زواج القاصرات يفتك بالطالبات.. والخبراء يقدمون روشتة "مواجهة قتل البراءة"
ملف زواج القاصرات أصبح ظاهرة فجة ومنتشرة في المجتمع المصري مؤخرا تحاول الدولة علاجها بشتى الطرق، بعدما كشفت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، أن نسبته في مصر وصلت إلى 16% مؤكدة أنها نسبة عالية.
تأثير سلبي
قالت الدكتورة مايسة شوقي ،نائب وزير الصحة والسكان، إن الظاهرة منتشرة بمصربشكل كبير، وتؤثرسلبيا على صحة الفتاة الجسدية والنفسية وعلي مستقبلها الاجتماعي وتمكينها كإمرأة في المجتمع.
وأوضحت "شوقي"، لـ "دوت مصر"، أن انتشار ظاهرة الزواج المبكر في مصر يرجع للعادات والتقاليد، بالإضافة لتأثير الظروف الاقتصادية للأسرة التي قد تدفعهم لزواج فتياتهم مبكراً، والذي يترتب عليه تسرب الفتيات من التعليم.
جهود الحكومة
وعرضت "شوقي"، جهود الحكومة بشأن التصدي للزواج المبكر، ومنها إعداد المجلس القومي للسكان استراتيجية قومية للحد من الزواج المبكر، والتي تم تجريبها بالفعل في مركز البدرشين بمحافظة الجيزة، وتم استخلاص التجارب الناجحة منها، مُشيرة إلى أن جزء كبير من هدف هذه الاستراتيجية هو إخراج مشاريع قوانين داعمة للحد من الزواج المبكر، وهو ما تم بالفعل، حيث أخرج المجلس مشروع قانون للتعليم بولاية المحافظ باسناد عقوبة التسرب من التعليم بدلا من وزير التربية والتعليم، وهذا القانون سيُقدم لمجلس النواب في الدورة البرلمانية القادمة، مما سيُحد من ظاهرة التسرب من التعليم.
كما أشارت إلى وجود مشروع قرار وزاري يُصدره وزير العدل لعقوبة المأذونين الذين يزوجوا الأطفال القُصر قبل 18 عام بزواج عرفي ثم يوثقوا الزواج فيما بعد، بالإضافة للتوعية بقضية الزواج المبكر من خلال الوزارات والهيئات التنفيذية والجمعيات الأهلية بإشراكها مع وزارة التضامن إلى وسائل الإعلام.
كما أشارت إلى احتفال المجلس القومي للطفولة والأمومة باليوم العالمي للحد من الزواج المبكر في نوفمبرالقادم، وفي إطار الاستعداد لهذا اليوم سُيقام يوم مدرسي تُمارس فيه الأنشطة الخاصة بالتوعية بخطورة الزواج المبكر، ويضم الطلبة وأولياء الأمور.
وواصلت "شوقي"، رصد جهود الحكومة من خلال تأهيل الفتيات المتسربات من التعليم عن طريق المدارس المجتمعية والمدارس الصديقة للفتيات، والتي ارتفع عددها إلي 5000 مدرسة بعدما كانت 1200، كما يدرس المجلس القومي للطفولة والأمومة وضعية هذه المدارس للارتقاء بأدائها،سواء الارتقاء بالمناخ المدرسي أو البيئة المدرسية وبتدريب المعلمات في هذه المدارس وتطوير المناهج التي يُدرسونها ،ويأتي ذلك بالتعاون مع وزارة التربية و التعليم.
تحاليل نفسية
من جانبه قال الدكتور محمد فتح الله،خبير التقويم والإحصاء النفسي والتربوي، "من المفترض تهيئة الفتاة المقبلة علي الزواج لتكوين أسرة متكاملة، فالأمر لا يكتفي علي وصولها سن البلوغ، ويرجع ذلك إلى كون الزواج بناء متكامل".
وأوضح فتح الله لـ"دوت مصر"، أن الفتاة لا يكتمل نموها العقلي إلا بعد مرحلة عمرية محددة، وهي التي حددها القانون في عقد الزواج، والتي لا يراها نوع من أنواع التعسف ضد الفتاة بشأن زواجها، فيجب أن تكون مؤهلة وناضجة عقلياً.
وأشار إلي أن التسريع بالزواج للفتاة القاصرة ظناً من الأهل أنه نوع من أنواع السترة يُضيع علي الفتاة فرصة حياة طيبة، ويرجع ذلك إلى أن الأصل في الزواج إقامة حياة متكاملة،إلي جانب تقبل الفتاة لإنجاب أطفال وإلى أن تكون عضوا مؤثرا،و هو ما من شأنه ضرورة توافر نمو عقلي وذهني لدى الفتاة.
وشدد "فتح الله"، علي ضرورة إخضاع الفتاة المقبلة علي الزواج لبعض التحاليل النفسية، شأنه شأن إخضاع الفتاة لبعض التحاليل الطبية وذلك للتحقق من قدرة الفتاة المُقبلة علي الزواج علي إقامة بيت.
