التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:43 م , بتوقيت القاهرة

5 أسباب وراء اختيار "ترامب" تهويد القدس في هذا التوقيت

"القدس عاصمة إسرائيل".. جملة زلزلت قلوب المسلمين والأقباط والعرب، حاول الكيان الصهيوني منذ 60 عامًا تحقيق هذا الهدف كبداية لطموحاته الكبرى بالاستيلاء على الأراضي من النيل إلى الفرات، تصدت الدول العربية لجميع المخططات وساندت القضية الفلسطينية وعلى رأسها مصر التي وقفت في وجه إسرائيل وخاضت العديد من الحروب دفاعًا عن "القدس".


الأمر الذي يثير الاندهاش، هو إشارة الصحفي الإسرائيلي "إيال زيسر" في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم" في 4 ديسمبر 2017، بأن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن القدس عاصمة إسرائيل مع تكليف حكومته بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المُحتلة كعاصمة للدولة الإسرائيلية لا يعد تطورًا غير مسبوق، إذ سبق وأن أعلنت روسيا في أبريل 2017 اعترافها بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل دون أن يثير ذلك احتجاجات من جانب القوى الإقليمية وخاصة إيران وتركيا.


ولم يراع ترامب في قراره، عدم الاعتراف الدولي أو تحذيرات الدول العربية والأوروبية من خطورة هذا الإعلان، متحديًا قرارات الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات والإصرار على اتخاذ القرار الذي قد يحول المنطقة إلى بركان لن يعلم عواقبه إلا الله، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على عقل كل فرد عربي أو أجنبي هو أن هذا القرار كان داخل أروقة البيت الأبيض منذ عام 1995، وكان ينتظر الإعلان عنه بشكل رسمي، فلماذا أعلن "ترامب" هذا القرار الآن؟.


 الكنيست والحكومة


امتدت رؤى قادة الفكر والرأي والباحثين المنتمين لليمين واليسار على السواء وتوجهات الرأي العام الإسرائيلي، ولكن لم تقتصر هيمنة التيارات والأحزاب اليمينية المتشددة على الكنيست والحكومة الإسرائيلية فقط.، بحيث اندثرت التسوية من قائمة خياراتهم، ولم تعد تحظى بالدعم الجماهيري.


وأصبح الانسحاب من الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل، لم يعد مقبولًا من جانب الرأي العام، في ضوء التقييمات السلبية لنتائج الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وتداعيات الانفصال أحادي الجانب مع قطاع غزة، ولا ينفصل ذلك عن ترويج مراكز التفكير الإسرائيلية على مدار سنوات في منشوراتها لاعتبار السلام "غير مجدٍ"، وأن الأطراف العربية لم يعد لديها أوراق تفاوضية جيدة أو تنازلات يمكنها أن تحقق مكاسب لإسرائيل في مقابل الانسحاب.


النخب الإسرائيلية


باتت اتجاهات "الحسم السريع" للقضايا الخلافية والامتناع عن تقديم تنازلات والسعي لتحقيق المكاسب المُطلقة هي المهيمنة على عقلية النخب السياسية الإسرائيلية، وهو ما تجلى في الدعم الإسرائيلي لانفصال كردستان العراق، وترديد مقولات حول عدم جدوى تأجيل اتخاذ إجراءات حاسمة خشية التداعيات، وأن الأوضاع الإقليمية لن تكون مواتية في أي لحظة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات، فلم تعد الحسابات المعقدة للمصالح والتكلفة تحظى بأهمية في السياسات الإسرائيلية.


وبنفس المنطق ضغطت إسرائيل لتنفيذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المُحتلة بصورة فورية ودون تأجيل لحسم هذه القضية، وفرض أمر واقع جديد مع الاستعداد لمواجهة التداعيات الأمنية لهذا القرار.


الشرق الأوسط


اعتبرت إسرائيل الأزمات المعقدة والتوترات في منطقة الشرق الأوسط فرصة تاريخية، إذ أسهمت هذه الأزمات -وفقًا للتقديرات الإسرائيلية- في تراجع أولوية القضية الفلسطينية في السياسات الإقليمية، وتحييد التهديدات الأمنية في ظل انخراط "حزب الله" اللبناني في الحرب الأهلية السورية، وتفضيله استمرار الهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وهو ذات النهج الذي اتبعته حركة حماس.


وتصاعدت تهديدات إيران والإرهاب، ما أدى إلى حدوث تقارب نسبي بين إسرائيل والقوى الإقليمية لمواجهة هذه التهديدات في إطار سعي تل أبيب لتأسيس نظام للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.، وتسعى إسرائيل لاستغلال هذه الأوضاع وتمرير هذا القرار في خضم الأزمات الإقليمية لحسم الجدل حول احتلالها مدينة القدس في ظل حالة الإنهاك التي تعاني منها النخب والجماهير العربية، وتردي الأوضاع الإقليمية.


التقييمات الإسرائيلية


أشارت بعض التقييمات الإسرائيلية إلى محدودية ردود الفعل المتوقعة من جانب الطرف الفلسطيني، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست في 4 ديسمبر 2017، بقوله إن "قوات الأمن تعرف جيدًا ما الذي يجب فعله"، وإنه "لا توجد أية معلومات تشير إلى تصعيد محتمل".


ولقد عبر عن ذات المعنى رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق "عاموس يادلين"، بقوله إن الفلسطينيين والأتراك "يهدّدون بمسدس فارغ"، وبرر ذلك بانشغال الرأي العام العربي في قضايا الصراعات الإقليمية والتوترات في اليمن ولبنان.


القنصلية والسفارة


ترى إسرائيل أن القرار الأمريكي لا يحمل سوى دلالة رمزية فقط بالنظر إلى سيطرة إسرائيل واقعيًّا على المدينة والتشريع الأمريكي الصادر من الكونجرس في عام 1995 بعنوان "تشريع السفارة الأمريكية في القدس"، وعلى مدار 22 عامًا قام الرؤساء الأمريكيون بتأجيل تنفيذ القانون بصورة روتينية كل ستة أشهر.


وتؤدي القنصلية الأمريكية في القدس الغربية بالفعل ذات الدور الذي يفترض أن تقوم به السفارة، "إن نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى المدينة المقدسة يمكن أن يتم في دقيقتين"، عبر عن ذلك رئيس بلدية القدس المُحتلة "نير بركات"، ويقصد بذلك أن تصبح القنصلية الأمريكية في القدس الغربية مقرًّا مؤقتًا للسفارة الأمريكية إلى أن يتم تأسيس المقر الجديد، وذلك على حسب دراسة أعدها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.


اقرأ أيضا..


"فص ملح وداب".. المنظمات الحقوقية الدولية تتجاهل تهويد القدس


"تظاهر ومقاطعات".. النقابات المهنية المصرية تنتفض لنصرة القدس اليوم