التوقيت الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024
التوقيت 03:09 ص , بتوقيت القاهرة

هل يصحح الاقتصاد المصري مساره في 2018؟

منذ ثورة 25 يناير 2011 يلمس المصريون، ارتفاعا في أسعار السلع والخدمات الأساسية، ويستمعون إلى رؤى اقتصادية متشائمة عن سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية وعجز الموازنة والديون، وأخرى متفائلة بمشروعات عملاقة أعلنت عنها الحكومة المصرية، مثل العاصمة الجديدة، وتنمية محور قناة السويس والمليون ونصف فدان، ومشروعات الاستزراع السمكي.. هل يكون 2018 مختلفا؟.


الواقع يؤكد أن الاقتصاد المصري واجه على مدى سنوات طويلة ، مخاطر وتحديات عديدة، تجلت في نقص حاد بالعملات الصعبة بعد تأثر موارد الدولة من السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، بجانب ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي.


لم يكن أمام الحكومة خيار في ظل كل تلك التحديات، سوى تطبيق حزمة قرارات اقتصادية تكمن صعوبتها في تأثيرها السلبي المؤقت على المواطنين، وكان على رأس تلك الإصلاحات تعويم الجنيه المصري في نوفمبر 2016، والذي صاحبه خفض الدعم عن الطاقة وزيادة أسعار العديد من الخدمات الحكومية.


لغة الأرقام تتحدث


المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري في 2017 تشير إلى فاعلية برنامج الإصلاح الاقتصادي في إيقاف النزيف الحاد الذي كان يعاني منه اقتصاد البلاد طوال السنوات التالية لـ25 يناير؛ فمصر سجلت تقدما في العديد من القطاعات الاقتصادية مؤخراً، لم يظهر تأثيرها الكامل حتى الآن نستعرضها في الجدول التالي:


احتياطي النقد الأجنبي

سجل احتياطي النقد الأجنبي أعلى معدل له في تاريخ مصر عام 2017 بفضل تعويم الجنيه المصري،ووفقا لبيانات البنك المركزي ارتفع احتياطي النقد الأجنبي بقيمة 12.5 مليار دولار خلال أول 11 شهرا من 2017 ليتخطي حاجز الـ 36.7 مليار دولار بنهاية نوفمبر الماضي، مقابل 24.2 مليار دولار نهاية 2016.

السياحة

قفزت إيرادات قطاع السياحة بنسبة 170% إلى 3.5 مليار دولار في أول سبعة أشهر من 2017، في حين زادت أعداد السياح الوافدين إلى البلاد 54%.

البطالة

انخفض معدل البطالة إلى 11.9% فى الربع الثالث من هذا العام مقابل 12.6 % قبل عام، بحسب بيانات جهاز الإحصاء وبلغ عدد العاطلين عن العمل في الفترة المذكورة 3.513 مليون عاطل، بانخفاض 127 ألفا عن الربع الثالث من 2016.

الصادرات

حققت الصادرات المصرية غير البترولية تطوراً ملحوظاً خلال أول 8 شهور من 2017، حيث سجلت 15 مليار دولار مقارنة بـ 13.5 مليار دولار بزيادة نسبتها 11%

قناة السويس

بحسب الفريق مهاب مميش، شهدت قناة السويس خلال الفترة من يناير حتي ديسمبر الجاري زيادة في حجم عائداتها مقومة بالدولار تصل إلي 5.6% مقارنة بنفس الفترة العام الماضي و89.8% زيادة مقومة بالجنيه.

تحويلات المصريين في الخارج

حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج زيادة 20% عن العام السابق، وبلغت نحو 24.2 مليار دولار.

تدفقات العملات الصعبة

بحسب جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي المصري، فإن حصيلة تدفقات النقد الأجنبي بالبنوك العاملة فى السوق المحلية ارتفعت إلى أكثر من 59 مليار دولار منذ قرار تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر 2016.

التضخم

سجل معدل التضخم السنوي في مصر الشهر الماضي أكبر انخفاض منذ 11 شهرا، ليصل إلى 26.7% في نوفمبر، بحسب جهاز التعبئة والإحصاء.
ويعد هذا الانخفاض هو الأكبر منذ ديسمبر 2016، عندما وصل معدل التضخم السنوي إلى نحو 25%.

النمو الاقتصادي

سجل الاقتصادي المصري معدلات نمو قوية بلغت 5.2% خلال الربع الأول من العام الجاري، وهو أعلى معدل ربع سنوى منذ 2014.


تحديات لاتزال قائمة


رغم الأرقام الاقتصادية الجيدة التي ذكرناها، سجلت بعض المؤشرات أرقاما سلبية يرى الخبراء أنها ستتغير للأفضل في العام المقبل 2018، مع استمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.


الديون

تفاقم الديون أزمة كبيرة لاتزال تواجه الاقتصاد، حيث ارتفع الدين العام المحلي إلى 3.073 تريليون جنيه في مارس 2017، مقابل 2.496 تريليون جنيه في مارس 2016.


