التوقيت الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024
التوقيت 08:19 م , بتوقيت القاهرة

لماذا يكرهونهم؟.. تعرف على قنابل "الصوفية" لتفكيك فكر "داعش"

"قبول الآخر ونشر التسامح" قيم نبيلة تحملها الصوفية تاجًا يكلل رؤوس أصحابها تزعج تنظيم "داعش" الإرهابي والتنظيمات الجهادية التكفيرية التي لا تكف عن اغتيال الأبرياء، وتتخذ من كراهية الآخر والهجوم عليه بالسلاح حاضنة قوية لأفكارها لنسف وتفجير كل معارض.


لذا جاء الهجوم على مسجد الروضة التابع للطرق الصوفية ببئر العبد كتطور طبيعي يتسق مع تعطش "داعش" للدماء انسجامًا مع كراهيته للتصوف الذي يقبل بفكرة التنوع الديني إلى جانب عزوف الصوفية عن فكر جماعات الإسلام السياسي، ومعاداتها للتعصب، وهو ما يجعل الصوفية قادرة على امتلاك أدوات وأسلحة فتاكة تهزم فكر داعش وتفككه دون أن تحمل السلاح مثله، هذا السلاح يدركه "داعش" جيدًا ويعاقبها بتفجير أنصار الصوفية وتابعيها في كل مكان على أرضها، والتي تحتل حضورًا قويًا في بيئة سيناء، وتمثل حاضنة فكرية لما يقرب من 60% من المجتمع السيناوي.


استهداف مسجد الروضة من قبل داعش


تهديد "داعش" للصوفية"


هذا الخوف والإدراك لخطوة القيم التي تدعو لها الصوفية، قادت التنظيم الإرهابي إلى تطوير عملياته الإرهابية النوعية لتهديدها عقب تفجير الكنيسة البطرسية في ديسمبر الماضي، حينها أعلن تنظيم "داعش" عن نيته لاستهداف الطرف الصوفية في سيناء، ليقوم بعدها "داعش" في 19 نوفمبر من عام 2016 بقطع رأس الشيخ سليمان أبو حراز، أحد شيوخ الطرق الصوفية، ونشر فيديو لخلق فزاعة الخوف بين أنصار الشيخ، وحينها ذكر أمير الحسبة في سيناء أن عموم الطرق الصوفية "القبورية" على حد زعمه ستدخل دائرة الحرب التى أعلنها، وهو يدعو أقطاب الطريقة الصوفية إلى التوبة أو القتل وأخذ أموالهم غنيمة، وهي ذات الغيرة التي أضمرت قلب "داعش" نتيجة الشعبية الكبيرة التى حظى بها الشيخ سليمان أبو حراز.


الشيخ سليمان أبو حراز أثناء ذبحه


والذي كان من عباد الله الصالحين، وكان دائم التذكير بقصة الخضر عليه السلام، فكانت كراماته كبيرة، وكان دائم الصلاة على النبي، متخذًا من زهده نقطة انطلقت إليه محبة الجميع من شباب الصوفية وأهالي سيناء، الذين كانوا يلجئون إليه للنصيحة والإرشاد، إلا أن تلك الزعامة الشعبية التي اعتمدت على المحبة، دون أن تتخذ من السلاح سبيلا، كانت القنبلة التي امتلكها "الشيخ" لتفكيك فكر "داعش" الإرهابي الذي لا يقبل بغير زعامته بديلا، وهنا لجأ إلى ذبحه، وهو يزعم أنه كاهن يشيع الدجل والشعوذة بين أنصاره، وهم ينكرون آيات الله عن قصه الخضر: «عبدا من عبادنا آتيناه رحمة وعلما» نسف العباد الصالحين ذوى الزعامة صار نهج "داعش" للقضاء على أي بؤر للسلام، باستهداف أصحابها، وحينها تصبح تهمة التفكير وعبادة الوثنية واجبة لقتل صاحبها، وهو ذات التهديد الذي أكدت عليه صحيفة "النبأ" التي يصدرها التنظيم، والتي بررت اغتيالها للشيخ بتعاونه مع قيادات الأمن مزاعم "داعش" لكراهية الصوفية لا تنتهي، حيث ينظر السلفيون الإرهابيون والتنظيمات التكفيرية إلى "الصوفية" على أنهم مبتدعون لطرق عبادة مخالفة لتعاليم الإسلام، فضلا عن اتهامهم بأنهم دخلوا في خانة "الشرك".


