التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 10:21 ص , بتوقيت القاهرة

يوم الكرامة| عام الضباب.. أثر جانبي لخطة الخداع الاستراتيجي قبل حرب أكتوبر

"لقد تحملت ما لا يتحمله بشر من السخرية والهجوم والتندر على عام الحسم.. ولكن كل شيء يهون لأجل مصر ومصلحتها العليا".. هكذا قال السادات بطل الحرب والسلام قبل معركة الإنتصار فى السادس من أكتوبر، وبعد اكتشاف حقيقة مماطلته للحرب فى السنوات السابقة لحرب أكتوبر، فما كانت إلا خدعة للإعداد للحرب، حتى لا يكون فيها مجالا للمفاجأة والهزيمة.


حاول الرئيس السادات كثيرا أن يبين للشعب والطلاب والتيارات السياسية أنه قد قرر دخول الحرب فيما يسمي بعام الحسم 1971 وليس هناك تراجع عن هذا القرار ابداً، وققتها قال كلمته الشهيرة إن القوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة سوف تعبر قناة السويس لتتولى مسؤوليتها الوطنية على الضفة الشرقية للقناة.


حكاية أزمة "الضباب"


حكاية الضباب استوحاها الرئيس السادات من موقف حدث أمامه بين الرئيس جمال عبدالناصر، ووزير الحربية محمد فوزي، عندما حدث موقف مشابه لما هو فيه، و كاد عبدالناصر ان يدخل في معركة، وتراجع عنها بسبب الضباب.


وبعد هزيمة يونيو  1967 جاء محمد فوزي وزير الحربية بإنذار لجمال عبدالناصر بأن هناك لواءا اسرائيليا مدرعا وصل الى القنطرة شرق و ان هذا اللواء وصل و معه أدوات العبور، وهذا يعني أنه يريد أن يعبر الى غرب القناة و اصدر عبدالناصر أمرا إلى محمد فوزي أن يضرب اللواء الإسرائيلي شرق القناة و هو في القنطرة شرق قبل أن يعبر الى الغرب و قد خرجت فعلا القاذفات المصرية الساعة الثانية ظهرا و تمت عده محاولات لضرب الاسرائيليين .. لكن الرؤية كانت مستحيلة فوق القنطرة شرق، حيث خيم ضباب على المنطقة بالكامل، و عادت الطائرات ولم تضرب شيئا و قال الرئيس عبدالناصر يبدو أن الله لم يكتب لنا ان ندخل معركة القنطرة هذه، و أمر فوزي بإعادة القوات.


حتى في رمزية الموقف اختار السادات موقفا حقيقيا، وأشار به إلى الحسابات التي استجدت، ويجب دراستها وعدم الدخول في الحرب الا بعد الاستعداد لها جيدا،  و يقول الرئيس السادات انا صريح مع شعبي و دائما اضع الحقائق امامه حتى حكاية الضباب لها سابقه في نضالنا مع اسرائيل، و لكن في اي دولة بالعالم حدث أن قام الرئيس بشرح تفاصيل الخطط العسكرية واحتمالات الغارات الجوية و الاتصالات السرية مع الحلفاء؟ كيف يريدوني أن أصرح بكل هذا أمام الملأ؟


نصر أكتوبر


خطاب "الضباب"


وقال السادات حينئذ بخطابه في 27 يناير 1971، لمح أن الأمور غير واضحة ومحسومة مع حلفاءه، وأن الموقف يغطيه الضباب"، "كنوع من الرمزية في اللفظ"، وأن هناك اتصالات على أعلى مستوى مازالت جارية، وقامت بعد هذا الخطاب كل القوى السياسية والاتحادات الطلابية ولم تهدأ، وسُمي هذا الخطاب تندرا و استهزاءا بخطاب الضباب.



أزمة أسلحة الاتحاد السوفيتي


الاتحاد السوفيتي بالفعل خالف وعده بإرسال الأسلحة التي اتفق عليها مع عبد الناصر، وأيضا أخلف وعده فى إرسال الأسلحة للسادات قبل موعد الحرب، بجانب قوله عدم استخدام الأسلحة إلا بأمر منه.


وقال السادات وقتها "بعد أن طرحت شعار الصمت و الصبر واجهتني ألوان من السخرية ولم يكن أمامي سوى أمر من اثنين .. إما أن أحكي قصة الاتحاد السوفيتي و أكشف موقفه كاملا أمام الرأي العام المحلي و العالمي و لم يكن هذا في صالح مصر .. مع أن الموقف السوفييتي كان متعمدا للإساءه لي و الاضرار بي .. أو أن اتحمل السخرية و أن أكتم انفعالي و أن أتحمل وحدي، واخترت الأمر الثاني لأني أنظر الى الصالح العام، ولا يمكن أن تجرفني مواقف انفعالية، ولا أن ابدد جهدي في معارك جانبية.


مسيرات طلابية لرفض "قرار تأجيل الحرب"


بعد إعلان السادات تأجيل الحرب، اشتعلت الندوات الطلابية، ونظمت المسيرات، وقامت الاتحادات الطلابية لكليات الآداب والاقتصاد والهندسة بالمسيرات والاجتماعات الجماهيرية، ووصلت الى بيت الرئيس نفسه، و لمقر الاتحاد الاشتراكي.


هكذا كان الموقف مشتعلا في الداخل و حتى أنه وصل الشحن والحماس بالطلاب للاشتباك مع بعض، و وقعت احداث مؤسفة و قاموا بالاعتداء على مدير الجامعة و طرد مندوب الاتحاد الاشتراكي عندما حاول مناقشتهم، وطالب طلاب الجامعات بحضور السادات شخصيا للتفاهم معهم و شرح موقف الضباب الذي يسخرون منه، وتمت طباعة نشرات ودوريات جامعية، وتوزيعها على المقاهي، وتعليقها في الأحياء رفضا لتأجيل الحرب.


مظاهرات الطلاب في  عام الضبابمظاهرات الطلاب في  عام الضباب


موقف السادات


لم يعبأ السادات لكل هذة الضغوط التى قام بها الطلاب والقيادات السياسية وكان يعمل في هدوء مع القوات المسلحة في الدراسة و التخطيط و الاستعداد لكل الاحتمالات، وكان يستغل الوقت في التصعيد الدولي، وكسب التأييد لقرار مجلس الأمن 242، والذي من خلاله سيعتمد على فض الاشتباك بعد الدخول بالحرب.


وعند اشتداد الموقف ووصوله إلى شخص الرئيس السادات، وإيصال أوراق إلى منزله بها إساءه متعمدة له، وهجوم الصحافة عليه، أمر بإرسال 120 صحفيا إلى الاستعلامات وعدم السماح لهم بالكتابة مع أخذهم لمرتباتهم كاملة، حتى يكفوا ألسنتهم وأقلامهم الجارحة، لأنها تضر وحدة الجبهة الداخلية التي يعد لها.


وفي سبتمبر 73 أعادهم إلى سابق أوضاعهم ليدخل معركة أكتوبر المجيدة، ويجدوا أنفسهم بموقف لا يحسدون عليه لما هم فيه من قله الفهم وضيق البصيره أمام ما كان يعد له السادات "بطل الحرب والسلام".


السادات وخطة الحرب


خطاب النصر 



اقرأ أيضا ..


حرب أكتوبر ..الاستراتيجية المصرية في عيون المارينز