مسجد "السلطان حسن".. معجزة معمارية لحاكم مملوكي لم يعثر على جثمانه
الروعة المعمارية وجمال التصميم وسحر المكان ليس هذا كل ما يبهرك في هذا البناء العريق بمسجد السلطان حسن، فبمجرد أن تدخل إلى المبني أول ما يبهرك هذا الباب العالي الذي تزينه النقوش الإسلامية المبهرة في روعة التصميم، وتذهب بعد ذلك عبر ممر ضيق لتجد نفسك خرجت إلى صحن شاسع تتوسطه قبة تغطي مكان الوضوء الخاص بالمصلين، بالإضافة إلى النقوش الرخامية المحفورة في المحراب وإيوان القبلة المزينة بآيات قرآنية بالخط الكوفي المميز.
"إذا كانت مصر الفرعونية تفخر بأهراماتها، فعلى مصر الإسلامية أن تفخر بمسجد ومدرسة السلطان حسن"، هي واحدة من أشهر العبارات التي قيلت بحق الأثر الإسلامي على لسان الرحالة المغربي "الورثيلاني" وذلك في حق الأثر الأهم خلال حقبة المماليك، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن الهجري.
هل سر الروعة ترجع الي إيوانات المسجد الأربعة الشاهقة، وأكبرها إيوان القبلة الذي يضاهي إيوان كسرى بالعراق، برأي خبراء معماريين، وكان يشهد تدريس مذهب الإمام أبي حنيفة، بينما كانت الإيوانات الثلاثة الباقية، وهي أصغر حجما، تشهد تدريس المذاهب الثلاثة الأخرى، وهكذا كان المسجد الواقع بالقرب من مسجد محمد علي بالقلعة، وإلى جوار مسجد الرفاعي، مدرسة لتعليم علوم الدين والفقه.
مسجد لا ثاني له في مصر، ولا في غيرها من البلاد في روعة البناء وتفرد الزخارف.. بهذه الكلمات وصف الرحالة المغربي الشيخ الحسين بن محمد الورثيلاني، في كتابه "نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار"، مسجد السلطان حسن بالقاهرة.
وقال عنه جومار في كتاب "وصف مصر"، إنه من أجمل مباني القاهرة الإسلامية ويستحق أن يكون في المرتبة الأولى من مراتب العمارة العربية بفضل قبته العالية وارتفاع مئذنتيه وعظمة اتساعه وكثرة زخارفه، ويوصف المسجد بأنه تاج العمارة المملوكية ودرَّة المساجد المصرية، وهو نفسه المسجد الذي سبق أن أبدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، انبهاره بفخامته حينما زاره في عام 2009 وكان برفقته آنذاك وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وتجولا في داخله ووقفا عند تفاصيله.
مسجد السلطان حسن
السلطان قلاوون وحكاية المسجد
أنشأ المسجد السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، في 748 هـ - 1356 م، واكتمل بناؤه بعدها بـ 7 سنوات، لكن السلطان حسن قتل في إحدى المعارك قبل انتهاء إنشاء المسجد ولم يعثر على جثمانه، ومن ثم لم يدفن في الضريح الذي بني خصيصا له أسفل قبة المسجد العملاقة، بينما دفن فيه ولداه الشهاب أحمد وإسماعيل.
عندما خطط السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون لبناء مسجد جامع يكون فريدا من نوعه، ارتأى أن يتضمن مدرسة للمذاهب الأربعة، "الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي"، وان يكون مسجداً عظيما لا نظير له في فن العمارة والضخامة ودقة التفاصيل في البناء.
إذا كان لمصر القديمة أن تفخر بأهراماتها، فلها إسلاميا أن تتيه عجباً بمسجد ومدرسة السلطان حسن الذي وصفه الرحالة المغربي الورثيلاني بالتفرد في فخامة البناء، اذ تبلغ مساحته 7906 أمتار مربعة نحو فدانين، وطوله 150 مترا، وعرضه 68، وارتفاعه 37.70م، بتكلفة قيل إنها تجاوزت 750 ألف دينار من الذهب.
اقرأ ايضاً