الدستورية تحسم الجدل.. هذا ما تعنيه أحكام ترسيم الحدود بين مصر والسعودية
حسمت، اليوم، السبت، المحكمة الدستورية العليا، الجدل المثار خلال العامين الماضيين، منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية. وذلك بأحكامها الصادرة بعدم الاعتداد بجميع الأحكام المتناقضة سواء تلك الصادرة من مجلس الدولة بدرجاته المختلفة أو محكمة الأمور المستعجلة.
أحكام المحكمة الدستورية العليا – وهي المحكمة الأعلى في مصر للرقابة على دستورية القوانين والتشريعات والفصل في النزاعات التي قد تنشأ بين الجهات القضائية المختلفة- تعني أن جميع الأحكام التي صدرت من مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة كأنها لم تكن، وتعني كذلك الاستمرار في تنفيذ وتطبيق اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
وأبرمت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، أثناء زيارة الملك سلمان للقاهرة في أبريل 2016، ومنذ ذلك الوقت تلقى مجلس الدولة العديد من الدعاوى القضائية التي طالبت ببطلان الاتفاقية، وبطلان ما ترتب عليها من آثار من بينها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.
وفي يونيو من العام ذاته، صدر أول حكم قضائي من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، يقضي ببطلان الاتفاقية، ليتم الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، والتي تصدر حكمها في يناير 2017، برفض الطعن وتأييد حكم أول درجة، بجانب صدور عدد من الأحكام من المجلس لتنفيذ الحكم، ومنع مجلس النواب من مناقشة الاتفاقية أو التصديق عليها.
أحكام مجلس الدولة قد خالفت الدستور، وجاءت الأحكام عدوانًا على اختصاص السلطة التشريعية، فإنه يكون خليقًا بعدم الاعتداد بها
على الجانب الآخر أصدرت محكمة الأمور المستعجلة عدداً من الأحكام القضائية، أبطلت فيها أحكام مجلس الدولة بدرجتيه "القضاء الإداري والإدارية العليا" وأيدت الاتفاقية وأمرت بالاستمرار في تنفيذها.
ومع تضارب الأحكام، اتجه الطاعنين إلى المحكمة الدستورية العليا لحسم الجدل، حول اختصاص القضاء في نظر الاتفاقيات الدولية، ومن بينها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، في حين ناقش مجلس النواب الاتفاقية، ونشرت الجريدة الرسمية في أغسطس 2017، القرار الجمهورية رقم 607 لسنة 2016 وجاء فيه إنه بعد الإطلاع على نص المادة 151 من الدستور وبعد موافقة مجلس الوزراء، أوافق على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية والخطابات المتبادلة بشأنها والموقعة في 8 أبريل 2016 وذلك مع التحفظ بشرط التصديق، وتم التصديق عليها من قبل مجلس النواب في 14 يونيو 2017.
أحكام المحكمة الدستورية، تعني استمرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، بجانب بطلان وعدم الاعتداد بكل الأحكام القضائية التي صدرت بشأنها، باعتبارها من الأعمال التي لا تقع في اختصاصات القضاء، كما كان مجلس النواب يؤكد على ذلك أثناء مناقشته للاتفاقية.
وقضت الدستورية كذلك بعدم قبول منازعات التنفيذ، باعتبار أن الأحكام التي صدرت سواء من مجلس الدولة أو محكمة الأمور المستعجلة، ليس لها أية آثار على إبرام الاتفاقية.
تقول المحكمة الدستورية في حيثيات أحكامها أن أحكام مجلس الدولة قد خالفت الدستور، وجاءت الأحكام عدوانًا على اختصاص السلطة التشريعية، فإنه يكون خليقًا بعدم الاعتداد بها.
وأكدت كذلك على أنه إذا تعلق العمل بعلاقات سياسية بين الدولة وغيرها من أشخاص القانون الدولى العام، أو دخل في نطاق التعاون والرقابة الدستورية المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ عُدَّ عملاً من أعمال السيادة، وبالبناء على هذا النظر؛ فإن إبرام المعاهدات والتوقيع عليها تعد من أبرز أمثلة هذه الأعمال، مؤكده كذلك على أن الرقابة القضائية على المعاهدات، من وجهيها، هي رقابة دستورية وليست رقابة مشروعية، وهي منوطه استئثارًا بالمحكمة الدستورية العليا، لا تشاركها فيها جهة قضائية أخرى أيًّا كانت.
وبذلك حسمت وأنهت المحكمة الدستورية القضية الأكثر إثارة للجدل خلال الفترة الماضية، لتؤكد على أن الاتفاقية صدرت بما يتفق مع الدستور، وبالطريقة التي رسمها المشرع، وببطلان كل الأحكام التي صدرت بشأنها.