الكوميديا ديلارتي.. المسرح الإيطالي برؤى مصرية
كتبت_ أميرة فتحي
يعد المسرح من أهم الفنون التي تعبر عن المجتمع وقضاياه، ولقب بـ"أبو الفنون" لقدرته على التعبير عن المواطنين والنطق بألسنتهم، وقدرته على مواكبة الأحداث الاجتماعية ومناقشتها، واستخدمه الفنان ليعبر من خلاله عن أفكاره أو تأييده أو رفضه لحدث أو أسلوب أو فكرة تحيط مجتمعه، ولذلك اختلفت أساليب الفنانين في المسرح، ما بين الدراما والكوميديا، لتقديم القصة أو الفكرة المسرحية.
وكان اللجوء للكوميديا في المسرح هو الحل الأفضل لمناقشة الآراء السياسية بعيدًا عن نظر السلطة والرقابة، ليتسنى لفناني المسرح التعبير عن أرائهم السياسية تحت عباءة الكوميديا ودون التركيز معهم من قبل السلطة والحكام.
وتعد "الكوميديا ديلارتي" من أشهر أنواع الكوميديا العالمية التي ظهرت في إيطاليا في عصر النهضة، إذ تعتمد بشكل أساسي على الارتجال، فيضع المخرج إطار خارجي لقصة العرض المسرحي، ويبدأ الممثلون بالارتجال حوله أثناء العرض، كما تميزت بشخصيات ثابتة ومألوفة، منها شخصية الرجل المسن (الحاكم أحيانًا) ويسمى "بنتالوني pantlone".
وشخصية الطبيب الذي عادة ما يكون جشع أو سكير ويسمى "دوتور dottor"، وهناك شخصية الجندي المغرور الذي يسمى "الكابيتانو capitano"، و"أرلكينو harleqin" الخادم الذكي وهو أشهر شخصيات الكوميديا ديلارتي.
وتميزت "الكوميديا ديلارتي" أيضًا بالأقنعة والماكياج المسرحي الذي يميز كل شخصية عن الأخرى، إلى جانب الأزياء التي تعبر عن كل شخصية، وتشبه أزياء إيطاليا في ذلك الوقت، كما كانت تعتمد على ممثلين محترفين وتبتعد عن الهواة لما تحتاجه من مستوى عال بالأداء التمثيلي، ليؤدي الأداء الارتجالي الجيد للممثلين لتأديتهم نفس الشخصية طوال حياتهم الفنية.
وفي بداية الألفينيات (2000) لجأ كثير من المخرجين المسرحيين للارتجال، وكانت مسرحية "قهوة سادة" للمخرج خالد جلال، هي أولى المسرحيات الكوميدية المرتجلة نجاحًا لتعبيرها عن كل ما افتقده المجتمع من قيم بطريقة كوميدية ساخرة، ونجح من خلالها عدد من أشهر وأهم النجوم، ومنهم الفنان بيومي فؤاد ونضال الشافعي ومحمد فرج ومحمد شاهين.
ليظهر بعد ذلك عدد من مخرجي المسرح الشباب متبعين أسلوب الكوميديا المرتجلة "الكوميديا ديلارتي"، ومن أهمهم المخرج "محمد الصغير" الذي قدم مسرحية "روميو و جوليت" للكاتب العالمي وليام شكسبير، التي عرضت بالمسرح الكوميدي في عام 2015، كما يقدم حاليًا على مسرح الطليعة مسرحية "السيرة الهلامية" عن نص "هاملت" لشكسبير، ويدور العرض حول قيمة الانتقام عند هاملت في إطار صعيدي بشكل معاصر.
كما قدم المخرج المسرحي الشاب "عمر الشحات" عددًا من العروض المسرحية متبعًا مدرسة الكوميديا ديلارتي، إذ قدم عرض "مفترق ثلاث طرق" عن الأسطورة اليونانية أوديب للشاعر هوميروس، وعرض "أرلكينو و الأكليل" عن نص "إكليل الغار" للمؤلف أسامة نور الدين، وأخيرًا عرض "لعبة العراف" من إنتاج فرقة مسرح الغد التابعة للبيت الفني للمسرح.
وأنشأ عمر الشحات فرقة مسرحية مستقلة باسم "فرقة جيفارا" ليشاركه فيها عدد من ممثلي قسم الدراما والنقد المسرحي بكلية الآداب جامعة عين شمس، وكان عرضي "مفترق ثلاث طرق" و"أرلكينو و الأكليل" هما نتاج ورشة الفرقة، إذ يعتمد في إخراجه على الارتجال بحوار معاصر حول الإطار العام للنص، وتميزت مسرحياته بمناقشة النصوص التراجيديا بطريقة كوميدية ساخرة معتمدًا على الكوميديا ديلارتي، وقد حققت تلك المسرحيات نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، على الرغم من إن عددًا كبيرًا من الجماهير ليس لديه علم بهذا النوع من الكوميديا وما يحمله من تقاليد وأصول.
اقرأ أيضًا
بإيرادات 5 ملايين جنيه.. المسرح المصري يستعيد مكانته بين الجماهير
"الثقافة" تدشن مسابقة الأغنية الوطنية لاكتشاف المواهب الشابة