"أعطوا ما يعود لقيصر إلى قيصر".. رسائل بين الملوك وأعدائهم سادها الحب والإنسانية
"لا يهمني اسمك لا يهمني عنوانك لا يهمني لونك ولا مكانك، يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان، هكذا غنى محمد منير، وصدق عليها من قبل ملوك وزعماء العرب، لا يهم اللون ولا العرق أو الطين، المهم أننا نصنف ضمن "البشرية"، والتي دائمًا ما تحتم علينا المعاملة بالحب والود كسلاح أولى، كما تحتم علينا الوقوف سويًا، وعدم طعن أي شخص من ظهره، ويختلف الحال في موقف واحد، وهو عدم قبول الطرق المقابل المعاملة بهذه الإنسانية.
بمناسبة عيد الحب نعرض لكم خلال السطور التالية، أبرز رسائل بين ملوك من العرب وأعداءهم خلال الحروب، مع ذلك كانت تحمل بين طياتها الكثير من المودة والحب والإنسانية.
رسالة ريتشارد قلب الأسد إلى صلاح الدين
بعث ريتشارد قلب الأسد برسالة إلى صلاح الدين الأيوبي جاء فيها، "من ريكاردوس قلب الأسد ملك الإنجليز، إلى صلاح الدين الأيوبي ملك العرب".
حامل خطابي هذا بطل باسل صنديد، لاقى أبطالكم في ميادين الوغى، وأبلى في القتال البلاء الحسن، وقد وقعت أخته أسيرة، فقد كانت تدعى "ماري" وصار اسمها "ثريا"، وأن لملك الإنجليز رجاء يتقدم به إلى ملك العرب وهو: إما أن تُعيدوا إلى الأخ أخته، وإما أن تحتفظوا به أسيراً معها، لا تفرِّقوا بينهما ولا تحكموا على عصفور أن يعيش بعيداً عن أليفه، وفيما أنا بانتظار قراركم بهذا الشأن، أذكِّركم بقول الخليفة عمر بن الخطاب ـ وقد سمعته من صديقي الأمير حارث ـ وهو: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟".
فرد صلاح الدين على رسالة ريتشارد:
من السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى ريكاردوس ملك الإنجليز
أيها الملك: "صافحتُ البطل الباسل الذي أوفدتموه رسولاً إليّ، فليحمل إليكم المصافحة مما عرف قدركم في ميادين الكفاح".
وإني لأحب أن تعلموا بأنني لم أحتفظ بالأخ أسيراً مع أخته؛ لأننا لا نبقي في بيوتنا سوى أسلاب المعارك، لقد أعدنا للأخ أخته، وإذا ما عمل صلاح الدين بقول عمر بن الخطاب، فلكي يعمل ريكاردوس بقولٍ عندكم: "أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، فرد أيها الملك الأرض التي اغتصبتها إلى أصحابها، عملا بوصية السيد المسيح عليه السلام، وجاء ذلك وفق كتاب "العرب عنصر السيادة في القرون الوسطى، للمؤرخ الإنجليزي جون داونبورت".
رسالة الخليفة العثماني سليمان القانوني إلى ملك فرنسا، فرانسوا الأول عندما استنجد به
"بعناية حضرة عزة الله جّلت قدرته وعلت كلمته، أنا سلطان السلاطين وبرهان الخواقين، أنا متوج الملوك ظلّ الله في الأرضين، أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملّي وقرمان الروم، وولاية ذي القدرية، وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخرى كثيرة افتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر ولله الحمد والله أكبر".
أنا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد
إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا
وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم "فرانقبان"، وأعلمنا أن عدوكم استولى على بلادكم، وأنكم الآن محبوسون، وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم، وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدتنا الملوكانية، وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل، فصار بتمامه معلوما، فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم، فكن منشرح الصدر، ولا تكن مشغول الخاطر، فإننا فاتحون البلاد الصعبة والقلاع المحصنّة وهازمون أعدائنا، وإن خيولنا ليلا ونهارا مسروجة، وسيوفنا مسلولة، فالحقّ سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته، وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور، فليكن معلومكم هذا".
رسالة بين الصحابي معاوية بن أبي سفيان، وملك الروم
هذه الرسالة لم تكن مثل البقية ولكنها حملت بين ثناياها ما هو أكثر من الحب، الاحترام والأخوة وعدم الطعن من الظهر، فأرسل"هرقل" قيصر الروم لـ"معاوية بن أبي سفيان" قائلًا:
"علمنا بما وقع بينكم وبين على بن أبي طالب، وإنّا لنرى أنكم أحق منه بالخلافة، فلو أمرتني أرسلت لك جيشاً يأتون إليك برأس علي".
وأجاب معاوية على هرقل، قائلًا: "أخان وتشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما، إن لم تخرس أرسلت إليك بجيش أوله عندك وآخره عندي يأتونني برأسك أُقدمه لعلي"، وجاء ذلك وفق كتاب "البداية والنهاية لابن كثير".