التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 05:50 م , بتوقيت القاهرة

هل تُميّز العادات العربية ضد المرأة؟

بدأت شركة إنتاج أردنية (جوردن بيونيرز)، هذا الأسبوع، بتصوير مسلسل يفترض انتخاب امرأة رئيسةً لدولة عربية. هذه الفكرة من رابع المستحيلات بالطبع، ما سيمنح المسلسل الجديد اهتماماً بسبب غرابته.

من الخطأ إحالة القضية للثقافة السائدة أو التقاليد المسيطرة في منطقتنا، وذلك لأسباب عدة، فالإسلام أول من حارب وأد الفتيات، وكان للمرأة دور في التجارة والمشاركة في القرارات في بداية انتشار الإسلام. ولو راجعنا التاريخ المعاصر سنجد أن نساءً تقلدن مقاليد الحكم في عدد من الدول الإسلامية غير العربية.


موقع “بصمتي” نشر تقريراً حول سبع نساءٍ وصلن إلى الحكم في دول إسلامية خلال العقود الماضية، وهن: بنظير بوتو- رئيسة وزراء باكستان، مايم ماديور بوي – رئيسة وزراء السنغال، ميجاواتي سوكارنو پوتري – رئيسة وزراء إندونيسيا، خالدة ضياء – رئيسة وزراء بنغلادش، الشيخة حسينة واجد – رئيسة وزراء بنغلادش أيضاً، وعاطفة يحيى آغا – رئيسة جمهورية كوسوفو، في حين لم نسمع عن امرأة واحدة حكمت دولة عربية.


يختلف تطبيق الشريعة الإسلامية في الدول غير العربية، لكن حصول المرأة على نصف حصة من الإرث هو الحد الأدنى، بل تساوي بعض الدول بين الجنسين في الإرث،


لقد ترشحت نساء عدّة بصورةٍ شبه رمزيةٍ في عالمنا العربي، لكن لم تقترب إحداهن من سدة الحكم؛ إذ ترشحت سميحة خليل للانتخابات الرئاسية الفائتة في فلسطين، كما تترشح حالياً رين صوان ونادين موسى في الانتخابات المؤجلة في لبنان، وتترشح كلثوم كنو في الانتخابات المنوي إجراؤها في تونس، كما كانت أنس الوجوه عليو أول امرأة تترشح للانتخابات المصرية.


بعيداً عن السياسة، نلحظ تمييزاً واضحاً ضد المرأة العربية غير المسلمة أيضاً. على سبيل المثال، تنال المرأة المسيحية -كما المسلمة- في الأردن نصف حصة الرجل من الإرث،  والزوجة تحصل على ربع حصة الرجل، مثلما هو مطبق في المحاكم الإسلامية، وتحصل المرأة المسلمة على مزايا أكثر مثل المهر. كما تقوم العديد من العائلات الأردنية المسيحية بالضغط على بناتهن للتنازل حتى عن هذه الجزئية الموفرة لهن شرعاً بسبب تكريس أفكار رجعية بذريعة الحفاظ على الأملاك داخل العائلة والعشيرة.


هذا الأمر لا ينطبق على كل الدول العربية، ولم يكن موجوداً في بلاد الشام من قبل. المحاكم الكنسية الأرثودكسية في الأردن وفلسطين وسائر بلاد الشام إبان الحكم العثماني طبقت النظام البيزنطي الذي يساوي بين الجنسين في الأحوال الشخصية. وفي سوريا ولبنان، حالياً، تساوي المحكمة الكنسية بين الرجل والمرأة، تماشياً مع نصوص الإنجيل، وتطبيقاً لقانون الأحوال الشخصية للكنيسة الكاثوليكية المطبق منذ عام 1929.


يختلف تطبيق الشريعة الإسلامية في الدول غير العربية، لكن حصول المرأة على نصف حصة من الإرث هو الحد الأدنى، بل تساوي بعض الدول بين الجنسين في الإرث، كما هو الحال في العديد من مناطق إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية، ويحق للمرأة هناك التظلم للمحكمة الدستورية، إن شعرت بالتمييز ضدها، ومن المعروف أن أحد أهم قضاة المحكمة الدستورية في إندونيسيا امرأة، كما تشارك المرأة الرجل في ماليزيا وإندونيسيا في تقلّد كرسي القاضي في المحاكم الشرعية الإسلامية، بينما تُمنع المرأة في عالمنا العربي من المشاركة في المحاكم الشرعية.


لا شكّ أن هناك تطبيقات غير منصفةٍ في دولنا العربية نابعة من فهم خاطئ للإسلام، حيث يقوم الرجال، الذين يحكمون، بسنّ القوانين وتفسير الدين لصالحهم ولمصالحهم الضيقة.


كل هذه الأدلة توضح أن مشكلة التمييز ضد المرأة متأصلة في دولنا العربية الإسلامية، ويبقى السؤال عن السبب في تاريخنا وفكرنا وحضارتنا، وكيفية حلّها، علماً أنّ الإسلام (وكما هو ممارس في دول إسلامية غير عربية) لا يمنع المرأة من مشاركة حقيقية ومتساوية مع الرجل