التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 12:57 م , بتوقيت القاهرة

صرخات ودماء.. حكايات الموت على ركام مسجد الروضة

"ابني فين.. ابني فين.. بابا فين يا ابني.. أيه ضرب النار ده.. فزع وهلع وفرار.. تخبط الرجال بالنساء.. دهس الأطفال التي سقطت طفلًا تلو الآخر أثناء التدافع.. لم ينظروا تحت أقدامهم.. عيون تنزف دماءًا.. تصل إلى الأرض من شدة الحزن والخوف.. ضربات القلب يسمعها المحيطون.. الله أكبر الله أكبر.. ارتفاع الهتافات في محاولة لاحتواء الصدمة"، كل تلك المشاهد المتفرقة عكست صورة ما حدث لحظة الهجوم الإرهابي على مسجد الروضة في سيناء أثناء صلاة الجمعة أمس.


نحو 30 تكفيريًا يرفعون علم "داعش"، اتخذوا مواقع لهم أمام باب المسجد ونوافذه البالغ عددها 12 نافذة، يحملون الأسلحة الآلية، ودون أي رحمة أو شفقة تسقط أقنعتهم التي يتخفون فيها وراء راية الإسلام والدفاع عنه، ليهجموا على المصلين أثناء إلقاء خطبة الجمعة بمسجد الروضة ببئر العبد في محافظة شمال سيناء، ولم يكتفوا بالقتل والذبح بل حرقوا 7 سيارات خاصة بالمصليين.


حل السواد على مصر والعالم العربي والأوروبي، بعد استشهاد 305 من المصليين منهم 27 طفلًا، فضلًا عن إصابة 128 آخرين تم توزيعهم على المستشفيات في حالة من الحزن والأسى تعم على الأسر والأهالي الذين فقدوا ذويهم، وعلى العالم أجمع.


27 طفلًا، كانوا ينتظرون تحقيق حلم أو هدف يرسمه خيال كل منهم، ينتظرون اللعب بعد صلاتهم الجمعة بجانب ذويهم، ينتظرون لقاء أصدقائهم للبحث عن يوم جديد مليء بالأمل والحب والترفيه، ولكن لم ينظر من لا ينتمون إلى دين أو وطن إلى قلوب وعيون أطفالنا.


أصبح التنظيم الإرهابي يدمن رائحة الدماء، ونشر الحزن والألم في قلوب المصريين، في محاولة منهم لإضعاف إرادة الدولة التي تثبت يومًا تلو الآخر صلابتها وقوتها من خلال اتحاد جميع أبنائها ليقفوا يدًا واحدة لدحر الإرهاب ومموليه، ولن يغمض جفن لأبطالنا من القوات المسلحة والشرطة إلا بعد الثأر لأولادها.


ينتمي المسجد الذي استهدفه الإرهابيون إلى "الجريرية الأحمدية" إحدى الطرق الصوفية التي صدرت في قانون 118 عام 76، حسبما أكد عبدالهادى القصبي، شيخ الطرق الصوفية في مصر، قائلًا: "شأنها شأن جميع الطرق وتتبع كتاب الله وسنة رسوله".


"الجريرية الأحمدية" تعد جزءًا من "السواركة"، ويتبعها عشرات الآلاف من المريدين بالمحافظات المصرية وفلسطين والأردن ودول الخليج، نسبة إلى الشيخ عيد أبو جرير، والذي يعد المؤسس الأول للصوفية في سيناء، ويعتبر الأب الروحي للطرق الصوفية في سيناء، وله دور مهم في المقاومة الشعبية أثناء الاحتلال الإسرائيلي لسيناء.


"السواركة".. قبيلة لها تاريخ نضالي طويل أمام الاحتلال الإسرائيلي وقدمت عشرات الأبطال، ومن رجالها العارف بالله الشيخ عيد أبوجرير المجدد الديني والقطب الصوفي، والذي التفت حوله قبائل سيناء كلها، وكان له دور بطولي في محاربة الاحتلال الإسرائيلي، وأيضًا خلف الخلفات، شيخ مشايخ سيناء، والذي وقف أمام آلة الحرب الإسرائيلية ورفض ترك أراضي القبيلة والرحيل برغم الإغراءات.


محمود السواركة، الذي قام بأكثر من 13 عملية ضد الإسرائيليين ووقع في الأسر لنحو 20 عامًا قضاها في السجون الإسرائيلية، تعرض خلالها لأعنف أنواع التعذيب حتى تحرر عام 1999، وكُرِم كبطل قومي، وقدمت السواركة عددًا من الشهداء ودفعت فاتورة الإرهاب وحرب العصابات التي تجرى على أرض سيناء من جانب الجماعات المسلحة، والتي تنتمي إلى تنظيمات عدة يأتي على رأسها تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي.


"ذبحوا المسن".. وصفوا الشيخ سليمان أبو حراز، الذي يبلغ من العمر 98 عامًا آنذاك، بأنه مرتد، متهمينه بممارسة السحر والكهانة، وفي نوفمبر الماضي، بث تنظيم بيت المقدس، الذي أعلن مبايعته لتنظيم داعش، مقطع فيديو يوثق ذبح الشيخ سليمان أبو حراز، أحد أكبر مشايخ الطرق الصوفية في سيناء.


استهدف التنظيم "الصوفيون" في العديد من العمليات الإرهابية، بداية من تفجير ضريح الشيخ سليم أبوجرير بقرية مزار، وضريح الشيخ حميد بمنطقة المغارة وسط سيناء عام 2013، وذبح الشيخ سليمان أبوحراز، أكبر مشايخ الطرق الصوفية في سيناء، بدعوى "التكهن، وإدعاء معرفة الغيب"، في نوفمبر 2016، ثم بث تنظيم أنصار بيت المقدس مبايعته لتنظيم "داعش" الإرهابي معلنًا اسمه الجديد وهو "ولاية سيناء".


اقرأ أيضًا..


«الطريقة الجريرية».. من محاربة إسرائيل إلى مواجهة الإرهاب بسيناء: الهدف واحد


الإرهاب يكشف عن وجهه "المجرم" باستهداف مسجد الروضة.. وبرلمانيون: لا دين له