التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:25 ص , بتوقيت القاهرة

أخطاء المسيحيين التي أبعدتهم عن المواطنة (3)

الأسر الجامعية في الجامعات المصرية مالها وما عليها


استكمال..
في الثلاث مقالات السابقة، أولهم ماذا يريد المسيحيون المصريون من مصر.. عرضت بصورة مقتضبة ومختصرة الجو العام الذي يعيش فيه المسيحيون المصريون حتى غير المتعرضين لأي نوع من أنواع الاضطهاد الطائفي منهم، وهم الأغلبية العظمى، وفي المقالين السابقين ذكرت أخطاء المسيحيين التي أبعدتهم عن المواطنة الجزء الأول والثاني بدأت في عرض خطئين أساسين هما المواقف السياسية و الإعلام ونجومة.. اليوم ختام هذه السلسلة بالخطأ الأسوأ.. خطأ المواطن المصري المسيحي العادي قبل القيادات.. التقوقع والانغلاق.


التقوقع والانغلاق:
زيارة سريعة لأي جامعة مصرية وأي كلية بها ستوضح الصورة، ليس هناك فارق في هذا بين جامعة حكومية أو خاصة.. في كل كلية هناك  برجولتين  أو مجموعة من المقاعد غالبا بجوار الكانتين في ركن منزوي مخصصة للطلبة المسيحيين.. لنقترب بالصورة أكتر .. المجموعة الجالسة هناك تسمى في مصطلح المسيحيين أسرة، في كل كلية هناك أسرة تجمع شمل الطلاب فيها تحت راية الكنيسة ولكل أسرة مرشد روحي- اسما- له تدخلات أخرى أحيانا اجتماعية. 


دخولك كمسيحي للأسرة غير ملزم.. ولكن ستجد دعوات كثيرة تدعوك للدخول به.. لا يوجد تمويل لهذه الأسر أساسا.. لا من الكنيسة ولا من المرشد و لكن مرشد الأسرة يعين من الكنيسة.. مرشد هندسة يجب أن يكون مهندسا وبالمثل لكل كلية.. ليس واجبا أن يكون رجلا، المهم أن يكون من خدّام الكنيسة الكبار المشهود لهم بالاحترام.


الأسرة لها أنشطة فنية من حفلات ترحيب وتخرج ودراسية، فيها يقوم الخريجون بشرح الدروس الصعبة للجدد.. الأسرة الكنسية في الكليات عالم جميل تخرج الطاقات وتبعد الشباب عن محاولات الشد لانحرافات متعددة.. أنا شخصيا أحببته وشاركت فيه.. مخدوما وخادما.. وممتن لكل ثانية قضيتها معهم و لكن.


الأسرة رغم جمالها وتسليم الراية من دفعة لدفعة.. بها تثبيت وبشدة لنظرية التقوقع.. أمي كانت تحكي لي أنه لم يكن هناك سوى أسر وتجمعات عامة في الجامعات تواجه الأسر المتطرفة من شيوعيين و إسلاميين.. في رأيي المتواضع أن ظهور الأسر بهذا الشكل سببه الرئيسي التمييز الشكلي الذي أصبح به المصريون.. بنت غير محجبة تعني بنسبة تسعين بالمائة أنها مسيحية .. هي نفسها تشعر بأنها غريبة في المدرج من نظرات الناس لها خاصة في كليات الأقاليم ... لذا ف تجمعها مع مثيلاتها حل منطقي للهروب من النظرات..
و لهذا في السبعينات والثمانينات لم يكن هناك فارق تصنيفي قائم على الشكل. 


السبب الثاني تفشي الأسر الإخوانية التي تقدم للطلاب خدمات مجانية.. وفي الوقت الذي فيه يقوم بشرح الدروس للطلبة المسيحيين طلاب أكبر منهم .. في الأسر الإخوانية هناك دكاترة و معيدين .. و تمويلها من أوراق مجانية و شرح مجاني وكل مساعدات ممكنة للفقراء في الدفعة من تمويلات الجماعة نفسها.. لا أعلم ما هو الوضع الآن أنا أحكي ما رأيته بعيني. 


الخوف من اندماج الطلاب المسيحيين والطالبات تحت لواء هذه الأسر هو السبب الرئيسي لتكوين أسر مسيحية.. أما بالنسبة للمدارس ففيلم "لا مؤاخذة" قدم الصورة على أكمل وجه.


الحقيقة أن البيوت المسيحية مثلها مثل البيوت المسلمة.. كلهم مصريون.. مثلما يوجد من يحذر ابنه من مخالطة المسيحي، هناك من يحذر ابنه من مخالطة المسلم.. أما بالنسبة للبنات فمخالطة ولد من دين مخالف – مصيبة سودا- بالمعنى الحرفي للكلمة.


الحل ؟
لا يوجد حل في مجتمع لا يستطيع أن يصنف نفسه أصلا فسموه مجتمع وسطي المجتمع الوسطي مجتمع مايع.. لا هو يرفض التصنيف الديني ولا هو يقبله.. الحل في أسر جامعية قائمة  على مبادئ علمانية وليبرالية صريحة ممولة من الحكومة نفسها.. موازية للأسر الدينية..  أسمع أحدهم يقول عاوز الجامعة تبقى كبارية.. دي بقى المصيبة الأسود.. مفهوم الأهالي عن العلمانية هو أنها هلس وانحراف وإلحاد.. هل نجد عاقلا يجمع الطاقات الطلابية بحق في بوتقة مصرية واحدة؟


الحقيقة أننا نحتاج لثورة تعليمية لترسيخ قيم المواطنة في جيل الأبناء.. حتى يكبروا متشربين بها لينقلوها لأولادهم.. ببساطة.. حتى تحقق المواطنة نحتاج ثلاثين عاما من العمل من الحكام والأنظمة وتهميش تااااااام لكل المؤسسات الدينية مسيحية أو مسلمة في أي قرار سياسي مع حفاظنا على كل تقدير لدورها الرعوي الديني.. هذا لو أردنا المواطنة.. الحقيقية.


رسالة أخيرة  للمواطن المصري المسيحي.. يا صديقي المسيح نفسه طلب منك الظهور والمشاركة في العالم.. "أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفي مدينة موضوعة على جبل ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت.."إنجيل متى الإصحاح الخامس


لا تطالب بحقك في المواطنة وأنت لا تؤمن به.. المسيحية لم تضع أبدا مبادئ سياسية سوى إعطاء ما لله لله وما للبلد للبلد.. علّموا أولادكم أنها بلدكم.. علّموا أولادكم أن الهجرة هي للحصول على فرصة أفضل وليس لأننا هنا ضيوف.. آمنوا بأنكم مواطنون كاملو المواطنة قبل أن تطلبوها كحق يعطوه لكم.


لمتابعة الكاتب عبر فيس بوك