كمال الشيخ.. شيخ السينما المصرية وأول فرسانها في "كان"
" أنت يا ابني ملامحك ما تنفعش ممثل روح شوفلك شغلانة تانية" كان هذا رد المخرج محمد كريم على الفتى "كمال الشيخ"، حينما أرسل له صورته وخطاب يبلغه فيه برغبته في أن يعمل ممثل، تلك الجملة التي وهبت السينما المصرية واحدا من أفضل من أنجبتهم في مجال الإخراج والمونتاج السينمائي، مخرج أصبح لقبه "شيخ السينما المصرية".
بالواسطة
ولد كمال الشيخ في 2 فبراير عام 1919، بحلوان، حيث فيلات الوجهاء والباشوات وكبار القوم، شب ونشأ الشيخ على حب الفن فكان حلمه أن يعمل فيه، وان يصير نجما سينمائيا لامعا، بعد دراسته الثانوية دخل الشيخ كلية الحقوق ولكنه توقف عن الدراسة فيها، بسبب حبه للسينما، ليرسل صورته وخطاب إلى المخرج محمد كريم الذي يرد عليه بصريح العبارة " انت وشك ما ينفعش".
لم ييأس الشيخ، فذهب إلى والد أقرب اصدقاءه "محمد باشا حيدر" وزير الحربية وقتها، ليتوسط له لكي يدخل إلى عالم السينما، حيدر باشا اتصل مباشرة بالشاعر "خليل مطران" مدير دار الأوبرا المصرية وقتها، والذي أخد كمال الشيخ من يده للمخرج احمد سالم مدير استديو مصر، والذي أخذه من يده مرة أخرى لمدير قسم المونتاج بالأستديو " نيازي مصطفى".
في البداية لم يعجب نيازي مصطفى بكمال الشيخ خاصة بعدما علم انه دخل الفن "بالواسطة" ولكنه اخذ يعلمه أساسيات مهنة المونتاج وحرفتها، الشيخ استوعب ما يدرسه بسرعه وأصبح متفوقا فيه لدرجة انه أصبح مساعد مونتير منذ عامه الأول، وبعد أربعة أعوام فقط كان أسم كمال الشيخ على تيتر أول أفلامه كمونتير، وهو فيلم " إلى الأبد" عام 1941 للمخرج كمال سليم.
وخلال الفترة من 1941 إلى 1953 يقدم كمال الشيخ 51 فيلم كمونتير من بينهم أفلام مثل "البؤساء، طقية الإخفاء، الخمسة جنيه، ملاك الرحمة، ابن عنتر، قلبي دليلي، طلاق سعاد هانم، عنبر، غزل البنات، ليلة العيد، الأفوكاتو مديحة، المليونير، أخر كدبة، ظهور الإسلام، ياسمين، قطر الندي، عايز اتجوز، بنت الأكابر، المهرج الكبير "للمخرج يوسف شاهين" أما أخر أفلامه من غرفة المونتاج كان فيلم " دهب" عام 1953، ولكنه لم يكن مونتيرا فيه بل كان مشرفا على المونتاج.
هدية ثمينة
عام 1951، قدم كمال الشيخ نفسه كمخرج من خلال فيلم " المنزل رقم 13" لتبدأ رحلته في عالم السينما كمخرج قدم خلالها 36 فيلم، حتى أخر أفلامه "قاهر الزمن" عام 1987.
كمال الشيخ كان يستقى قصص أفلامه من الناس وحكاياتهم وقصصهم، فمثلا فيلمه الشهير حياة أو موت بدأ بعدما قرأ خبر في الجريدة حول شخص كان ان يلقى حتفه بسبب دواء خاطئ فترجمت القصة في عقلة لفيلم وكتبها بالفعل وأسرع بها إلى شركات الإنتاج ولكن كانت هناك عقبة.
الفيلم أغلب أحداثه تدور في الشارع، حيث أن تكلفة الإنتاج هنا ستكون كبيرة لأن التصوير الخارجي له متطلبات خاصه في ذلك الوقت، فكان كل منتج يذهب له الشيخ يرفض الفيلم او يقترح عليه أن يتم تصويره داخل استديو، ولكن الشيخ كان يصر على تصوير الفيلم في الشارع بالفعل، حتى توافق المنتجة أسيا على إنتاج الفيلم وفق رؤية الشيخ، وبالفعل ينتهي الشيخ من فيلمه، ليتم اختياره في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي، وبهذا يصبح كمال الشيخ هو أول مخرج مصري يشارك فيلمه في المسابقة الرسمية لمهرجان كان.
كمال الشيخ أيضا قدم للسينما المصرية هدية غالية، تلك الهدية هي السيناريست والمخرج والمنتج "رأفت الميهي" وتعود القصة إلى فيلم غروب وشروق، وقتها كان الميهي قد أنتج لها فيلم واحد وهو فيلم "جفت الأمطار"، وقدم بعدها مسلسل تلفزيوني، شاهد الشيخ المسلسل وكان وقتها يعاني بسبب تلك الرواية التي يريد تحويلها إلى فيلم رواية كتبها "جمال حماد" واعطها الشيخ لعدد من السيناريستات ولكن كل مرة النتيجة لا ترضيه.
أتصل الشيخ بالكاتب عبد الرحمن الشرقاوي يطلب منه ان يتحدث إلى رأفت الميهي ويطلب منه ان يقابله في مكتبه، وبالفعل اتصل الشرقاوي بالميهي وذهب الميهي للقاء الشيخ، واعطاه الرواية، ليعود الميهي إلى الشيخ بعد أيام بالمعالجة التفصيلية للفيلم ثم يغيب لمدة ثلاثة أشهر ويعود بالسيناريو والحوار كامل لفيلم "غروب وشروق".
واستمر تعاون الشيخ والميهي بعد ذلك فقدم الثنائي 4 أفلام وهم "غروب وشروق، شئ في صدري، الهارب، وعلى من نطلق الرصاص" تلك الأفلام اختير منهم 3 في قائمة أفضل 100 فيلم مصري.
وفي عام 2004، وتحديدا يوم 2 يناير، وبمنتهى الهدوء وبعد توقف عن العمل لمدة 17 عام، يرحل شيخ السينما المصرية كمال الشيخ تاركا لنا 35 فيلم من إخراجه يعد اغلبهم علامات مضيئة في تاريخ السينما المصرية.