بقراءة عابرة لايرادات هوليوود في 2014 ستلاحظ الآتي:
يحتل Interstellar  المركز 10 عالمياً باجمالي ايرادات 673  مليون دولار، منها 188 في أمريكا، يحتل بها هناك المركز الـ 16 في الترتيب العام.

في المقابل يحتل الفيلم المركز الأول في مصر، باجمالي 7,106,466  مليون طبقا للمنشور على موقع السينما. وبفارق كبير عن أقرب الأفلام المنافسة، لأن العملاق Godzilla  حقق  4,110,878 فقط.

السؤال اذا لماذا حقق كل هذا النجاح في مصر؟
الفيلم لا ينتمي الى سلسلة مشهورة أو اسم معروف، على غرار The Hobbit - Godzilla -  Transformers. لا يملك نجم شباك ثقيل الوزن، لأن بطله ماثيو ماكونهي لا ينتمي هذة الفئة. والحملة الدعائية للفيلم في مصر، لم تختلف كثيرا عن أغلب الأفلام الأخرى. 

الإجابة في رأيي يمكن تلخيصها بالأساس في (السوشيال ميديا). 
تزامن عرض الفيلم، مع العديد من المواضيع العلمية المتعلقة بالفلك والثقوب السوداء، خاصة مع حرص مخرجه كريستوفر نولان وصناع الفيلم على تأكيد اهتمامهم بهذة الجزئية، لدرجة اصدار كتب وفيديوهات عن هذة النقطة. صفحات الترجمة والعلوم ترجمت بعضها، ومع معدل القراءة والشير العالي، أصبح Interstellar اسم ذهبي فيها لعدة أشهر.    

الجدل العلمي والفيزيائي عن الفيلم امتد لمرحلة ما استعراضية، بصورة لا أراها منطقية لفيلم خيال علمي، لكنها بكل تأكيد أفادت الفيلم دعائيا. 

امتد الجدل ليتحول الى نوع فكاهي أخر (الفيلم واضح وبسيط أيها الحمقى - الفيلم معقد وصعب ويحتاج الى دراسة فلك لكى تفهمه). والصفحات والمواقع تفننت في كتابة عشرات المواضيع بمضمون (معلومات فيزيائية يجب أن تقرأها قبل مشاهدة Interstellar). 

لعبة الفيلم صعب الفهم أو(اشتغالات) باللغة الدارجة، أنتجت سيل نكات في السوشيال ميديا، خاصة مع تزامن شهرة الفيلم في نهاية نوفمبر، مع موسم امتحانات نصف العام.

جزئية نسبية مرور الزمن بين كوكبين، أنتجت أيضا وحدها نكات عديدة لا تنتهي. 

ولفترة ما ظلت المقطوعات الموسيقية العظيمة التي كتبها هانز زيمر للفيلم، المتوفرة على اليوتيوب، فقرة ثابتة تقابلك بشكل شبة يومي على الفيس بوك. ولم تنجو من أجواء الهزار المستمرة حتى الأن.

كل ما سبق، خلق جو تفاعلي خاص عن الفيلم في السوشيال ميديا، لم يظفر أى فيلم أمريكي أخر بمثله. مع سمعة جيدة عن مستوى الابهار في الصورة والصوت، أثارت حماس عديدين لمشاهدته في قاعات السينما، باعتباره عمل مختلف مبهر لا يُشاهد الا هناك. 

طبقا لتصريحات خاصة أعتذر عن ذكر أرقامها، فالفيلم أيضا هو الأنجح من حيث الإيرادات في تاريخ قاعة الأيمكس المصرية الوحيدة، منذ بدايتها في 2012. وهى نقطة أخرى تدعم أخر فقرة. 

باختصار ولفترة لا بأس بها من الوقت، كان من الصعب أن تتصفح الفيس بوك دون أن يطاردك اسم Interstellar  بعدة طرق. وهو ما أنتج قناعة (يجب أن أشاهد هذا الفيلم لأتابع هذا العبث بشكل أفضل). الصفحات الدعائية الرسمية كانت الأقل ابداع في هذة النقطة، والأكثر روتينية.

ايرادات الفيلم في مصر  7,106,466 مليون، سيتجاوزها هذا الاسبوع بسهولة فيلم مثل Furious 7  لكننا نتحدث هنا عن سلسلة عريقة، بَنت اسم تجاري على مدار 6 أفلام سابقة. غالبا سيتجاوزها أيضا فيلم جيمس بوند القادم Spectre  نهاية العام، وبوند اسم تجاري أكثر عراقة من The Fast and the Furious.

ما هو الفيلم التالي اذا الذي يحتمل أن يخلق ضجة مصرية مماثلة على السوشيال ميديا تعادل  Interstellar  مستقبلا، وينتهي بايرادات غير متوقعة؟
من وجهة نظري يوجد اسمان في 2015 يحتمل أن يُنتجا ضجة مماثلة، لكن سأحتفظ بالإجابة مؤقتا!

على صعيد أخر فالدرس المستفاد من ايرادات Interstellar  لكل موزع أفلام أجنبية، ولكل صناع الأفلام المصرية، يجب أن يكون مزيد من التركيز والاستثمار الدعائي في الانترنت عامة. وفي السوشيال ميديا خاصة. ولمزيد من الدقة (بروباجندا ذكية) بدلا من الدعاية المباشرة.
  

لنترك الفيلم والسينما ونتحدث بصفة عامة:
للسوشيال ميديا تأثير ثقيل يتزايد اضطراد على الفئة المتوسطة والثرية في مصر. حتى الأن لم يتم توظيف هذة الجزئية بشكل دعائي احترافي بالشكل المستحق. وهى أزمة عالمية متفاوتة الدرجات، بسبب حداثة الوسيط نفسه، وارتباطه بأخر عقد فقط لا غير. 

مع التزايد المستمر في عدد المستخدمين، وانتقال أداة المتابعة من كمبيوتر على المكتب الى جيوبنا (الموبايل)، سنصل غالبا بمرور الوقت الى مرحلة ما، يصبح فيها المُنتِج نفسه، أكثر وعيا بهذا التأثير. ووقتها ستظهر طبقا لقواعد العرض والطلب، الكوادر البشرية القادرة على صياغة حملات هذة الدعاية بشكل احترافي مماثل للإعلانات التليفزيونية، التي يتمتع خبراءها الأن بحصاد خبرات يتجاوز النصف قرن.

لمتابعة الكاتب