التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 11:23 م , بتوقيت القاهرة

أندية الكتب فى القاهرة..ذائقة جديدة تُفرض على الأدب..أم استدعاء لتقليد الصالونات الأدبية

شهدت القاهرة مؤخرا استدعاء لظاهرة أدبية كانت معروفة فى الأربعينات، ألا وهي ظاهرة أندية الكتب، التي تعتبر امتدادا بشكل أو بآخر لظاهرة الصالونات الأدبية، التي كانت تعقدها الأديبات الشهيرات أمثال "مي زيادة" أو يعقدها كبار الأدباء المصريين مثل "صالون العقاد" وهي الظاهرة التي تحولت فيما بعد إلى تجمعات أدبية في المقاهي، فصار المقهى هو المكان المفضل لتجمع الأدباء الكبار، وكان أحد هذه التجمعات "مقهى ريش" الذي شهد تردد الشعراء "أمل دنقل" و"عبد الرحمن الأبنودي" والقاص الكبير الراحل "يحي الطاهر عبد الله".


أشهر أندية الكتب في القاهرة..جيتو القراء


ولمن لا يعرف ما هي أندية الكتب، فالفكرة بدأت من تجمعات لقراء ومثقفين ومهتمين ومحبي قراءة الكتب الإبداعية، والأعمال الدينية، منذ سنوات، بعضها يعود تاريخ إنشاءه لتسع سنوات مضت مثل نادي كتاب "دار الشروق" الذي تشرف عليه السيدة نادية أبو العلا، والذي بدأت تأسيسه عند عملها فى مكتبات دار الشروق، فيما تأسست أندية كتب أخرى لاحقة على تخوم العاصمة، مثل نادي كتاب "أكتوبر هيلز" الذي أسسته رانيا فهمي عام 2012، لمجموعة من القراء والمثقفين القاطنين في كمباوند سكني خاص، كما شهد وسط القاهرة تأسيس أندية كتب مستقلة مماثل لنادي كتاب "رانيا فهمي"، مثل نادي كتاب "القراءة الثانية" الذي يشرف عليه مجموعة من الكتاب والنقاد، مثل الكاتب الصحفي والناقد الأدبي إيهاب الملاح، والروائي حسن كمال، ويجتمع أعضاؤه على فترات فى مقر المركز الدولي للكتاب – أحد مقار مكتبات الهيئة العامة للكتاب.


ندوة أندية الكتب فى القاهرة


اهتمام هيئة الكتاب بالظاهرة بتخصيص ندوة عنها بالمعرض


وتجدد الحديث عن أندية الكتب مؤخرا خلال لقاء جمع مؤسسي هذه التجمعات على هامش معرض الكتاب المنتهي فعالياته مؤخرا، حيث التقى مؤسسو هذه الأندية في لقاء أداره كاتب هذه السطور، استهدف مناقشة تطور فكرة أندية الكتب، وأثرها على المشهد الثقافي المصري، وكذلك دور أندية الكتب في تشجيع الحركة الأدبية، وكذلك تسويق الكتب بشكل عام، وتضمن اللقاء بجانب نادية أبو العلا ورانيا فهمي، حضور الناشرة نورا رشاد، من الدار المصرية اللبنانية، وكذلك الكاتبة ضحى عاصي، ونادر مصطفى كمال مؤسس نادي كتاب "أنتيك خانة".


طرح مؤسسو الأندية أفكارا عدة، ساهمت في البداية فى توضيح معنى نادي الكتاب، الذي قد يجمع عدد من محبي القراءة والكتب من سكان منطقة معينة، حسبما أشارت السيدة نادية أبو العلا مؤسسة نادي كتاب الشروق، التي أشارت إلى أنها بدأت الفكرة منذ 9 سنوات، وكان اللقاء يتم أولا في مكتبة الشروق بحي الزمالك- قبل غلقها- ثم لم يلبث أن بدأ الأعضاء يلتقون في أماكن عامة – كافيهات- كما توسع نادي كتاب الشروق ليتخذ أربع مواضع فى القاهرة، إحداها في مدينة نصر، والثاني في الزمالك، والثالث والرابع في مولات شهيرة.


نادية أبو العلا


هل يثقل حضور النقاد مناقشة أندية الكتب..؟


تحدثت الناشرة نورا رشاد عن نادي كتاب المصرية اللبنانية، مشيرة إلى أنه تأسس عام 2016، مع إطلاق الدار للطبعة الجديدة من أعمال إحسان عبد القدوس، وناقش النادي خلال أول جلسة له رواية "أنا حرة" للأديب الكبير الراحل.


تتوقف نورا رشاد هنا عند الغرض من تأسيس نادي كتاب المصرية اللبنانية، مشيرة إلى أنهم كانوا يرغبون من تأسيسه تسويق إصدارات الدار، ما عبرته عنه بقولها "Branding" وهو ما جعل الاختيارات فى مناقشة الكتب بالنادي، قاصرة على الأعمال التي تصدرها الدار.


عن حضور النقاد خلال جلسات مناقشة أندية الكتب، أو اقتصار الحضور على أعضاء النادي، تلفت نورا رشاد النظر إلى أن الناقد الأدبي مع حضوره بمقال نقدي متخم بالمصطلحات النقدية، واستعداده بمناقشة الكتاب من زاوية ثقيلة ربما تغيب عن ذهن القارئ العادي في كثير من الأحيان يتسبب فى كسر تلقائية القراء أعضاء النادي، ويحول أحيانا دفة النقاش إلى نقاش أدبي ثقيل- ومع تقديرها لكل النقاد المشاركين بالنادي- إلا أن الناشرة نورا رشاد تؤكد أن التلقائية في المناقشات هو أكثر ما يميز لقاءات أعضاء نادي الكتاب.


