الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية: الاتحاد الأوروبى يدفع تكاليف تغير المناخ فى قمة شرم الشيخ
وأوضحت سارة تشاندر المسؤولة في الشبكة وأحد مؤسسي مبادرة (مناصرة) لتحقيق العدالة بين الناس في أوروبا- في مقال للرأي ورد في صحيفة (يورب اوبزفر) الأوروبية- أنه في الوقت الذي تتشكل فيه مفاوضات المناخ من خلال المخاوف بشأن التفاوت بين البلدان ما بعد الصناعية في الشمال العالمي والاقتصادات الناشئة في الجنوب العالمي، فإن مؤتمر الأمم المتحدة في شرم الشيخ، سيتناول أخيرًا تعويض الدول والمجتمعات التي تأثرت سلبًا بتغير المناخ.
وأضافت أنه من موجات الحر غير المسبوقة في جميع أنحاء العالم، والأمطار الغزيرة والفيضانات الشديدة في باكستان التي تؤثر على ملايين الأشخاص، لا يمكن إنكار أن تغير المناخ يمثل تهديدًا كبيرًا للمجتمعات التي تعاني من العنصرية والمهمشة في جميع أنحاء العالم، غالبًا ما توجد هذه المجتمعات في بيئات ملوثة لها تأثير سلبي على رفاهيتها.
وتابعت أنه علاوة على ذلك، يعاني الجنوب العالمي بشكل غير متناسب من تأثير ارتفاع درجات الحرارة الذي يغذي التدهور البيئي، والكوارث الطبيعية، والظروف المناخية المتطرفة، وانعدام الأمن الغذائي والمائي، والاضطراب الاقتصادي والصراع، ولفترة طويلة، تم تجاهل العلاقة بين التأثير غير المتناسب للدمار البيئي والاستعمار والاستغلال الاقتصادي من قبل الحكومات في أوروبا وبقية شمال العالم.
وأشارت إلى أنه لأول مرة، يواجه الاتحاد الأوروبي ضغوطًا؛ لتخفيف مقاومته لتعويض أفقر دول العالم عن الخسائر والأضرار التي سببتها الفيضانات وارتفاع منسوب البحار والتأثيرات الأخرى التي غذتها أزمة المناخ.
وذكرت أن مبادرة الاتحاد الأوروبي لمكافحة العنصرية وغيرها من المنظمات التي تم إطلاقها قبيل هذه المناقشة، تدعو القادة الأوروبيين لمعالجة التأثير المستمر للاستغلال من خلال قضية "الخسارة والأضرار".
وأوردت تشاندر خمس طرق يمكن للاتحاد الأوروبي من خلالها تعويض المجتمعات والدول المتضررة من تغير المناخ وهي تحمل المسؤولية التاريخية عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، حيث تعتبر الدول الأوروبية مسئولة تاريخيًا عن 22 بالمائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، ومع ذلك، وعلى النقيض من ذلك، فإن المساهمة التاريخية من البلدان الإفريقية، التي كان العديد منها مستعمرات سابقة، لا تزيد على 3% مجتمعة.
وتابعت أن الخسائر والأضرار ليست مشاكل نظرية أو مستقبلية، ولكنها حقيقة تؤثر على المجتمعات التي تعاني من العنصرية والمهمشة في جميع أنحاء العالم، لا سيما في جنوب الكرة الأرضية.
وتتمحور الطريقة الثانية في الاعتراف بالاستغلال الاستعماري للدول، حيث يشير الاستعمار الأوروبي إلى استغلال الأرض والموارد التي يعتمد عليها الآخرون بالفعل، كما يؤدي استخراج الموارد مثل النفط والغاز إلى الانقراض وإزالة الغابات والتلوث وعلى سبيل المثال، دلتا النيجر، وهي واحدة من أكثر الأماكن تلوثًا على وجه الأرض بسبب إهمال شركة نفط بريطانية.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 17.5 مليون لتر من النفط قد انسكبت هناك، مما أسفر عن تدمير أنظمة بيئية بأكملها، ونزوح عائلات، وتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها، كما استخدم الشمال العالمي أيضًا الجنوب العالمي كمكان للتخلص من نفاياته غير المرغوب فيها، وأدت هذه الإجراءات إلى تعطيل المجتمعات المحلية التي تعيش على الأراضي وكذلك النظم البيئية المدمرة.
ولأول مرة، أدرج تقرير حديث لعام 2022 من الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ، الاستعمار كمحرك لأزمة المناخ، ما يؤكد على الإلحاح من أن حكومات الشمال العالمي تتحمل المسؤولية التاريخية لحساب عدم التوازن هذا، ومن واجبهم تخصيص التمويل الذي يأتي من الأرباح الزائدة لشركات الغاز والنفط المسؤولة عن تغير المناخ لتلك الدول التي كانت ولا تزال مستغلة.
وأضافت تشاندر أن الطريقة الثالثة هي إعطاء تعويضات للمتضررين من الخسائر في الأرواح والبنية التحتية والأراضي، بينما الطريقة الرابعة تتمحور في إدراك أن "التكيف" له حدود.
ولقد طورت الدول والمجتمعات حلولاً للتكيف ونفذت إجراءات للاستجابة للآثار الحالية لتغير المناخ، بالإضافة إلى الاستعداد للتأثيرات المستقبلية، ومع ذلك فإن للتكيف حدوده ولا يمكن لأي قدر من المرونة أن يعيق الآثار المادية لتغير المناخ، ولهذا يجب أن ينشئ الاتحاد الأوروبي آلية مالية منفصلة تعالج الخسائر والأضرار، بالإضافة إلى التزامات التكيف والتخفيف الحالية.
خامساً وأخيراً تسهيل الهجرة الحتمية حيث يؤدي الاتجاه المتسارع للنزوح العالمي المرتبط بتأثيرات المناخ إلى زيادة التحركات عبر الحدود، لا سيما عندما يتفاعل تغير المناخ مع الصراع والعنف.
واختتمت تشاندر المقال بأنه حان الوقت لتعويض المجتمعات والدول المتأثرة بشكل مباشر بتغير المناخ، ويجب أن يكون الاتحاد الأوروبي مثالاً يحتذى به لتحقيق ذلك والالتزام بتمويل كافٍ للخسائر والأضرار في (كوب 27).
يشار إلى أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أفادت بأنه في عام 2019، نزح 24.9 مليون شخص في 140 دولة بسبب الأخطار المرتبطة بالطقس، وأنه بدون اتخاذ إجراءات كافية سيستمر العدد في الزيادة.
ومن المتوقع خلال الثلاثين عامًا القادمة، أن يتم اقتلاع 143 مليون شخص من جذورهم بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار والجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة وكوارث مناخية أخرى، وفقًا لتقرير اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2022.