حكايات إخوانية| طرد الإخوان من السودان
هكذا طيرت وكالات الأنباء وبعض المواقع والصحف نقلًا عن جريدة الحياة اللندنية هذا العنوان، الذي يتحدث عن طرد عدد من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان الهاربين من مصر، في إطار ما اعتبره البعض محاولات النظام السوداني التأكيد على مكافحة الإرهاب، واستعداده للإنخراط في تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في ظل قيادة ترامب، بينما أضاف البعض أن الحكومة السودانية فعلت ذلك في إطار محاولتها استرضاء القيادة السياسية المصرية بطرد عناصر الجماعة المصنفة إرهابية في مصر، فما حقيقة ما جرى بالضبط؟ وهل طرد بالفعل السودان عددًا من قيادات الجماعة؟
حقيقة الأمر أن السودان لم يطرد شخصا واحدًا من أراضيه من أعضاء الإخوان الهاربين إلى السودان، في الفترة التي شهدت الصدام بين الطلبة والدولة في أعقاب فض اعتصام رابعة والنهضة، حيث شهد العام 2014 تحول عدد من شباب الجماعة إلى ساحة العنف وبداية تشكيل كيانات مسلحة، تجسدت في مجموعات مثل كتائب المقاومة الشعبية وحلوان وضنك وولع ولواء الثورة وأخيرا حركة حسم.
تلك المجموعات التي كان قوامها الرئيس هؤلاء الطلبة الذين وضع بعضهم على لوائح الإتهام أو الإشتباه، وأصبح عدد كبير منهم مطلوبًا لدى أجهزة الأمن نجح هؤلاء فى التسسل إلى السودان وتم تأمين مساكن لهم بمعرفة جبهة محمود عزت، التي تولت الإنفاق عليهم ووضعهم فى معسكرات وإدارة نشاطاتهم بمعرفة تلك الجبهة، لكن تصاعد الصراع بين مجموعة عزت وكمال ومحاولة كل فريق ضم الشباب لجبهته ،أسفرت عن إنضمام مجموعتين من هؤلاء الطلبة إلى جناح كمال الأكثر راديكالية وعنفا، حيث بايع 47 طالب من هؤلاء جبهة كمال وينتمى هؤلاء الى محافظتى الفيوم والمنوفية ،وعندما اكتشف جناح عزت أمر مبايعة هؤلاء للقيادة الجديدة المحسوبة على جناح كمال والأكثر ميلا للعنف ،قرروا طردهم من المساكن التي ينفقون هم عليها، لكن لايملك جناح عزت القوة لدفع السودان أو الحكومة السودانية لطردهم إسترضاء لأي طرف محلي أو دولي، بل لايعدو الأمر التأكيد على تخلص جبهة عزت من تبعية هؤلاء في محاولة من جناحه للتأكيد أنه ضد العنف ولا يمول أى عنف سواء فى مصر أو خارجها، حيث يدرك أن السودان رغم بروز المكون الإخوان فى تركيبة الحكم إلا أن الحكومة السودانية لديها حرص على العلاقات مع مصر.
إضافة إلى أن تنظيم الإخوان في السودان عانى منذ نشأته من إنشقاقات متوالية بين جناح أقرب إلى التنظيم الدولي وجناح الترابي، الذي كان شخصية فذة ومثيرة للجدل حاولت أن تسودن الحركة وتطبعها بطابعها، وبالفعل بقيت الحركة الإسلامية فى السودان النموذج الأبرز على فشل الإسلاميين فى حكم دولة ،حيث وصلت الجبهة القومية للحكم وشارك الإخوان ضمن فصائل أخرى، فقدموا أسوأ نموذج لحكم الإسلاميين استخدموا فيه الإنقلابات كأداة للوصول للحكم حيث أصبح الإنقلاب فعلا مقبولا مادام يؤدى الى وصولهم للحكم ،كما نكلوا بالمعارضين فى سجل إنتهاكات فى حقوق الإنسان أصبح معروفا للكافة ،فضلا عن نجاحهم الباهر فى تقسيم السودان الى شمال وجنوب واشتعال الغرب والشرق بحيث لم يعد السودان عمليا دولة واحدة بل عدد من الدول فى قطر واحد بجناية الإسلاميين.
في سوابق علاقة النظام السوداني مع الدولة المصرية إحتفظت السودان بمصطفى حمزة أحد المتهمين بمحاولة إغتيال الرئيس مبارك فى اديس أبابا وسلمته لمصر فى إطار تفاهم.
لكن عند الحديث عن تسليم السودان للإخوان ما أعلمه، أن العناصر التي سافرت للسودان، وبقيت هناك ليست من القيادات العليا أو الوسطى بل مجرد عدد من المنتمين للتنظيم من الطلبة حديثو الإرتباط بالجماعة، حيث سافرت القيادات المهمة إلى تركيا وقطر وغيرها من البلدان التي تحتضن تلك القيادات ومن ثم فالأمر ينطوى على تضخيم إعلامى وفبركة من بعض المواقع في محاولة لمغازلة هذا الطرف أو ذاك.
لكن المؤكد أن السودان لم ولن يطرد أحدا من هؤلاء إلا فى حالة طلب رسمى من السلطات الأمنية المصرية تتعلق بقضايا محددة ،خصوصا أن المصريون ليسوا بحاجة إلى إذن بالإقامة فى السودان بالنظر الى إتفاقية الحقوق الأربع، التي تنظم العلاقة بين الشعبين كما أن إخوان السودان مستوعبون فى الحكم الى حد رئاسة المراقب العام للجماعة هناك للجنة التعليم، أعتقد أن هؤلاء سيتم دمجهم فى تنظيم أممى لايفرق بين أعضائه بحسب الجنسية والحلم الأممي الواحد فى النهاية.