التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 01:21 م , بتوقيت القاهرة

في ذكرى غزو العراق للكويت.. لا ننسى دور مصر في ترسيخ القومية العربية

تأكيدًا لمواقفها التاريخية في خدمة الأمن القومي العربي، لم تقف مصر مكتوفة الأيدي أمام الغزو العراقي لدولة الكويت الشقيقة، الذي قاده الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وفي الثاني من أغسطس الموافق عام 1990 كانت ذكرى غزو العراق للكويت.


تزامنًا مع ترسيخ مصر للحفاظ على القومية، قادت مصر التحرك الدبلوماسي الذي حشده له الشيخ صباح الأحمد لحشد التأييد العربي والدولي لدعم الشرعية الكويتية استنادًا إلى خبراته الكبيرة، وخلف الغزو الغاشم الذي قاده "صدام" دمارًا في الكويت مخلفًا آثارًا جسيمة على عدد من المباني والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية وشركات القطاع الخاص والمنازل الخاصة، ورغم كل ذلك أصر الكويتيون على الوقوف بجانب قياداتهم الشرعية صفًا واحدًا للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته.


تدمير العراق لحقول النفط الكويتى


سياسة الأرض المحروقة


وإبان ذلك عمد نظام الاحتلال العراقي البائد إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة ولجأ إلى إحراق 752 بئرًا نفطية وحفر الخنادق التي ملأها بالنفط والألغام، لتكون في وقت لاحق من فترة الغزو حدًا فاصلًا بين القوات العراقية وقوات التحالف.


وأثناء تصاعد الجرائم التي ارتكبها "صدام" امتلكت القيادة الكويتية إدارة حكيمة لمواجهة الغزو بدءًا من أمير الكويت في مقابل ذلك كان للإدارة الحكيمة المتمثلة في أمير الكويت دورًا في الصمود بدأ من الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح إضافة إلى الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، والذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك فضلًا عن التأييد الشعبي داخليًا وخارجيًا، لتكون لهذه الإدارة دورًا بارزًا في كسب تأييد المجتمع الدولي لتحرير دولة الكويت من براثن الغزو.


قمة عربية لرفض الغزو


دعم مصر للأمن القومي العربي


ولم تقف مصر مكتوفة الأيدي اتجاه هذا الغزو الغاشم، بل كان الموقف المصري الحاسم  الذي عكس  ثوابت الرؤية المصرية للأمن القومي العربي، وهي الرؤية التي أكدت في السابق موقفًا مصريًا مماثلًا في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، عندما تصدى لأطماع حاكم العراق الأسبق عبدالكريم قاسم عام 1961 ورفض مساعيه لاحتلال الكويت، مؤكدًا أن مصر لا تقايض على مواقفها، وعلاقتها بدولة الكويت الشقيقة علاقة استراتيجية لا تتأثر بالمصالح الوقتية أو المواقف التكتيكية.


مظاهرات فى العالم لرفض غزو الكويت


دعم المجتمع الدولي لرفض الغزو


وانضم إلى موقف مصر، المجتمع الدولي الذي أدان جريمة النظام العراقي البائد في حق دولة الكويت، وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارات حاسمة بدءًا بالقرار رقم 660 الذي طالب النظام العراقي بالانسحاب فورًا، بالإضافة إلى حزمة القرارات التي أصدرها المجلس تحت بند الفصل السابع من الميثاق والقاضية باستخدام القوة لضمان تطبيق القرارات.


وصدرت الكثير من المواقف العربية والدولية التي تدين النظام العراقي وتطالبه بالانسحاب الفوري من الأراضي الكويتية وتحمله المسؤولية عما لحق دولة الكويت من أضرار ناجمة عن عدوانه.


الشيخ صباح الأحمد


دور صباح الأحمد لمقاومة الغزو


ومع تصاعد الرفض العربي للغزو العراقي، قاد الشيخ صباح الأحمد الجابر أمير الكويت الدور الأكبر في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية، استنادًا إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة منذ بداية تسلمه حقيبة وزارة الخارجية عام 1963، ونجاحه في توثيق علاقات دولة الكويت بالأمم المتحدة ومنظماتها ودولها الأعضاء، ونجحت جهوده الدبلوماسية في كسب الكويت مساندة عالمية وعربية  من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولي لطرد المعتدي وتحرير الكويت.


ثوابت تعانق القرارات الدولية 


 اعتمدت الكويت لمقاومة الغزو العراقى على عددا من السياسات الخارجية التى مثلت ثوابت راسخة لتشجيع المجتمع الدولى على استصدار قرارات دولية لإدانه الغزو، وتحديدا فى الفترة  من 1990- 2001، وكانت أبرزها القرارات الصادرة عن مجلس الأمن أثناء فترة الغزو وقبلها النظام العراقي بقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991، وخلال هذا التوقيت تميزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق حتى عام 2003 بنقطتين مهمتين، الأولى مفادها أن النظام العراقي البائد لا يمكن الوثوق به و التعامل معه، والثانية هو أن الشعب العراقي مغلوب على أمره ، وهو ضحية للنظام الحاكم لذلك وقفت الكويت الى جانب الشعب العراقي باعتباره شعبا عربيا مسلما.


 الشعب العراقي في القلب


وفي هذا الجانب، قال الشيخ صباح الأحمد، في تلك الفترة، "نحن نفرق جيدًا بين النظام والشعب ولا يسعنا إطلاقًا أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر" مؤكدًا أن الكويت تساعد الشعب العراقي بعد التحرير بإرسال المعونات خاصة للنازحين من الشمال والجنوب.


وكانت مقولته الشهيرة في 4 أغسطس 1998 ردًا على المزاعم نظام  العراق البائد، أن الكويت تقف وراء استمرار العقوبات الدولية على حكومة بغداد الدليل الأكبر والقاطع على الموقف الكويتي حين قال "نحن لسنا دولة عظمى حتى نفرض على مجلس الأمن أن يرفع العقوبات أو يبقيها على العراق" مؤكدًا أن العراقيين الموجودين على أرض الكويت يعيشون فيها بكل تقدير واحترام .


وفي تصريح آخر  للشيخ صباح الأحمد بتاريخ 23 نوفمبر 1998 في ختام زيارة وزير الخارجية  الأسبق عمرو موسى للكويت بخصوص الأزمة العراقية مع العالم أكد أن الكويت لا تخطط للمساعدة على عمل أي شيء سلبي داخل العراق فمسألة إسقاط صدام حسين شأن داخلي عراقي لا دخل للكويت فيه.


 قوافل المساعدات


استنادًا إلى المبادئ الإنسانية التي تؤمن بها الكويت حكومة وشعبًا، انطلقت المساعدات الكويتية إلى شعب العراق منذ عام 1993، وبتوجيهات من الشيخ صباح الأحمد بدأت جمعية الهلال الأحمر الكويتية في إرسال مساعداتها إلى لاجئي العراق في إيران منذ أبريل عام 1995، وذلك حرصًا من الكويت على الوقوف في صف الشعب العراقي في كل الأوقات بإنسانية ومحبة واحترام محافظًا على حق الجيرة والجوار.


وعقب حرب تحرير العراق عام 2003، سارعت دولة الكويت إلى تقديم العون والإغاثة إلى اللاجئين من هذا الشعب الشقيق، حيث تعد الكويت اليوم من أكبر مساندي العراق في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والصحف.