لماذا يغيب الشباب عن أندية الكتب؟


نادر مصطفى كمال مؤسس نادي كتاب "انتيك خانة" ومقره الزمالك، يلفت إلى أن تجمع أعضاء ناديه الذي انطلق عام 2015، يشهد تنوعا فى فئات القراء ومحبي الكتب، إلا أن الشباب يغيبون عن هذه اللقاءات، يلفت نادر إلى أن حضور الكُتاب له ميزات، وله عيوب، فالقراء والمشاركين في نادي الكتاب، يكونون أكثر قدرة وأريحية في التعبير عن رأيهم في الكتاب، إذا غاب مؤلفه عن الجلسة، استخدم "نادر" لفظة "الناس بتتكلم بحرية أكثر".


يلفت نادر أيضا إلى أن طريقة اختيار الكتب مشكلة كبيرة، فالبعض يفضل اختيار الكتب الأدبية التي تنتمي إلى أصناف "الرواية" و"القصة" بينما يغيب تماما الكتاب المترجم عن مناقشات نادي كتاب "انتيك خانة".


من يفرض الذائقة..مؤسسو الأندية..أم القراء؟


الكاتبة ضحى عاصي – صاحبة رواية "104 القاهرة" الصادرة عن دار بيت الياسمين- والتي شاركت في الندوة لفتت النظر إلى أنها ككاتبة لها مصلحة كبيرة في أن تتواجد أندية كتب تناقش المؤلفين، لكنها تتشكك في كونها ظاهرة إيجابية، تقول ضحى: نوادي الكتب امتداد لفترة الصالونات الأدبية، والقهاوي التي شهدت تجمعات للمثقفين والقراء، لكن هل مناقشة واستضافة الأعمال الروائية التي يكتبها كُتاب "البيست سيللر" يضيف إيجابيا للمشاركين في نادي الكتاب..؟


تطرح ضحى السؤال وتضيف إليه سؤالا آخر: ما هو مستوى الأعضاء الثقافي الذي يؤهلهم دون غيرهم لاختيار الكتب؟


ومن بين الملحوظات المهمة التي تطرحها ضحى عاصي فى المناقشة، إشارتها إلى أن أندية الكتب ليست ظاهرة جديدة، بل ربما هي تحديث لظاهرة أندية كتب الإخوان المسلمين، وكذلك موقع الكاتبات الأخوات، وتعود ضحى لتبدي تشككها في أثر ظاهرة أندية الكتب على المشهد الثقافي المصري، بقولها: هل يتأسس تيار يقدس الكتابة الرديئة..؟


تبدي ضحى أيضا فى مداخلتها عن الظاهرة، رغبتها في أن يغيب المؤلفون عن جلسات ومناقشات أعضاء أندية الكتب، مشيرة إلى أن الكتاب يصبح ملكا للقراء، ويخرج من حيزة كاتبه، الذي هو أيضا يكون في حالة كتابة أخرى، ومختلفة عن الكتاب المنشور، لذا من الأفضل للكاتب ألا يحضر جلسات أندية الكتب.


نورا رشاد


رانيا فهمي


نادي الكتاب خارج العاصمة..تجربة "أكتوبر هيلز"


تتحدث رانيا فهمي مؤسسة نادي كتاب "أكتوبر هيلز" عن ناديها، والمشاركين فيه، وتلفت إلى أن الفكرة بدأت عام 2012، حينما قررت ذات مرة أن تتوقف عن قراءة كتاب بعد 3 فصول منه، ثم حدثها أحدهم قائلا، أن نفس الكتاب أعجبه بعد الفصل الثالث منه، فقررت أن تعطي الكتاب فرصة، وتكمله.


تشير رانيا فهمي إلى فكرة جديدة عن أندية الكتب وهي أن القراء، أو أعضاء النادي، هم أبطال المناقشة، وليسوا الكُتاب الذين يحضرون ويستمعون للآراء التي يطرحها المناقشون، تلفت رانيا إلى أن أعضاء النادي يصل عددهم إلى 110 أعضاء، كما كشفت عن آلية اختيار الكتب، وهي وضع نبذات عن الكتب المقترحة، ويشترطون أن تكون متاحة ورقيا، كما يشترطون وجود مؤلفي الكتب.


عن الحرج الذي يحدثه وجود الكُتاب، للمناقشات، وتحول أغلب هذه الجلسات، إلى مجاملات للكاتب، أو فرص لالتقاط الصور السيلفي مع "الكُتاب النجوم"، تقول رانيا بكر- عضوة نادي كتاب أكتوبر هيلز" أن الأفضل لتلاشي ما سبق ألا يحضر الكاتب جلسة المناقشة، هنا تتحرر الآراء، وتنطلق المناقشات، ويتوسع المشاركون في طرح سلبيات الكتاب بحرية أكثر. لكن "رانيا فهمي" مؤسسة النادي تعارض هذا الرأي، بالإشارة إلى أن وجود الكاتب مهم لأنه في بعض الأحيان يكون من الأفضل الاستماع لتجربة الكاتب خلال كتابته لهذا الكتاب، وكيفية عمله عليه، أو الأسفار التي سافرها لجمع مادة كتابه.


 


اقرأ أيضا..


طارق الشناوي: الفن يتغير مع الوقت.. ولا يمكن العمل بـ"دماغ زمان"