روسيا وإيران.. حان وقت تحصيل "فاتورة سوريا"
لم تدخل روسيا وإيران للقتال في سوريا بدون النظر لمصالحهما الخاصة، وعلى الرغم من أن روسيا وإيران والنظام السوري يبدون كلهم كفريق واحد إلا أن الواقع يكشف سباقًا بين الفريق الروسي والفريق الإيراني للحصول على حصة من المكاسب التي تم تحقيقها في الحرب السورية.
فما الذي حصلت عليه روسيا وإيران من الحرب السورية اقتصاديًا؟
مستعمرات إيرانية
إيران تسعى لوجود دائم في سوريا، فبينما الاقتصاد الإيراني يعاني تطويقًا غربيًا فإن طهران تبحث عن توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وبالتالي كان من الطبيعي البحث عن منفذ للبضائع والاستثمارات الإيرانية في سوريا.
وبحسب صحيفة "الجارديان" فإن الحكومة الإيرانية تشجع المستثمرين على شراء عقارات في سوريا وبالتحديد في مناطق العاصمة دمشق، والهدف طرد السنة من دمشق ومحيطها بحيث يكون الطريق والمدن الواقعة بين دمشق والحدود اللبنانية منطقة شيعية.
والهدف واضح فإذا كانت الطرق مفروشة بالعائلات الشيعية وبلا سكان من السنة فإن هذا يعني طريقًا مفتوحًا لمليشيات حزب الله في لبنان.
ومنذ 2014 كانت التسويات في المناطق التي تقاتل فيها المليشيات المدعومة من إيران تحمل دائمًا نفس الشرط "مقايضة السكان".
بينما يقول موقع "إذاعة صوت أمريكا" إن إيران كانت أرسلت عمال بناء بالفعل في 2016 لدعم جهود شراء أراض وعقارات بشكل ممنهج في سوريا.
وذكر التقرير أن أغلب الأراضي والبنايات المحيطة بمزار السيدة زينب تم شراؤها من قبل الإيرانيين المقربين من النظام بمبالغ كبيرة، ما سبب ارتفاعًا كبيرًا في أسعار العقار في هذه المناطق.
أما قناة "سكاي نيوز" فنشرت تقريرًا عن وثائق من الهيئة السورية للإعلام تذكر أن فنادق عدة في قلب دمشق مثل الإيوان وآسيا ودمشق الدولي وفينيسيا والبتراء باتت جميعها ملكًا للسفارة الإيرانية، وذلك بعد أن سجل عام 2015 موجة شراء إيرانية للعقارات بنسبة 35% من إيرادات السوق السوري.
بينما يقول موقع "صدى الشام" إن النظام السوري تلقى من إيران في 2013 قرضا بقيمة مليار دولار أمريكي من أجل أن يوقع النظام في العام نفسه قرضًا ثانيًا بقيمة 3.6 مليار دولار.
والقرض الثالث كان في مايو 2015 بقيمة مليار دولار آخر.. لكن كل هذه الأموال تم صرفها في استثمارات إيرانية واستيراد مشتقات نفطية من إيران أيضًا.
وفي 2017 حصدت إيران جزءًا من فاتورة الدعم للنظام السوري حيث تم توقيع اتفاقيات باستصلاح إيران خمسة آلاف هكتار من الأراضي الزراعية، إضافةً إلى منحها منجم فوسفات الشرقية، وفي المجال الصناعي اتفق الجانبان على منح طهران ألف هكتار من الأراضي الزراعية لإنشاء منشآت صناعية وغازية، كما منحت رخصة تشكيل شبكة هواتف نقالة للمشغل الثالث في سوريا، إضافة إلى الاتفاق على إنشاء مزرعة “زاهد” الإيرانية لتربية الأبقار، وأخيرًا اتفاقية متعلقة باستثمار إيران لأحد الموانئ السورية على ساحل المتوسط.
كما شهد 2017 توقيع اتفاقيات اقتصادية بين طهران ودمشق شملت قطاعات مختلفة (الاتصالات والصحة والتعليم والطاقة التابعة للقطاع العام)، إضافة إلى اتفاقيات لإعادة تشييد أو إصلاح شبكات الطاقة والكهرباء والمواصلات، بلغت قيمتها ملايين الدولارات.
وأعلنت وزارة الكهرباء السورية أن الكلفة الإجمالية للعقود الموقعة مع إيران بلغت ترليون ليرة سورية، مع شركة "مبنا غروب"، لتوريد مجموعات توليد لمحطات في حلب وبانياس، إضافة إلى تخطيط الوزارة لمشاريع مستقبلية مع الشركة الإيرانية ستمول عبر خط التسهيلات الائتماني الإيراني.. وبهذا أصبح الاقتصاد السوري رهنًا في يد إيران.
روسيا ليست "فاعل خير"
روسيا أيضًا لم تكن لتترك الفرصة للحصول على سوق سوري لاستثماراتها، حيث قال نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روجوزين "إن روسيا لن تكون فاعل خير أو مجرد دولة مانحة بلا مقابل"، وأضاف "روسيا ستحسب كل روبل تدفعه في هذه الحرب دون التساهل في مصالحها".
ففي أكتوبر 2017 بدأت موسكو العمل على إنشاء خط ملاحي مباشر للشحن لسوريا وهو الخط الذي سينقل البضائع الروسية للأراضي السورية.
كذلك زاد حجم التجارة بين دمشق وموسكو بنسبة 42% بواقع 193 مليون دولار أول 7 أشهر من العام الماضي، بينها مليونا دولار فقط صادرات سورية لروسيا.
كما أعلنت موسكو عن منتدى اقتصادي مشترك مع دمشق في ديسمبر الماضي، وقبلها تم الإعلان عن خطط إنشاء بنك "روسي سوري" من أجل تحفيز التجارة المشتركة وأيضا لإدارة الدين السوري لروسيا.
فلسوريا أموال محتجزة لصالح روسيا في بنك "غاز بروم" الروسي، كذلك كان هناك اتفاق مشترك بين موسكو ودمشق على أن تدفع سوريا 30% من ديونها لروسيا في صورة أموال بينما يتم تحصيل 70% منها في صورة تسهيلات استثمارية.
وهو ما يعني توغل روسيا وإيران اقتصاديًا وليس عسكريًا فقط في سوريا.
اقرأ أيضًا
"العصمة في يد الزوجة".. سلاح السوريات في زمن الحرب