شعبية الشيخ سليمان أبو حراز


أصل الصوفية


وتمثل الصوفية التي يعود أصلها إلى كلمة "الصوفية"، والتي تعني من التعبير العربي الصوف أو الكافي، والتي ترمز إلى الزهد والتقشف عوامل خطيرة في نظر "داعش" تدفع أنصارها بعيدًا عن اعتناق فكر "داعش" والتنظيمات المتطرفة، حيث ترفض الصوفية العنف وتستند إلى سلاح المحبة عاملًا قويًا في جذب المريدين.


كما يرجع الخوف الكبير من جانب "داعش" اتجاه الصوفية، لكونها قادرة على الانتشار في العالم على عكس غرار فكرة، حيث ينظر إلى رموز الصوفية في العالم على أنهم مرشدون ومعالجون لأمراض المجتمع النفسيه، ما يساهم في التخلص من قيم العنف والتطرف، وهو ما يثير غيرة "داعش" الذي يخاف كل يوم من تنامي إقبال العالم على قيم الصوفية كما يرجع كراهية "داعش" إلى الصوفية إلى نجاحها في التكيف مع النظريات الإسلامية في العالم، وقدرتها على الانخراط مع المجتمعات على اختلاف الأديان والألوان ما يزيد من شعبيتها وامتدادها كل يوم داخل نسيج المجتمعات.


أصل الصوفية


الصوفية مرض لدواء "داعش"


وهو ما تؤكده تقارير دولية على تصاعد شعبية الصوفية التي تقبل بالتعددية الإسلامية، مقابل "داعش" والتنظيمات الجهادية التي لا تقبل فكرة التعايش مع الآخر، أو التسليم بالتعددية العقائدية والمذهبية ووفقا لمجلة نيوزويك، فقد نشرت من قبل تحقيقًا أكد هذا الخوف الكبيرالذي يقود "داعش" لاستهداف الصوفية، التي تعد دواء لمرض"داعش"، وهو ما دفع التنظيم إلى استهداف مقام " لا شهباز" من قبل، والموجود في جنوبى باكستان، وكذلك المساجد والأضرحة في كل من العراق وسوريا، وتؤكد دراسات عديدة ترصد ظاهرة تنامي الصوفية في العالم


إلى نجاحها الكبير في إصلاح المجتمعات للقضاء على الشر، حيث تتنوع الطرق التي يتبعها أصحابها رغم اختلاف المذهب والعقيدة كما أن امتزاج الصوفية بعددا من الروحانيات الغربية، كاليوغا، وتغللها في نسيج العالم عبر الرقص الصوفي والمولويات الشهيرة، إضافة إلى الشهرة العريضة التي احتلتها في عدد كبير من الكتب العالمية، والتي جعلت من كتاب "قواعد العشق الأربعون، لمؤلفته إليف شافاق ذا شهرة كبيرة، تدفع كل يوم "داعش" الى كراهية " الصوفية" وأتباعها، لأنها تكشف كل يوم عن هزيمة "داعش" الذي يستطقب المرضى النفسيين فقط وذوى الميول العدوانية، وليس قادرا على استقطاب شرائح كبيرة من المسلمون وغيرهم داخل نسيجه، وهو ما تقفز عليه الصوفية كل يوم بتحقيق النصرعليه.


وترجمت تلك الكراهية الشديدة من جانب"داعش" إلى الصوفية عبر استهداف عشرات المقامات والأضرحة في العراق، كان أبرزها مرقد النبي يونس، ومقام أويس القرني و عمار بن ياسر، مقام زوجة النبي أيوب، ومزارات الطريقة الرفاعية، الموجودة فى سوريا والعراق، ومزار النبى داوود، ومزار الأربعين.


المولوية الصوفية


اقرأ أيضًا 


"هجوم الروضة" ليس الأول.. التسلسل الزمني لعمليات داعش ضد "الصوفية"


النائب العام يأمر بفتح تحقيقات مكبرة في حادث مسجد الروضة