التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 03:15 م , بتوقيت القاهرة

فيلم The Post.. خلطة أوسكار تقليدية بنكهة سبيلبرج السياسية

إشادات النقاد لفيلم يحمل اسم ستيفن سبيلبيرج وتوم هانكس وميريل ستريب أمر متوقع، خاصة فيلم مثل The Post الذي يحمل رسالة غير مباشرة لوقوف الإعلام ضد الحكومة الأمريكية.. القصة ليست جديدة بل تم تناولها من كل الزوايا الممكنة في كتب التاريخ والأفلام الوثائقية، كما أنها ليست أشهر فضيحة تلاحق إدارة ريتشارد نيكسون الرئيس الأقرب شبها بترامب، ولكن ما يجعل هذا الفيلم جيدا هو كيف تتعامل الشخصيات مع كل مشكلة أمامها، وكيف تتغير صحيفة "واشنطن بوست" من صحيفة متعثرة إلى قائدة حرية التعبير عن الرأي.

The Post من اسمه يتمحور حول صحيفة "واشنطن بوست" في عهد نيكسون.. صحيفة عريقة تقودها كاثرين جراهام سيدة المجتمع المخلصة للصحيفة التي تملكها عائلتها لأجيال، ولكنها تعاني من مشاكل إدارية وتحريرية هائلة، حيث ضعف التمويل وضعف عدد القراء الذين يذهبون للمنافس القوي "نيويورك تايمز".

مشهد إرسال صحفي من واشنطن بوست للتجسس على نيويورك تايمز لمعرفة ما القصة الرئيسية التي تجهز لها الصحيفة يلخص النصف الأول من الفيلم بالكامل.. صحفي "واشنطن بوست" صغير الحجم يخرج من مبنى صحيفته ذات المكاتب الضيقة والألوان الرمادية الكئبية.. يدخل بعدها متسللا لنيويورك تايمز القوية ذات المبنى الفخم والصحفيين المحترفين الواثقين من أنفسهم.. لقطة قصيرة لخصت رسالة النصف الأول من الفيلم.

سبيلبرج كمخرج محترف تجنب تماما السقوط في فخ الأفلام الوثائقية، مثلما حدث مع فيلم Spotlight الحائز على جائزة أوسكار أحسن فيلم 2016، ومخرجه توم ماكارثي.. فهنا لا نرى الصحفيين يتابعون عملهم وتحقيقاتهم بطريقة جمع المعلومات والبيانات، ولكن نرى كيف تشعر كل شخصية بالقلق على نتيجة عملها.

دانيل إلسبرج "ماثيو ريز" موظف لم يطق كذب وزير الدفاع الأمريكي روبرت مكنمارا علنا حول دور الولايات المتحدة في فيتنام.. فقام بتسريب وثائق حكومية سرية "أوراق البنتاجون"، وكل قلقه هو كيف يجعل القصة تصل كاملة للرأي العام.

أما صحفيو نيويورك تايمز أصحاب السبق الصحفي فمصابون بالخيبة والانكسار بعد صدور قرار محكمة يمنع نشرهم الوثائق.. بينما بن برادلي "توم هانكس" و كاثرين جراهام "ميريل ستريب" المسؤولان عن الصحيفة الأضعف في المعادلة يريدان القصة وإكمال ما بدأته نيويورك تايمز لكنهما يخشيان مصيرها.

توم هانكس كان أداؤه جيدا كصحفي متحمس للنشر مستعد للوقوف ضد الحكومة، ولكن الأداء الأروع كان لميريل ستريب التي تتلعثم في معظم مشاهدها الخاصة بالعمل.. فشخصية كاثرين جراهام لامعة جدا وواثقة من نفسها كسيدة مجتمع من عائلة ثرية لكنها تصاب بالارتباك كلما تعلق الأمر باتخاذ قرار جاد حول مصير صحيفتها التي ورثتها عن والدها.

بن برادلي متحمس لنشر قصة لا يملك الوثائق الخاصة بها.. لكنه يعمل سرا للحصول على الوثائق ويبحث عن كل حل ممكن سواء مباشر أو ملتوي لنشر القصة .. الغيرة على عمله كانت أكثر ما يحركه هنا.. لدرجة تجعله في أحيان كثيرة يتخطى حتى رئيسته في العمل.

لكن ميريل ستريب تتفوق في مشهد اتخاذ قرار الاستمرار في العمل ونشر القصة وهي نفسها تشعر بالقلقل.. بينما تمسك بسماعة الهاتف وكأنها تريد إيقاف نفسها.

مشاهد قراءة الوثائق وجمعها في قصة قابلة للنشر الصحفي كانت ممتعة، وهي نقطة التفوق الواضحة على Spotlight، فستيفن سبيلبرج لن يتركك تشعر بالملل من مشاهدة صحفيين يقرأون وثائق سرية، بل يدخل هنا شعور القلق والسرعة في الكتابة وكأن الصحفيين يريدون إخراج القصة قبل أن يتملكهم الجبن.

مشاهد The Post تزداد حماسية دائما مع قرب النهاية سواء في نشر القصة، أو كيف تتجمع الصحف الأمريكية كلها للنشر بعد واشنطن بوست، الأمر الذي يحرج الحكومة الأمريكية لكونها لا تستطيع إغلاق كل هذا العدد من الصحف.

مشكلة الفيلم الحقيقية هي أنه غير مبتكر.. صحيح أنه يملك طاقم ممثلين مع مخرج من الصف الأول من أصحاب الأوسكار، لكنه يقدم قصة تقليدية وأداء تقليديا متوقعا.. ربما يمكن اعتباره فيلم تم تفصيله على معايير الأوسكار التقليدية.. ولكن إن كنت تحب هذا النوع من الأفلام ولا تشعر بالملل من تكراره فلا بأس.

اقرأ أيضا

Darkest Hour يفوز بـ"بافتا" رغم السياسة والبريكست

لماذا قدم سبيلبرج The Post الآن فقط؟

توم هانكس يرفض عرض "The Post" في البيت الأبيض