"عملت نفسها من بنها".. لماذا خرست التنظيمات الإرهابية بشأن القدس؟
"تفتح صدرها للأخ المسلم وتكف عن مهاجمة العدو الحقيقى".. هذا هو نهج الجماعات الإرهابية التي ترفع شعار "على المسلمين رايحين ضد إسرائيل ساكتين" والذي تترجمه كل مواقفها المخذلة تجاه القضية الفلسطينية، التي طالما تاجرت بها، دون أن تفرض إرهابها على إسرائيل، أو تحاول النيل منها، في الوقت الذي توجه كل يوم سهام طعناتها الخبيثة إلى صدر المسلم دون أن تفرق بينه وبينه العدو.
تناقض صارخ
التناقض الصارخ في فكر الجماعات الإرهابية عانق مؤخرا المثل الشعبي "عامل نفسه من بنها"، والذي عكس حالة الصمت الصارخ تجاه اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالقدس عاصمة لليهود عبر توقيعه مؤخرا على قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
الصمت الذي يفضح كثيرا مزاعم الجهاد الإسلامي، ليؤكد العلاقة الوثيقة بين تلك التنظيمات وإسرائيل، والتي تحولت خلال الفترات الماضية إلى رفع شعار" صديق صديقي ليس عدو" ليؤكد انسجام المصالح بين تلك التنظيمات الإرهابية وأمريكا التي تقوم بتمويل تلك التنظيمات الإرهابية، وفى مقدمتها " القاعدة" التي لم توجه طعنات خنجرها إلى إسرائيل يوما، في الوقت الذي حولت عدائها الكامل إلى الشعوب العربية عبر عدد كبير من العمليات الإرهابية التي قادتها ضد المسلمين.
تحالفات جبهة النصرة مع إسرائيل
وهو الأمر ذاته الذي انعكس على جبهة النصرة بقيادة محمد الجولاني الذي فك ارتباطه بتنظيم القاعدة مؤخرا ليتحالف مع إسرائيل، وتنسجم تلك الرؤية مع عدد كبير من التقارير العالمية التي أكدت تحالفا قويا بين إسرائيل وجبهات المعارضة في سوريا، ومن بينها جبهة النصرة، إذ نشرت عددا من المواقع العالمية صورا لاجتماعات بين عسكريين إسرائيليين وقادة من جبهة النصرة في معبر القنيطرة، بالقرب من خط وقف إطلاق النار الذي يفصل بين الأراضي التي يسيطر عليها السوريون والمناطق التي احتلتها إسرائيل في مرتفعات الجولان.
كما وثق موظفو الأمم المتحدة أيضا مركبات المتمردين السوريين تحصل على الإمدادات من الجانب الإسرائيلي، ووفقا لتقرير الأمم المتحدة في ديسمبر 2014، لاحظت قوة مراقبة فض الاشتباك أن جنديين إسرائيليين فتحا بوابة السياج التقني وسمحا لشخصين أن يمرا من الجانب السوري إلى الجانب الإسرائيلي في 27 أكتوبر، وخلافا لمعظم المقاتلين الذين دخلوا كجرحى إلى الجانب الإسرائيلي، لم يكن هؤلاء الأفراد جرحى والغرض من زيارتهم لا يزال لغزا.
هذا الصمت تجاه إسرائيل والمحاسسة عليها والخوف منها وعدم الاقتراب ترجمه أيضا إعلان داعش الذي اعتذر عن ضرب إسرائيل بعد سقوط صواريخ منها على هضبة الجولان، وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون، عن أن تنظيم "داعش" أطلق النار مرة واحدة بالخطأ فقط باتجاه الجولان ثم اعتذر عن ذلك على الفور.
مهاجمة إسرائيل ليست من أولويات "داعش"
وترجم موقف "داعش" الصامت عن مهاجمة إسرائيل مقابل الهجوم على المسلمين ومساجدهم في كل بقاع العالم، التصريحات التي أطلقها نضال النصيري المتحدث باسم التنظيم، والذي أعلن أن تحرير فلسطين ليس من أولويات الجهاد المقدس".
رغم أنه سبق تهديدا لزعيم "داعش" أبو بكر البغدادي بتحويل فلسطين إلى "مقبرة لليهود"، ليتبخر التهديد دون القيام بأي عملية إرهابية في العمق الإسرائيلي.
وهو ذات الأمر الذي انطبق أيضا على جماعة الإخوان الإرهابية التي اعترفت بإسرائيل في خطابها إلى الجامعة العربية، لتكشف الشعارات الزائفة التي كان يرددها الإخوان" على القدس رايحيين شهداء بالملايين"، إذ قال إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والأمين العام للتنظيم الدولي في رده على استخدام مصطلح «دولة إسرائيل» في رسالة جماعة الإخوان للقمة العربية أن الهدف منه هو التقريب بين الشعوب العربية وحكامهم!!
وعلق طارق أبو السعد، أحد المنشقين عن الجماعة، على هذا التناقض الفج بين هجوم التنظيمات الإرهابية على المسلمين وتركها إسرائيل، أن هذا يرتبط بالتمويلات، التي تأخذها تلك التنظيمات من أمريكا وإسرائيل، والتي تجعل منهما ثنائي قطبين لا يمكن الإقدام على مواجهتهما، مضيفا في تصريحات خاصة لـ "دوت مصر" أن تلك التنظيمات لم تنشأ لخدمة الدين الإسلامى، ولكن الإطار الوظيفي الذي تفرغت له هو تفريغ الطاقة واستغلال المفاهيم إلى مسار استثنائي معاكس، والذي يحول مفهوم الوطن إلى مفهوم الجماعة والتنظيم، ليصبح الوطن هو العدو، الذي يحق توجيه السهام إليه، وبدلا من أن يكون الشعب هو الحاضنة للانتماء يصبح الشعب في نظرهم هو العدو، وهو ما يجعل شعار تلك التنظيمات هو رفع السهام إلى صدور الشعب وتجاهل العدو الممثل في إسرائيل.
وأستطرد "أبو السعد" أن تلك المفاهيم المغلوطة في الكف عن مواجهة العدو الحقيقى وتوجيه السلاح إلى الوطن صار نهجا لدى عدد كبير من التنظيمات الإرهابية لارتباطه بالتمويلات، أن أمريكا وإسرائيل هي من تمول تلك الجماعات، وهو ما يفرض حالة من الصمت عليه اتجاه أزمة القدس، وأن التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" والقاعدة لا يمكن لها أن تحلق بعيدا عن هذا السرب، لأنها تعرف أن التمويل مرهون بها.
اقرأ أيضا
من إرهابيين إلى مدنيين.."المصلحة أولا" شعار حزب الله والتحالف مع "داعش"
مصدر سيادي يرد على أنباء ضرب مقاتلات إسرائيلية لـ"داعش" بسيناء