخفف التشنج بين اللبنانيين، وأنا أقدر أن في الحوار سيسمع كل طرف لوجهة نظر الآخر ولن يكون الحوار عاديا أو خفيفا، نريد أن نعود للحديث عن لبنان الدولة والمؤسسات والملزم بالقضايا العربية والفلسطينية ولكن ليس أن يكون لبنان ساحة لتصفية الحسابات للآخرين".