باتت الولايات المتحدة الأمريكية على مسافة قريبة من إعلانها الحرب التجارية رسميا على العالم، لاسيما بعد تصريحات الرئيس دونالد ترامب حول خطته لفرض رسوم جمركية على الصلب والألومنيوم، الأمر الذى يُعد تدخلا نادرا للغاية فى السياسة التجارية للولايات المتحدة العضو فى منظمة التجارة العالمية، مما أثر ضجة كبرى على الأصعدة كافة سواء الإقليمية أو المحلية أو العالمية.

لماذا أعلن ترامب عن نيته خوض حربا تجارية فى العالم؟

إعلان ترامب خوضه واشنطن حربا تجارية لم يكن وليدة اللحظة، فالحروب الاقتصادية كانت تسيطر على فكر الرئيس الأمريكى قبل فوزه فى الانتخابات الأمريكية عام 2016، وذلك يتضح جليا فى اهتمام حملته الانتخابية بالحماية الاقتصادية، فضلا عن حديثه المستمر عن اتفاقات التجارة غير العادلة وفقا لوصفه، ومع وصوله إلى البيت البيضاوى بدأت ملامح حربه التجارية وذلك بغية الحد من العجز التجارى للولايات المتحدة مع بقية العالم الذى وصل عام 2016 إلى نحو 500 مليار دولار.

 ويبدو من تصريحات ترامب أن الهدف من فرض ضريبة جمركية على الصلب والألومنيوم، عدم استغلال أمريكا تجاريا، خاصة أنه قال :"لا ينبغى أن نترك بلادنا وصناعتنا وعمالنا ضحية للاستغلال التجاري".

تجارة الصلب والألمومنيوم فى أمريكا

تستورد واشنطن الصلب من 100 دولة على الأقل، لكن لا يغطى إنتاجها من الألومنيوم إلا ربع احتياجاتها، لذا فإن صناعة الصلب الأمريكية تعانى من العديد من المشكلات منذ عام 2000، حيث تراجع الإنتاج من 112 مليون طن إلى 86.5 مليون طن فى عام 2006. وعليه، فإن الوظائف بدورها تقلصت من 135 ألف وظيفة إلى 83 ألف وظيفة فى الفترة نفسها.

 تأثيرات الحرب التجارية الأمريكية

إدانات عالمية واسعة شهدتها تصريحات ترامب عن فرض ضريبة جمركية على الصلب والألومنيوم، فى الوقت الذى انتقده أمريكيون يؤكدون أن هذه الإجراءات لن تحمى الوظائف فى الولايات المتحدة، وستؤدى إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين فى البلاد، كما أن آخرين يشيرون إلى أن خطة ترامب تمثل تهديدا محتملا للنظام الأمريكى نفسه، لأنها تستند إلى إدعاء "الأمن القومى" وهى منطقة مستثناة من قواعد منظمة التجارة.

 منظمة التجارة العالمية، أكدت أن اندلاع حربا تجارية ليس فى مصلحة أية دولة، لذا أعربت عن قلقها الشديد من فرض واشنطن ضريبة جمركية بنسبة 25 % على واردات الصلب و10 % على الألمنيوم المستورد. كما أن خطة ترامب الاقتصادية التى أفصح عنها مؤخرا دفعت العديد من الدول إلى الرد عليه بإجراءات مماثلة، فعلى سبيل المثال أكد اتحاد غرف التجارة والصناعة فى ألمانيا إن أوروبا ستضطر للرد على واشنطن.

وتسببت تصريحات ترامب فى تراجع أسعار الدولار، حيث ارتفع الين اليابانى إلى أعلى مستوى فى 16 شهرا مقابل الدولار، كما قال البنك المركزى اليابانى إنه سيدرس إنهاء سياسته النقدية شديدة التيسير إذا بلغ التضخم المستوى الذى يستهدفه البنك فى السنة التى ستنتهى فى مارس 2020، مما ساعد الين على الارتفاع مقابل اليورو والجنيه الاسترليني.

 وهناك توقعات تشير إلى أن فرض ضريبة ترامب على الصلب سيؤثر سلبا على مجال الصناعة فى المملكة المتحدة، حيث يؤكد مسئول فى إدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية فى المملكة المتحدة، أن صادرات الصلب البريطانية إلى أمريكا والتى تقدر بنحو 360 مليون جنيه استرلينى سوف تتأثر بالتعريفة الجمركية.