كما طالب أستاذ التقويم والإحصاء النفسي والتربوي مؤسسات المجتمع المدني المعنية بهذا الشأن بإعداد برامج لتأهيل الفتيات المُقبلات علي الزواج بشكل علمي ومنهجي تسهم في خفض حالات الإخفاق والفشل في الزواج الناتجة عن عدم وجود التهيئة العقلية والذهنية بشكل كافي للفتاة.
وفي ذات السياق، قال الدكتور كمال المغيث الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، إن الظواهر الإنسانية مركبة، وذلك على عكس الظاهرة الطبيعية التي تترتب النتيجة فيها على سبب واحد، فإذا تحدثنا على سبيل المثال عن تمدد الحديد فسنجد أن الحرارة هي وحدها السبب لذلك، لكن في حديثنا عن الظواهر الإنسانية تصبح الأسباب والنتائج مركبة.
أسباب انتشار الزواج المبكر للقاصرات
واستعرض "المغيث" بعض أسباب انتشار ظاهرة الزواج المبكر للفتيات القاصرات، مُشيراً إلي أن زواج القاصرات يرجع إلى وجود فقراء في حاجه للمال، إلى جانب فكرة التخلص من الفتاة كلما أمكن ذلك بشكل أسرع، وذلك لاعتبار الفتاة خطر على السمعة بتصرفاتها عند وصولها لمرحلة البلوغ وما بعدها ومرحلة المراهقة، بالإضافة إلى وجود تخلف للوعي لدى أسرة الفتاة، وأيضاً لعدم توافر خطط تنموية تستطيع جذب الفتيات للعمل برواتب مجزية يتم من خلالها الحصول علي كيانهم.
وأوضح "المغيث"، أن سبل التصدي لهذه الظاهرة تشمل القيام بتوعية الأسر بخطورة ذلك، إلي جانب الحاجة لوجود قانون صارم يعاقب كل الأهالي والمحامين والمأذونين المشتركين في جريمة تزويج قاصر مهما كانت مبرراتهم، بالإضافة إلى وجود توعية دينية وخطاب ديني مستنير وتنمية في الريف.
مخاطر الزواج المبكر
وقال "المغيث"، إن لزواج القاصرات عدة مخاطر، منها المخاطر الصحية علي الفتاة، فلا تكون فسيولوجيتها مناسبة لاستقبال جنين وتربيته.
وأشار"المغيث"، إلي المخاطر الاجتماعية لزواج القاصرات، والتي تتضمن وجود أطفال بلا هوية، ويرجع ذلك إتمام الزواج في ظروف غير معلومة، فينتهي الأمر بأنه على الرغم من تواجد الطفل بمصر إلا أنه يحمل جنسية غير مصرية، إلى جانب انقطاع صلة التواصل بوالده الغير مصري، والتي يترتب عليها عدم قدرة والدته علي الإنفاق عليه وتعليمه مما سينتهي به الأمر إلى تسربه من التعليم واستمرار دائرة الفقر في المجتمع بهذا الشكل.
مقترحات خفض سن الزواج
وعلقت سالي الجباس، مدير مؤسسة "سيزا نبراوي" للقانون، حول الجدل المثار حول تعديلات قانون الطفل وخفض سن الزواج، قائلة إن هذه التعديلات مجرد اقتراحات لم يتم الموافقة عليها من جانب مجلس النواب.
وأوضحت مدير مؤسسة "سيزا نبراوي" لـ " دوت مصر " أن الدستور المصرى أقر التعليم الإلزامى للطفل حتى النظام الثانوي بهدف الحد من مشكلة الجهل وعدم إقبال أهل الريف والصعيد على تعليم أبنائهم، متابعة "هل يعقل أن نرجع خطوة للخلف ونشجع على خروج الفتيات من المدارس وتشجيع الأهل على تزويج بناتهم فى سن 16 بموجب قانون تم فى الأساس تعديله من قبل؟".
وأكدت أنه إذا كان اقتراح خفض سن الزواج جاء من منطق حل مشكلة الزواج غير الموثق مدنيًا ولجوء بعض الآباء إلى زواج بناتهم تحت سن 16 بعقود زواج غير موثقة "الزواج العرفى أو الشرعى على يد مأذون دون توثيقه في السجلات المدنية الحكومية أو فى دفتر المأذون"، كان من الأولى فرض عقوبات على الأب الذي يلجأ إلى زواج ابنته مبكرًا أو أن يعاقب المأذون الذي عقد هذا الزواج أو المحامى الذي كتب عقد الزواج دون الحاجة إلى إباحة الزواج المبكر وزواج القاصرات.
اقرأ أيضا ..
قانونية حول "خفض سن الزواج": الأولى فرض عقوبات على من يزوج ابنته مبكرا
الصحة: استراتيجية قومية للحد من الزواج المبكر في البدرشين بالجيزة