أبناء العائدين من سوريا والعراق صداع فى رأس أوروبا
تواجه الدول الأوروبية تحدى كبير حول كيفية التعامل مع المقاتلين الأجانب العائدون من دول الصراع بسوريا والعراق بعد ترك هؤلاء لبلادهم وانضموا إلي هؤلاء الدواعش، وبات التحدى الأكبر أمام حكومات تلك الدول هو إعادة تأهيل الأطفال الصغار أبناء هؤلاء المقاتلين، وأكثر من 680 امرأة ينتمون لهؤلاء المقاتلين العائدون، والذين يحملون الفكر الداعشى وينقلون لابنائهم والمحيطين بهم من أبناء الدول الأوروبية.
وأصبح هؤلاء المتطرفون العائدون من مناطق القتال بسوريا والعراق إلى أوروبا، مصدر تهديد قوي لأمن تلك البلاد، لتظل تلك القضية هى الأولى على قائمة أجهزة الأمن الأوروبية، التي تحاول تتبع حركة العائدين من مناطق القتال، إلا أن الحوادث الإرهابية الأخيرة التي ثبت فيها تورط بعضهم ألقت الضوء على عدم نجاح الأجهزة الأمنية في توقع حدوث هذه الهجمات.
وكان آخر المقبوض عليهم من ضمن هؤلاء "لوكاس .ج" المعروف بإبراهيم الألمانى البالغ من العمر 31 عاماً، والذى ألقي القبض علية بمعرفة وحدات حماية الشعب الكردية فى منطقة هجين السورية، والمحبوس حاليًا مع 800 مقاتل أجانب أخرين أغلبهم من أوروبا ألتحقوا بداعش قبل وبعد ما يسمي بإعلان دولة الخلاف في يونية 2014.
وبحسب الإحصائيات التى أعلنتها منظمة الأمم المتحدة أكدت التحاق ما يقرب من 40 ألف شخص من 120 دولة إلى التنظيم الإرهابي من بينهم 7800 إرهابى من أوروبا وحدها، حسبما أعلن مكتب الشرطة الأوروبية " يوروبول" ثلثهم إما قتلوا أو عادوا إلي بلدانهم.
وجاء معدل أعمار هؤلاء المقاتلين لا يتجاوز الثلاثين عاماً، وبلغ عدد المنضمين لتلك التنظيمات المتشددة بسوريا والعراق ممن يحملون الجنسية الألمانية ما يقرب من 1050 شخصا حسب إحصاءات المخابرات الداخلية المعروفة بهيئة حماية الدستور بالتنظيم المتشدد، ربعهم عادوا بالفعل لألمانيا وهم الآن تحت مراقبة هيئة حماية الدستور.
وفى الأحداث الأخيرة بفرنسا تم رصد عودة ما يقرب من 300 جهادى كانوا منضمين للدواعش بسوريا والعراق، لكنت السلطات الفرنسية ألقت القبض عليهم بتهمة الإرهاب التى تصل عقوبة السجن عليها هناك لأكثر من 10 سنوات، خاصة وأن أغلب منفذي الهجمات الإرهابية التي هزت فرنسا وبلجيكا هم من العائدون من بؤر التوتر.
وسبق وأن حذر مركز "آي إتش إس" البريطاني من خطورة تصدير الإرهاب إلى الدول الأوروبية عبر المقاتلين الأجانب المنتمين لهذه الدول والعائدين، وذكر المركز فى تحليل مفصل أن المقاتلين الأجانب العائدين يرفعون خطر وقوع هجمات إرهابية معقدة وواسعة النطاق فى أوروبا، بحسب تقرير جديد صدر عن مركز "جين" لدراسات الإرهاب والتطرف، وبحسب إحصائيات المركز سجل بدول أوروبا الغربية عام 2018 حتى الآن 44 هجوما شنه أفراد مؤيدون لداعش، مما تسبب بمقتل 334 شخصا وجرح 1200 على الأقل.
قدرت دراسة صادرة عن معهد إلكانو الملكي للأبحاث في إسبانيا في يونيو 2017 ، أعداد المتطرفين العائدين إلى 12 دولة أوروبية، بعضهم عاد بالفعل والبعض الآخر في طريق العودة ، وذكرت الدراسة أن ألف متطرف سافر فقط من فرنسا منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وانتشروا بسوريا والعراق ضمن التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها داعش.
وأوضحت أن 210 أشخاص عادوا من مناطق القتال إلى فرنسا، التى شهدت سلسلة من الهجمات الإرهابية خلال عامي 2015/2016 ، ألقي باللوم في بعضها على إرهابيين عائدين من مناطق القتال في سوريا.
وعاد إلى بريطانيا 450 متطرفا من جملة 850 سافروا للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة بسوريا والعراق ، وشهدت بريطانيا في النصف الأول من عام 2017 ثلاث هجمات إرهابية، شملت حادث دهس في جسر لندن أودى بحياة 7 أشخاص، وتفجير انتحاري في مانشستر أودى بحياة 22 شخصا، وهجوم استهدف البرلمان قتل فيه 6 أشخاص.
وتأتي ألمانيا في المرتبة الثالثة أوروبيا من حيث الملتحقين بتنظيمات متطرفة، حيث سافر 820 شخصا، عاد منهم 280، بحسب الدراسة ، وتعرضت ألمانيا منذ اليوم الأول لعام 2017 لعدد من الهجمات الإرهابية، كان أعنفها حادث الدهس ليلة عيد الميلاد في ساحة بريتشيد بالعاصمة الألمانية برلين، بينما وقع 6 هجمات في عام 2016.
وبحسب الدراسة، سافر من السويد 300 متطرف إلى سوريا والعراق، بينما عاد منهم نصف هذا العدد ، وعاد إلى النمسا 50 متطرفا من أصل 300 ذهبوا للمشاركة في القتال بسوريا والعراق. وعاد إلى هولندا 45 متطرفا من أصل 280، بينما عاد إلى بلجيكا 120 من أصل 278 ، والتحق من إسبانيا والدنمارك والنرويج وإيطاليا وفنلندا مجتمعة حوالي 635 شخصا بالتنظيمات المتطرفة، عاد منهم 212 شخصا .
وتحاول وكالات الأمن والاستخبارات في أوروبا تتبع حركة العائدين من مناطق القتال في الشرق الأوسط، لكن الحوادث الإرهابية الأخيرة التي ثبت فيها تورط بعضهم ألقت الضوء على عدم نجاح الأجهزة الأمنية في توقع حدوث هذه الهجمات.
وتواجه حكومات هذه الدول انتقادات لعدم قدرتها على اعتقال هؤلاء العائدين، بسبب قيود قانونية تخص عدم وجود أدلة دامغة بشأن إثبات مشاركتهم في أعمال عنيفة بالشرق الأوسط، وهو ما يضعهم فقط تحت المراقبة التي لا تكون ناجحة أحيانا في إحباط أي هجوم محتمل.