تتعلق بألعابها الطفولية، ويد والدتها تغريها بإحضار الفواكه والأطعمة اللذيذة وأكياس الشيبسي لمرافقتها لمشوار صغير إلي عيادة الدكتورة، تستجيب لرجائها، لكنها تشعر أن هناك شيئا يحاك ضدها.

تتوقف عند عيادة الدكتورة بأقدام مرتعشة، وهي تسمع صرخات طفولية تتسرب من داخل العيادة، فتسحبها يد والدتها للدخول للعيادة، تبتسم الأم في مواجهة الطبيبة، ويدور حوار بالأعين بين وجهين لا تعرف أيهما يدخر لها الخير.

تبادرها الدكتورة بمنح الطفلة الصغيرة ابتسامة تحمل خطة ما، سرعان ما تلاحقها بمنحها حبيبات من الطوفي اللذيذ الملون، تهدئها، وهي تجلسها على أريكة سوداء فوقها غطاء أبيض، وتطالبها بخلع سروالها، قبل أن تجد أيدي تقيدها من كل نواحي جسدها، ويد الطبيبة تغرس فى جسدها الحساس إبرة الحقنة، يتسرب المخدر إلى يدها وتلتقط الدكتورة مقص الجراحة لقطع جزء عزيز في جسدها.، تنام والمخدر يشل إرادتها الرافضة لاغتيال طفولتها، وتحلم بالمقص والموس يؤرقان نومها.

تستيقظ خائفة وتشعربألم كبيرفي منطقة العفة، ولا تسمع إلا كلمات تتردد بقوة حولها بعد إفاقتها: "مبروك عقبال ما تفرحي بيها الفرحة الكبيرة".

مشهد رافق طفولة الفتيات في رحلة الختان، واغتال براءة جداتنا وقت غياب المخدر، وهن يخضعن لعذاب الموس لقطع أجزاء من أعضائهن التناسلية، فقليل منهن من نجا من المقص، وأخريات واجهن مصير تعيس بإنتهاء حياتهن، نتيجة تدافع النزيف.

 منظمة الصحة العالمية حذرت في اليوم العالمي للختان، من عدد كبير من الأضرار الناجمة عن الختان، بينها عدد من المضاعفات الجسدية العاجلة كالنزيف، إلى جانب إصابة الفتاة بآلام شديدة قد تسبب صدمة عصبية، هذا إلى جانب تلوث الجرح الناتج عن الختان بالبكتريا والفيروسات

وأكدت المنظمة أن الختان يسبب قصورا فى العظام نتيجة حركة الطفلة العنيفة، خلال مقاومتها لفعل الختان، إلى جانب تشوه أعضاء الأنثى الخارجية، التي تصاحبها ندبات مؤلمة وقبيحة المنظر.

أضرار الختان

وعلى الرغم من كل تلك الأضرار التي حذرت منها منظمة الصحة العالمية، إلا أنها لم تقض على العادة التي تنتشر في مصر بصورة كبيرة، فطبقا لنتائج مسح وطني شامل لحساب التكلفة الاقتصادية للعنف القائم ضد النساء على أساس النوع الاجتماعي في عام 2015 في مصر، تحت إشراف "الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء"، فإن واحدة من كل 10 نساء تنجو من الختان، وتتعرض له 9 غيرها.

الدين يرفض الختان

ولا يعرف الكثير أن عادة الختان ليست من الإسلام في شيء، ولم يتضمن القرآن الكريم أي نص يتضمن إشارة من قريب أو بعيد عن ختان الإناث، وليس هناك إجماع على حكم شرعي فيه، وهو الجدل الدائر بين الجماعات المتطرفة ورجال الأزهر، حيث يستند المؤيدون للختان إلى الحديث الشريف المنسوب إلى النبي "ص" والذي يقول فيه:" أشمى أشمى ولا تنهكى فإنه أسرى وأحظى عند الزوج".

وإنتهى عدد كبير من رجال الأزهر إلى عدم جود دليل واحد صحيح السند يؤيد فكرة الختان، ولكنها على الرغم من ذلك تحولت إلى ظاهرة فرعونية تسير عليها مصر منذ  آلاف السنين، وتتبعها السودان، وعدد من الدول الإفريقية.

الختان عادة فرعونية

وهوما أكدته إحدى البرديات الإغريقية، من أن أصل جريمة "ختان الإناث" هم الفراعنة، والتي أكدت ختان فتاة فرعونية تدعى واسمُها «تاثميس»، في إحدى البرديَّات الإغريقيَّة العائدة لِعام 163 ق.م، والمُحتفظ بها في المتحف البريطاني، فقيل: بعد هذا بِفترة، تحايلت عليّ نفوريس "والدة تاثميس"، إذ كانت قلقة ومُتلهفة لِحُلول ميعاد خِتان ابنتها.

كما أثبتت الفُحوصات التي أُجريت على المومياءات المصريَّة العائدة لِنساءٍ وبنات وُجود آثارٍ لِلختان، وقد أشارت ماري نايت إلى الخُلاصة التي توصَّل إليها الأخصَّائي بِعلم الأمراض «گرافتون أليوت سميث»، بعد أن فحص مئات المومياءات خلال أوائل القرن العشرين، وهي أنَّ المنطقة المهبليَّة تبدو بحالةٍ شبيهةٍ بِحالة المنطقة المهبليَّة لِلأُنثى التي خُتنت ختانًا من النمط الثالث.

إقرا ايضا

بعد تحذيرات الصحة.. "الختان" يهدد مستقبل الفتيات