التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 11:25 ص , بتوقيت القاهرة

ريا وسكينة النسخة الفرنسية.. «هنري لاندرو» محترف الفتك بالنساء في الوقت المناسب

بينما كان سكان العالم بأسره مشغولون بالحرب العالمية الأولى، وما خلفته من دمار وخراب، وعشرات الملايين من القتلى والجرحى والمشردين، ونتج عنها تفكيك دولاً وانهيار إمبراطوريات غيرت خارطة العالم. كان هنري لاندرو يصب جل اهتمامه على أقسام "القلوب الوحيدة" بصحف باريس، لطلب الارتباط بفتاة تكمل حياتها معه في قلب العاصمة الفرنسية باريس.


ارتبط اسم هنري لاندرو القاتل الفرنسي المتسلسل، وعُلق في أذهان المصريين كذلك منذ قرن من الزمان، وذلك لتشابه جرائمه مع تلك التي ارتكبتها ريا وسكينة في التوقيت ذاته، فحينما كانت ريا وسكينة بمساعدة آخرين تخصصن في استدراج النساء بمدينة الإسكندرية وقتلهن، كان لاندرو يفعل الأمر نفسه مع ضحاياه على الشط الآخر من البحر المتوسط، للاستيلاء على أموالهن ومصاغهن وبوليصة التأمين على حياتهن، بعد قتلهن وحرق جثثهن في فرن فيلته الباريسية، حتى صدر الحكم بإعدامه في ديسمبر عام 1921، وبعد أيام قليلة من تنفيذ الحكم بإعدام ريا وسكينة في مصر الذي تم في 21 و22 من الشهر والعام ذاته.



ومثل ريا وسكينة، ولد لاندرو في أسرة فقيرة بباريس في أبريل من عام 1869، وقضى أربع سنوات في الجيش الفرنسي ما بين عام 1887 وحتى 1891، حتى وصل لرتبة رقيب، ثم ترك الخدمة، وتزوج من ابنة عمه التي أنجبت له طفلاً، ثم تزوج من أخرى. وتشير الكتابات التاريخية عنه إلى تعرضه لواقعة نصب واحتيال من قبل صاحب العمل الذي كان يعمل لديه تسبب في تعرضه لأزمة مالية ونفسيه، جعلته يحترف النصب والاحتيال فيما بعد، ليتقنه، ويزيد عليه قتل ضحاياه.


كانت فرنسا تخوض واحدة من أشد الحروب دموية في التاريخ وهي الحرب العالمية الأولى، والتي فقدت فيها مليون و300 ألف جندي، فيما زاد عدد الأرامل، ليكون هؤلاء  فرائس سهلة لهنري لاندرو، خاصة بعدما بدء في وضع إعلانات بأقسام "القلوب الوحيدة" بصحف باريس، وهي الأقسام التي يعلن فيها الرجال والنساء الراغبين في الارتباط والزواج.


هنري لاندرو مع إحدى ضحاياه


"أرمل، يبلغ من العمر 43 عاماً، لديه دخل مريح ويرغب في التلاقي بأرملة بهدف الزواج" هكذا كتب لاندرو عن نفسه، وكان ذلك بالنسبة لكل أرملة تواجه حياة الوحدة والشعور بالإحباط فرصة عظيمة في زمن الحروب.


كانت مدام "كوشيت" التي تبلغ من العمر 39 عاما، أولى ضحايا لاندرو، الذي منح نفسه معها اسما آخر وهو "ديارد" وأنه يعمل مهندساً. ازدهرت علاقتهما، حتى تخلص منها لاندرو بالإضافة لابنها. قتلهما، وقطع جثتهما وحرقهما حتى أصبحتا رماداً.


أغوى لاندرو النساء اللائي جئن إلى فيلته الباريسية التي استأجرها فيما بعد. يقتلهن ويحرق جثثهن المقطعة الأوصال في فرنه.


