رغم تاريخ العداء.. لماذا استدعى الأكراد "الأسد" لحماية عفرين؟
دعت الوحدات الكردية، فى شمالي سوريا، النظام السوري، إلى التدخل لحماية عفرين من الهجوم التركي، بعد أن بدأت خسائرهم فى الزيادة يوما بعد يوم.
فمع أن القوات المؤيدة للحكومة السورية، تقاتل قوات يقودها الأكراد في مناطق أخرى من سوريا، كما تعارض دمشق مطالب الأكراد بالحصول على الحكم الذاتي، اعتبرت "رويترز" أن العدو في عفرين مشترك للجانبين اللذين لهما مصلحة متبادلة في صد تقدم القوات التركية.
ونسبت إلى ممثلين من الجانبين، أن النظام يوفر دعماً غير مباشر للأكراد من مقاتلين ومدنيين وساسة من خلال السماح لهم بالوصول إلى عفرين عبر الأراضي الخاضعة لسيطرتها، فيما تقول القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا إنها توصلت في غياب الحماية الدولية إلى اتفاقات مع دمشق للسماح بإرسال تعزيزات إلى عفرين من مناطق أخرى يسيطر عليها الأكراد في كوباني والجزيرة.
الأكراد و بشار الأسد
في 5 أكتوبر 1962، أعلن النظام السوري برئاسة ناظم القدسي، إحصاء الكرد، ونجم عنه انقسام الكرد في سوريا إلى، (1) كرد يتمتعون بالجنسية السورية، (2) كرد يتجردون من الجنسية، ومسجلون في القيود الرسمية على أنهم أجانب، (3) كرد مجّردون من الجنسية، غير مقيدين في سجلات الأحوال المدنية الرسمية، وأطلق عليهم وصف مكتوم القيد، وهو مصطلح إداري سوري، يشير إلى عدم وجود الشخص المعني في السجلات الرسمية.
وتشير المصادر الكردية، إلى أن هذا الإحصاء الاستثنائي، الذي مثّل «أول إجراء تمييزي» في حق الكرد، تسبب حينها في حرمان أكثر من 70 ألف كردي، من الحصول على الجنسية السورية، وأن هذا العدد تضاعف مع الوقت، ليصل حاليًا إلى نحو 300 ألف شخص، يفقدون كل الحقوق الأساسية من هوية وصحة وتعليم وعمل وتملك، وغير ذلك من الخدمات.
تولى بشار الأسد السلطة
ومع تولي بشار الأسد، مقاليد السلطة في العام 2000، تجددت آمال الأكراد بحل أزمتهم، وبدأت الأحزاب والقوى الكردية تنشط في تقديم مطالبها المتعلقة بالمساواة في الحقوق السياسية والثقافية، وأبدت الحكومة الجديدة ليونة في التعاطي مع الفعاليات والنشاطات الكردية بما فيها تلك المنظمة من قبل بعض الأحزاب غير المصرح لها بالعمل.
لكن الأمور تغيرت في العام 2004 بعد أسوأ اضطرابات شهدتها المناطق الكردية بعد مباراة كرة قدم بمدينة القامشلي في مارس 2004، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين الأكراد وبعض العشائر العربية سرعان ما تدخلت فيها قوات الأمن وامتدت لبقية المدن الكردية واستمرت 6 أيام، وكانت حصيلة المواجهات 40 قتيلا وفق مصادر كردية، و25 قتيلا وفق حصيلة رسمية سورية، ومئات الجرحى، ونحو ألفي معتقل كردي وفق مصادر الأكراد.
ولا تطالب الأحزاب والمجموعات الكردية في الوقت الحالي بالانفصال عن سوريا، بل أقصى ما تصل إليه المطالب الكردية هو الحصول على حكم ذاتي للأقاليم التي يشكلون أغلبية السكان فيها، كما تطالب تلك القوى بالمساواة السياسية، وإلغاء القوانين الاستثنائية، ومن أهمها قانون الطوارئ.
ومنذ العام 2005، أطلقت الجهات الرسمية في سوريا سلسلة من التعهدات والوعود بحل مشكلة الأكراد غير المجنسين الذي تضاعف عددهم الفترات الأخيرة، وقرر حزب البعث في يونيو 2005 إعادة فتح ملف الأكراد غير المجنسين، كما تحدث الرئيس الأسد في العام 2007 عن حرص حكومي على تسوية مشكلة الأكراد، لكنه حذر من وجود من يستغل وجود أكراد عراقيين وأتراك نزحوا إلى سوريا ولا تشملهم تبعات الإحصاء، ويطالب بتجنيسهم ويثير قضيتهم عبر قنوات أوروبية لتضغط على سوريا.
بعد تحرير حلب
وقبيل استعادة النظام لكامل مدينة حلب، ومع بدء هجومه الأخير على الأحياء الشرقية من المدينة، بادرت الوحدات الكردية بالتقدم من منطقة نفوذها في حي الشيخ مقصود، إلى أحياء عدة كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، الأمر الذي سرع من تداعي قوات المعارضة، التي كانت تتعرض لأكثر من هجوم، أما اليوم وبعد أن بسط النظام سيطرته على كامل المدينة، لم يعد هنالك مبررا لوجود سلطة داخل حلب، حتى وإن كانت موالية له.
وظهر التوتر الحالي بين قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أو ما يعرف بـ«الوحدات»، وقوات النظام في مدينة حلب، من خلال حديث وسائل إعلام مقربة من النظام مؤخرًا عن طلب الأخير من الوحدات الانسحاب من أحياء تسيطر عليها داخل مدينة حلب، ما يعكس العلاقة الآنية التي تجمع بين الطرفين، ويبدو أن هذه الخطوة، إن صحت، تعطي مؤشرًا على طبيعة التحالف الذي أراد له النظام أن يكون وثيق الصلة بالشق العسكري فقط، وذلك منذ أن سلم الوحدات شؤون إدارة المناطق السورية ذات الأغلبية الكردية، منتصف العام 2012.
اقرأ أيضًا
الأكراد يعلنون تدمير دبابة تابعة للجيش التركي في عفرين
تفاعلي..كيف نفهم تحرك حشود عسكرية إسرائيلية تجاه شمال سوريا؟