بينما ارتفع الدين الخارجي لمصر بواقع 41.6% إلى 79 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2016-2017 في 30 يونيو الماضي، حسبما أعلن البنك المركزي.


وبهذا يكون الدين الخارجي قد زاد نحو 23.2 مليار دولار في السنة المالية 2016-2017 مقارنة مع السنة السابقة.

الاستثمارات الأجنبية المباشرة

أظهرت مؤشرات الربع الأول من العام المالي الجاري، تراجعا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو 1.6 مليار دولار فقط، بانخفاض 15.8% عن نفس الفترة من العام الماضي، رغم صدور قانون الاستثمار الجديد.

عجز الموازنة

تشير المؤشرات المالية خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر من السنة المالية الحالية 2017 – 2018 إلى تحقيق عجز الموازنة العامة للدولة نحو 85.3 مليار جنيه، بنسبة 2% من الناتج المحلى الإجمالى، مقابل 76.8 مليار جنيه خلال الفترة المماثلة من العام المالى السابق بنسبة 2.2% من الناتج المحلى الإجمالى.


ورغم هذا التراجع الطفيف لا يزال عجز الموازنة التحدي الأكبر أمام الاقتصاد المصري لخفض معدلات الديون.


الخبراء متفائلون


يؤكد كثير من خبراء الاقتصاد والمؤسسات الدولية أن الوضع الاقتصادي لمصر سيتحسن في 2018، نتيجة للعديد من المؤشرات التى بدأت تظهر ثمارها مؤخرا.


وقال نائب رئيس البنك الأهلي المصري، يحيي أبو الفتوح أن الوضع الاقتصادي لمصر شهد تحسنا كبيرا خلال الفترة الأخيرة بشهادة المؤسسات الدولية.


وأضاف لـ"دوت بيزنس"، أن عام 2018 سيشهد مزيدا من التحسن في مؤشرات الاقتصاد لعدة أسباب على رأسها، بدء الإنتاج في حقول الغاز الجديدة كحقل ظهر العملاق الذى سيوفر مليارات الدولارات لمصر عند إكتمال مراحله، بجانب الإنتعاشة المتوقعة لقطاع السياحة بعد استئناف السياحة الروسية.


وأكد نائب رئيس البنك الأهلي إن قرار تحرير سعر صرف العملة الذي اتخذه البنك المركزى عام 2016، أنقذ الاقتصاد المصرى الذي كان يعانى مشكلات كبيرة نتيجة التأخر في اتخاذ قرارات إصلاحية، لافتًا إلى أن القرارات الجريئة التي تم اتخاذها تأخرت كثيرا.


في السياق نفسه، قال أحمد سالم الخبير الاقتصادي إن تحركات الحكومة المصرية نحو إزالة معوقات الاستثمار وتوفير الطاقة اللازمة للمشروعات الجديدة يعد مؤشرا هاما نحو التقدم الاقتصادي.


وأكد أن الاقتصاد المصري سيجني في 2018، ثمار الإصلاحات التى تمت مؤخرا، في الوقت الذي سيتم فيه إفتتاح العديد من المشروعات القومية الكبري التى ستكون النواه الرئيسية لخفض معدلات البطالة والتضخم في البلاد لاسيما في منطقة قناة السويس، بجانب التوقعات التى تشير إلى ارتفاع قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية الأخري.


شهادات دولية قيمة


الثقة الكبيرة في تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري، لم تقتصر على المصريون فقط، بل طالت مؤسسات ذات ثقل مثل صندوق النقد الدولي، الذى أكد خلال الشهر الجاري أن برنامج الإصلاح المصري بدأ يثمر نتائج مشجعة، لافتا إلى أن هناك دلائل إيجابية في الاقتصاد تشير إلى تحقيق الاستقرار، مع تعافي نمو إجمالي الناتج المحلي وتراجُع التضخم واستمرار الضبط المالي على المسار الصحيح ووصول الاحتياطيات الدولية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2011.


وأضاف الصندوق:"بفضل تشديد السياسة النقدية في مطلع العام، تمكن البنك المركزي من تحويل المسار الصاعد للتضخم والذي كان من المخاطر الأساسية على استقرار الاقتصاد الكلي.. ويمكن أن يؤدي استمرار هذا الاتجاه العام المضاد للتضخم إلى فتح الباب أمام تخفيض أسعار الفائدة بالتدريج، ولكن على البنك المركزي أن يظل متنبها ومستعدا لتشديد السياسة النقدية إذا ما ظهرت ضغوط الطلب من جديد. وعلى المدى المتوسط".


في نفس السياق توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تسارع نمو الاقتصاد المصري إلى 5% خلال العام المالي 2018/ 2019، بدعم من الإصلاحات الهيكلية للحكومة، مشيرة إلى أن «المخاطر بالنسبة لصنع السياسات الاقتصادية انخفضت أكثر منذ منتصف عام 2016، مدعوما بتحسين التنسيق بين الجهات الحكومية».



اقرأ أيضا..


بعد عام صعب.. 7 مؤشرات تؤكد: الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح


"البنك الدولي": الاقتصاد المصري ينمو بصورة جيدة