أيمن عبد التواب يكتب: عمرو خالد.. الداعية «الشمورت» والتجارة بالدين
هل رأيت أحدًا يحج إلى بيت الله الحرام دون أن يُحرم؟ هل رأيت أحدًا يصلي دون وضوء؟ بل هل رأيت أحدًا يصلي التراويح دون أن يصلي العشاء؟
يبدو أن هذه هي الرسالة التي أراد الداعية «الشمورت» عمرو خالد إيصالها لملايين المشاهدين: «إذا أردت الله أن يتقبل صلاتك وقيام ليلك فعليك بدجاج الوطنية، ووصفات آسيا»!
ما اسهل أن تستغل الدين في الترويج لشيء ما؛ بضاعة راكدة؛ سلعة بائرة؛ مشروب مغشوش؛ سياحة دينية؛ كتب طبية منسوبة إلى النبي؛ تأييد موقف سياسي بعينه؛ الانتقام من شخص أو طائفة ما..
كل ما عليك أن تأتي بمن يُطلق عليه لقب «داعية» شاطر في التجارة، أو شيخ مُعمم يبحث عن شهرة عارضة، أو عالم دين يبحث عن وسيلة للعودة إلى الأضواء بعدما انحسرت عنه، وتمنحه أموالًا وفيرة مقابل الترويج لبضاعتك «الحلال»، حتى وإن كانت حرامًا.
الحقيقة أن الداعية «الشمورت» عمرو خالد ليس أول، ولن يكون آخر مَنْ يتاجر بالدين، أو يستغل الدين في الترويج لبضاعة ما، مادية كانت أم معنوية!
ولعلنا نتذكر المشاهد الواضحة التي كان يظهر فيها بعض علماء الأزهر الشريف، وهم يفتتحون إحدى شركات أو فرع جديد من فروع مجموعة شركات الحاج «أحمد الريان»، وهم أيضًا بصحبة بعض الوزراء وكبار المسؤولين الذين كانت ابتسامتهم تملأ شاشات التلفزيون وهم يتزاحمون للوقوف بجانب الحاج «البركة»!
المتاجرة باسم الدين ليست وليدة اللحظة، ولا حديثة العهد، بل هي ضاربة في جذور التاريخ الإسلامي. فقد استغل الخوارج الدين، وأرادوا أن يطوعوه لخدمة أهدافهم، فكان شعارهم «لا حكم إلا لله»!
بينما كان تعليق الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- عليهم أنها «كلمة حق يراد بها باطل»، والباطل هو استغلالها للنزاع والصراع المسلح على الحكم، وهو ما فعلته جماعة الإخوان الإرهابية، قبل أن يلفظها الشعب، ويفضح أيدلوجيتها، وخبث أهدافها، وزيف عقيدتها، شأنها شأن كل الجماعات الإسلامية التي أهملت «التفكير» واعتمدت على «التكفير» للدخول في عوالم السياسة ودائرة الحكم، فكانت النتيجة كما شاهدناها، وسمعناها، وقرأنا عنها؛ دماء، وقتلى، وفوضى!
والمتاجرة باسم الدين لم تقتصر على عالم السياسة، بل للتجارة نصيب منها.. فخلال دراستي للعلوم الشرعية في كلية دار العلوم جامعة القاهرة، عرفت أن بعض معدومي الضمير، يؤلفون كلامًا وينسبونه إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- ويروجونه باعتباره أحاديث نبوية شريفة؛ لترويج بضاعتهم الكاسدة!
وما يحضرني في هذا الأمر، أن تاجر «بلح» وتاجر «بطيخ» كانا يقفان ببضاعتهما أمام أحد المساجد الكبيرة وينتظران خروج المصلين من الصلاة، فينادي بائع البلح على بضاعته بأعلى صوته: «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: إذا انتهيتم من الصلاة فأبلحوا»، أي «كلوا بلحًا»، فيقبل عليه المصلون ويشترون منه، متجاهلين نداء بائع البطيخ.
وما ارتكبه بائع البلح فعله تاجر البطيخ، الذي ذهب إلى مسجد آخر، وانتظر خروج الناس من الصلاة، ونادى على بضاعته: «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: إذا انتهيتم من الصلاة فأبطخوا»، أي «كلوا بطيخًا»، فأقبل الناس عليه يشترون منه!
وقطعًا لن أخفيكم سرًا حين أقول لكم إن التجارة بالدين هي الرائجة الآن، وترونها تحاصركم من كل اتجاه، من العلاج بالقرآن، والرقية الشرعية، والعلاج بالحجامة، والطب النبوي، وتفسير الأحلام، والغسل الشرعي، والدفن الشرعي، والحضانات الإسلامية، والمدارس الإسلامية، والقنوات الإسلامية برعاية شركة النور والسعودية إللي بتقدملك أحسن عروض!