الحارة المصرية.. محاولات شبابية لعودة سحر "العزيمة"
معتمد عبد الغني
الأحد، 22 أبريل 2018 09:29 ص
قدم الفنان محمد صبحي في الجزء الثالث لمسلسل يوميات ونيس، عام 1996، تجربة وقتها كانت جديدة، وهي تطوير الحارة المصرية، ذلك المكان الشعبي الساحر، والذي نسج الأديب نجيب محفوظ من أحداثه الواقعية رواياته الشهيرة، لكن التغييرات الاجتماعية المصرية وفقًا للديموغرافيا (علم السكان)، حشرت الطبقة المتوسطة المنقرضة بين شرائح اجتماعية عشوائية، في مشهد سيريالي تحت رعاية الوعي الغائب والتحضر المفقود.
الحارة المصرية التي كانت امتدادًا مخلصًا لنبض الحياة السياسية في القاهرة الخديوية، تحولت إلى تابع وفي للعشوائية والإهمال، خطر قائم يهبط بكلمة "الحارة" إلى درجات القبح والبذاءة، ويستبدل مفردات الجدعنة، والشهامة، وأخلاق أولاد البلد، بمصطلحات تجعل من ساكني ذلك المكان في خانة الاتهام بالعبث والجهل والتخلف، لكن هناك بعض المحاولات لم تيأس أمام هذا القالب، وقرروا أن يعيدوا للحارة بهاءها، ويستحضروا الجمال الذي نراه على شاشة السينما في أعمال المخرج حسن الإمام، أو في "العزيمة".. أول فيلم مصري واقعي صور الحارة المصرية.
صباح يوم الجمعة الماضي، استيقظ سكان حارة أبو العينين في المرج، على حركة غريبة أثارت انتباههم، وجدوا شبابًا يمسكون بأدوات التلوين والدهانات، هبط عليهم هدف يرجونه، وهو تجميل المكان الذين يعيشون فيه، هؤلاء الشباب اجتمعوا تحت مشروع "المدينة الفاضلة"، دلالة الاسم ترمز للأفضل، ترى هل كان يدرك أفلاطون أن مدينته التي رغب أن يجتمع فيها الفلاسفة، سوف تتحول معيارًا وهدف للجمال؟.. هذا ما حدث فعليًا، 27 مشروعًا مجتمعيًا شارك في المشروع لتحقيق التنمية، عن طريق حملات توعية وورش عمل تستمر على مدار شهر أبريل لكافة فئات المجتمع داخل المنطقة.
وضعت تلك المشروعات الاجتماعية نصب عينيها هدفًا واضحًا، تحويل نطاق إحدى المناطق العشوائية وهى "حارة أبو العينين بعشوائيات المرج القبلية"، إلى نموذج مصغر من مجتمع المدينة الفاضلة، وذلك خلال شهر أبريل الجاري 2018.
تضمنت المشروعات المشاركة في "الحارة الفاضلة"، إحداث تنمية مجتمعية في مختلف المجالات ولكل فئات المجتمع؛ مثل مشروع "دنتاليا"، الذي أعد استبيان عن صحة الأسنان لـ500 شخص من أهالي منطقة المرج، وقدم الخدمات الطبية لهم.
كذلك مشروع "الصفر بيفرق" بالشراكة مع سفراء الثقافة وقدما برنامجا تنمويًا للأطفال حضر به 18 طفلاً بالمرحلة الابتدائية، وتم مناقشة نماذج شبابية حية فارقة وملهمة، وعرض قصص تربوية وإقامة ورش عمل يدوية والغاز تساعد على تنمية المهارات الحسية والفكرية.
وأقام مشروع "منهج" فعالياته لتعليم الأمهات مهارات التعامل على الأطفال وفهم شخصياتهم وتصرفاتهم لاكتشاف مهاراتهم، وكذلك انطلق مشروع "ضِلِّك"، لتحقيق تمكين اقتصادي للمرأة من خلال برنامج شامل للعدد من السيدات تضمن التدريب المهني والتأهيل النفسي لرفع الوعي بدور وحقوق النساء، وإعادة إدماجهن مرة أخرى؛ ليكن فعالات داخل المجتمع في كافة المجالات.
وساعد مشروع "جوهر"، بعض الشباب في الثانوية العامة على إعطائهم بعض المعلومات والنصائح لتساعدهم في اختيار مستقبلهم المهني وتحديد مسار الوظيفي لهم، ذلك فضلاً عن العديد من المشروعات الأخرى التي تهتم بعدد من جوانب التنمية المجتمعية ورفع الوعي للفئات المختلفة.
ويعد مشروع "الحارة الفاضلة" مؤشر قياس أداء في مدى نجاح المشروعات المشاركة في تحقيق رؤيتها ورسالتها في تحويل العشوائيات إلى مجتمع المدينة الفاضلة.. بعد انقضاء شهر إبريل، هل يحافظ أهل حارة أبو العينين في المرج على تلك المحاولات، وتعود جماليات حارة "العزيمة" السينمائية بعزيمة السكان في الواقع.
لا يفوتك