مهيب الركن
منذ أيام وافق الذكرى الثامنة لإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
أخذتني ذاكرتي إلى ذلك العام 1988 الذي أمضيته في بغداد كطالب في جولة سريعة لما كان الحال عليه إبَّان حقبة صدام، أصبحت العراق مركز جذب رائع ومأوى مثالي لكل من يعاني البطالة في مصر، ليذهب إلى العراق.
فلا أعتقد أن هناك من قدم خدمات جليلة لمصر وشعبها مثل هذا الرجل. خدماته لم تكن بدافع قومي كبعثي التوجه وإنما كانت بسبب نهجه اليساري الساذج.
فقد عانت العراق من نقص العمالة في تلك الحقبة؛ نتيجة الحرب العراقية الإيرانية واحتاجت السوق العراقية إلى الأيدي العاملة الأجنبية لسد هذا العجز.
ولتقييد حجم الأموال المحولة إلى خارج العراق من قبل هذه العمالة الأجنبية، أقام حدا أقصى للتحويل النقدي للخارج قدره 1200 دولار سنويا لا يحق للعامل الأجنبي تجاوزه، ظنا من القائمين على الأمر أن هذه القرارات ستحمي الاقتصاد العراقي، وتكون في صالحه أمام الهجوم الكاسح من العمالة المصرية الوافدة للعراق لم نعرف وقتها إحصائيات محددة لعددهم، ولكن المصريين المقيمين كانوا بالكثرة التي تدفعنا إلى التهكم أن مشكلة العراق تكمن في وجود بعض العراقيين بها.
فماذا كانت النتيجة؟؟
أصبحت العراق مركز جذب رائع ومأوى مثالي لكل من يعاني البطالة في مصر، ليذهب إلى العراق، ويقوم فقط بالتنازل للغير عن حق التحويل ليضمن لنفسه دخلا سنويا كافيا في ظل الحياة الرخيصة في العراق بسبب دعم الحكومة لكافة السلع.
وكان المتعطلون عن العمل هم من أكبر القطاعات المقيمة في العراق، وكنا نلقبهم بموظفي شركة ( اركن تفرج).
كائنات استهلاكية خارج المنظومة الإنتاجية تماما لا تقوم إلا بالتهام موارد الدولة ودعمها والضغط على مرافقها الحيوية بدون أي قيمة إنتاجية، وكان هذا هو النمط الأكبر من المصريين.
النمط الثاني كان قوامه من الحرفيين ذوي الكفاءات المتدنية الذين لا يقوون على أن يكونوا في منظومة تنافسية بسبب ضعف مستواهم المهني، وبالطبع سياسة العراق من حيث محدودية سقف التحويلات، لم تكن تجتذب الحرفيين المهرة لضعف العائد المادي، ونتيجة لذلك أصبحت المنتجات العراقية محلية الصنع في غاية السوء والرداءة.
المنظومة الاجتماعية بأكملها كانت قائمة على كاهل النمط الثالث من العمالة، وهم قلة قليلة من الحرفيين المهرة الذين تتجاوز أجورهم سقف التحويل المضطرين دائما إلى شراء حق الخاص بالآخرين العاطلين عن العمل.
صدام حسين بسبب نهجه اليساري اجتذب أعدادا كبيرة جدا من المصريين الذين لم يكن لهم مردود إنتاجي يذكر مقارنة بالأعداد.
لقد ساهم الراحل بشكل كبير في رفع أعباء اقتصادية كبيرة عن مصر وتقليل نسب البطالة والإنفاق الحكومي المترتب عليه بشكل كبير وأضر باقتصاد بلاده.
رحم الله صدم حسين