هل تكون القوة الناعمة بديلا عن تجديد الخطاب الديني في مكافحة الإرهاب؟
"القوة الناعمة.. كيف؟" شعار هو الأنسب لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2018، فهي السلاح الأقوى لمواجهة كل أشكال التطرف، وسوف تناقش فعاليات المعرض الذي بدأ في 27 يناير ومستمر حتى 10 فبراير، كل ما من شأنه تفعيل دور القوة الناعمة على أرض الواقع بما في ذلك اقتصاديات الثقافة وبناء جسور مع الثقافات الأخرى في محاولة لدراسة وتفعيل دور هذه القوة المهدرة في بناء مستقبل مصر.
ويعد أحد أبرز نجاحات معرض الكتاب بدورته الحالية هي محاولته إحياء دور القوة الناعمة في مصر لمحاربة الفكر الإرهابي المتطرف، في الوقت الذي دخل "تجديد الخطاب الديني" ما يشبه الثبات العميق فغالبية فعالياته، تأتي على شكل محاضرات توعوية تفتقد التأثير، وتسرف في رفض الآخر المتعصب وانتقاده دون التواصل معه أو محاولة تغييره ودون حلول جدية وسريعة.
لقد أصبح الخطاب الديني في الوقت الحالي للأسف خليطًا بين السياسة والمؤامرة، وكانت النتيجة ما نراه الآن في العراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر من تنظيمات إرهابية متعددة الجنسيات والتمويل تحت مسميات عدة من تنظيم القاعدة إلى جماعة الإخوان إلى أنصار الشريعة إلى جبهة النصرة إلى "داعش" و"بوكو حرام" وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤخرًا إلى التحذير من مخاطر عدم تكاتف المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب، مؤكدًا أن نار الإرهاب ستطول الجميع إذا لم يتحرك العالم بسرعة، وداعيا المجتمع الدولي إلى التكاتف من أجل مواجهة شاملة لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه بعد أن أصبح يهدد الأمن والسلم الدوليين وليس المنطقة العربية والشرق الأوسط فقط .
من المعروف أن الخطاب الديني هو عملية فكرية تهدف إلى التوعية وتسعى إلى نشر الدين عقيدة وشريعة وأخلاقًا ومعاملات وما ينفع الناس في الدنيا والآخرة، معتمدًا في ذلك على أسانيد فقهية سمحة تدعو إلى نبذ كل أسباب الفرقة والشتات وجمع شمل الأمة وما أحوجنا الآن إلى مراجعة وتنقية الأسانيد الفقهية التي يستند عليها أصحاب الفكر المتطرف الذين قاطعوا الحداثة ورفضوا اجتياز حدودها مع أن الدين قادر على اجتيازها والتعايش والتوافق معها وتصحيح مسار الخطاب الديني ما هو إلا عودة لصحيح الدين واستخدام العقل والفكر في توجيه وإرادة القوة الناعمة في مواجهة التطرف واستئصال جذوره الداعية للإرهاب كما أن تصحيح مسار الخطاب الديني هو أيضا دعوة وطنية أممية لوقف حالة الصراعات والإرهاب العابر للحدود.
استغلال القوة الناعمة مبادرة تعد خطوة على الطريق الصحيح للتغلب على المعوقات التي حالت دون تحقيق الاستفادة القصوى من الجهود المبذولة فى مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، وأهمها غياب التنسيق والتكامل فى الأدوار بين المؤسسات المختلفة، إضافةً إلى اختلاف الرؤى والتصورات حول مفهوم المواجهة وآلياتها وأدواتها.
تتضمن القوة الناعمة، "السينما، والموسيقى، والثقافة، والمناهج التعليمية، والدبلوماسية، إلخ.."، واتجاه الدولة لتنمية قواها الناعمة واستغلالها بالشكل الأمثل سيوفر الكثير من الوقت ويضمن فوزها بالحرب على الإرهاب والفكر المتطرف الذي اتجه إلى قتل المدنيين في المساجد والكنائس دون تفرقة.
الدولة تحاول بذل الكثير من الجهد في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والحفاظ على الأجيال القادمة من أفكار الجماعات الإرهابية، خاصة بعد تحول هؤلاء من استغلال الزوايا والمساجد في نشر أفكارهم إلى التكنولوجيا المتطورة والسوشيال ميديا، الأمر الذي يلزم الدولة على اتخاذ خطوات سريعة وجادة لمحاربة هذا الورم الخبيث، مستغلة كل أسلحتها "القوة الناعمة، الخطاب الديني"، إلى جانب سيف الدولة ودرعها الحامي "القوات المسلحة والشرطة".
وتشكل القوّة الناعمة أداة تستخدمها الدول في سياستها الخارجيّة، وتتكوّن من إطار عام من الأنماط والسلوكيّات الاجتماعيّة والثقافيّة تسعى الدول إلى نشرها عالميًا من أجل تحقيق أهدافها.
ويحدث ذلك أيضًا في عصر المعلوماتيية عبر عناصر تشمل نشر الأفكار والمعلومات، والدعم الرقمي لقنوات البث الإذاعي والإرسال التلفزيوني، وترويج سلع ثقافية وخدمات وبرامج معلوماتية يكون هدفها دعم المعارضة للنظم القائمة وغيرها.
اقرأ أيضًا..