التصعيد بين إيران وإسرائيل.. لدق طبول الحرب أم لمواجهة فشل الداخل؟
في ظل لغة التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، ساد شعور أن معركة جديد تلوح في الأفق على الساحة السورية، بين الدولتين اللتان تسعيان لبسط نفوذهما على المنطقة على حساب القوى العربية، على خلفية اتهامات إيرانية لإسرائيل باستهداف أحد القواعد العسكرية في سوريا، والتي يتواجد بها عدد من الضباط الإيرانيين، وهو الأمر الذي لم تؤكده الدولة العبرية أو تنفيه.
ولعل الحرب الكلامية التي اندلعت بين الجانبين، دفعت العديد من المحللين والمتابعين للتوقع بأن سوريا سوف تصبح ساحة لمعركة جديدة بين إيران وإسرائيل، إلا أنها ستكون حرب مباشرة بين الجانبين، وليست بالوكالة على غرار الحروب الأخرى، والتي استخدمت فيها طهران أذرعها في المنطقة على غرار حزب الله في لبنان كما حدث في الحرب التي شهدها لبنان في عام 2006، في ظل تأكيدات بوجود الحرس الثوري الإيراني، داخل سوريا، واحتمالات قيامه باستهداف إسرائيل من الأراضي السورية، في الوقت الذي توعدت فيه إسرائيل بالرد المباشر عليهم.
دور إسرائيلي
الأراضي السورية أصبحت ساحة للعديد من المعارك الدولية منذ بداية الأزمة في عام 2011، حيث كانت محلا للصراع بين القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها روسيا والولايات المتحدة، من أجل النفوذ، بالإضافة إلى الصراعات الإقليمية بين القوى الرئيسية في المنطقة، وأهمها إيران وتركيا من جانب والمملكة العربية السعودية والقوى العربية الأخرى من جانب آخر، بالإضافة إلى الدور الإسرائيلي الذي بقى متواريا طيلة السنوات الماضية خوفا من استفزاز الجانب الروسي.
إلا أن الأزمة الأخيرة ربما تفتح الباب أمام دور إسرائيلي أكثر وضوحا في المرحلة المقبلة، خاصة وأن الحكومة الإسرائيلية لم تنفي ما يثار حول تورطها في الهجوم الذي استهدف قاعدة عسكرية سورية، وبالتالي فهي ربما تسعى في المرحلة المقبلة للقيام بدور بارز للمشاركة في صياغة مستقبل سوريا، خاصة وأن الجانب الإسرائيلي ربما يشعر بالخطر جراء التواجد الإيراني على الحدود معها.
حرب خطابية
ولكن الهجوم الإسرائيلي على القاعدة السورية والذي أودى بحياة عدد من الجنود الإيرانيين، ربما لم يكن الموقف الأول الذي أنذر باحتمالات اندلاع الحرب، فقبل شهرين، شهدت العلاقات بين إسرائيل وإيران حالة من التصعيد السياسي والإعلامي بعد استهداف طائرة إسرائيلية في سوريا اتهمت السلطات الإسرائيلية على أثرها الحكومة الإيرانية بالتورط في إسقاطها.
من جانبه، قال الباحث المتخصص في الشئون الإيرانية عمرو أحمد، في تصريحات سابقة لـ"دوت مصر"، أن التصعيد بين إيران وإسرائيل يبقى قاصرا على الخطابة السياسية والإعلامية، موضحا أن النظام الإيراني يحاول استخدام خطابه السياسي والإعلامي لخدمة أهدافه الداخلية والمتمثلة في إبراز دعم الجمهورية الإسلامية في طهران للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيل، بينما في الواقع لا تتخذ خطوات فعلية للتصعيد ضد إسرائيل.
وأضاف أن التدخل الإيراني في الشئون الداخلية للدول العربية، سعيها إلى خلق الفوضى في المنطقة العربية، يحقق مصلحة إسرائيل في شغل الرأي العام العربي عن القضية الفلسطينية، وبالتالي يصبح التصعيد الإسرائيلي ضد إيران مستبعدا.
تراجع عبري فارسي
ولعل حالة التراجع التي ظهرت بوضوح في تصريحات المسئولين الإيرانيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، تعكس بوضوح أن فكرة الحرب تبدو مستبعدة، إلا أن التصعيد الخطابي والإعلامي يأتي في إطار رغبة الجانبين في التغطية على قضايا داخلية ربما تشعل غضبا كبير في كلا البلدين، على خلفية قضايا الفساد التي تورط بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وكذلك انهيار الاقتصاد الإيراني.
كان محمد جواد ظريف قد أكد في تصريحات له اليوم أنه لا يعتقد أن إسرائيل وإيران في طريقهما للحرب، وهو نفس الأمر الذي ذهب إليه كذلك وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، والذي استبعد فكرة الحرب بين إسرائيل وإيران.