أغوى لاندرو النساء اللائي جئن إلى فيلته الباريسية التي استأجرها فيما بعد. يقتلهن ويحرق جثثهن المقطعة الأوصال في فرنه. وما بين عامي 1914 و1918، خطب 286 امرأة، تمكن فقط من قتل 10 منهن بالإضافة لابن "كوشيت"، مستخدما في ذلك أسماء مستعارة لدرجة أن الشرطة وجدت دفتراً معه يضم قائمة جميع النساء اللاتي أرتبط بهن وبجوارها الهوية التي استخدمها مع كل امرأة، وتبين أنه كان يخطب ما يزيد عن 3 نساء في الوقت ذاته بأماكن مختلفة وبأسماء مستعارة.


هنري لاندرو وضحاياه


توالت ضحايا لاندور، ووثقت الشرطة ضحاياه بالترتيب كالآتي:


مدام كوشيت (شوهدت آخر مرة في يناير 1915)


ابن مدام كوشيت (شوهد آخر مرة في يناير 1915)


مدام لابورد-لين (شوهدت آخر مرة في 26 يونيو 1915)


صور ضحايا لاندرو كما نشرتها الصحف الفرنسية1


مدام غيلين (شوهدت آخر مرة 2 أغسطس 1915)


مدام هيون (شوهدت آخر مرة في 8 ديسمبر 1915)


مدام كولومب (شوهدت آخر مرة في 25 ديسمبر 1915)


صور ضحايا لاندرو كما نشرتها الصحف الفرنسية2


أندري بابيلاي (شوهدت آخر مرة في 12 أبريل 1916)


مدام بيسون (شوهدت آخر مرة 19 آب 1916)


مدام جاومي (شوهدت آخر مرة في 25 نوفمبر 1917)


مدام باسكال (شوهدت آخر مرة في 5 أبريل 1918)


مدام مارشادير (شوهدت آخر مرة في 15 يناير 1919)


صور ضحايا لاندرو كما نشرتها الصحف الفرنسية3


وقع لاندرو في قبضة الشرطة الفرنسية، وكانت بداية الكشف عن جرائمه ببلاغ تقدمت به إلى الشرطة الفرنسية في فبراير 1919 شابة فرنسية تتهم مهندسا اسمه جورج فريميه، بأنه وراء اختفاء شقيقتها مدام بيسون، قبل عامين، وقالت في بلاغها أن شقيقتها كانت قد خطبت للمهندس وأعطته توكيلات باستثمار أموالها، ثم اختفت، فخطب فريميه صديقة لها لكنها اختفت هي الأخرى، بعد أن أعطته كذلك توكيلا باستثمار أموالها، مما جعله مصدر ريبة وشك لها، وبعد بحث طويل اكتشفت الشرطة بأن الاسم هو اسم مستعار وأن اسمه الحقيق هنري لاندرو.


لم يكن من السهل إثبات التُهم على لاندور، لعدم وجود الجثث، وبعد تحريات وتحقيقات موسعة، تم حل خيوط كل جرائمه، وتم التوصل لكل النساء اللاتي ارتبط بهن وتأكد من وجودهن على قيد الحياة فيما عدا الـ10 اللاتي قتلهن وأحرق جثثهن. كما وجدت بقايا عظام أدمية محترقة في رماد فرن فيلته.


هنري لاندرو بعد القبض عليه


اشتهر لاندرو فيما بعد بلقب "صاحبة اللحية الزرقاء" Bluebeard وهي أسطورة للكاتب الفرنسي شارل بيرو، نشرت لأول مرة عام 1697. وتحكي قصة قاتل متسلسل كان يقتل النساء ويخفي جثثهن في غرفة مغلقة، ولهذا استحق لاندور هذا اللقب.


حكم على لاندرو بالإعدام، وتم تأييد الحكم بشكل نهائي في ديسمبر 1921، وتم تنفيذه في فبراير عام 1922، بواسطة المقصلة بفصل الرأس عن الجسد.


محاكمة هنري لاندرو


مثل ريا وسكينة، ظل اسم هنري لاندرو محفوراً في صفحات التاريخ، لتظل قصته مصدر إلهام للعديد من الأفلام السينمائية، منها فيلم شارلي شابلن "ميسيو فيردو" عام 1947، وفيلم لاندرو الذي صدر عام 1962، وحديثاً الفيلم الفرنسي "رغبة لاندرو" الذي صدر عام 2005.


لاندرو