رغم الخلاف حول سوريا.. إيران تغازل أوروبا للحفاظ على الاتفاق النووي
يبدو أن الحكومة الإيرانية تحاول استقطاب القوى الأوروبية لصالحها، في إطار المخاوف الكبيرة جراء قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى الدولية الكبرى في يوليو 2015، خاصة وأن الدول الأوروبية لديها تحفظات كبيرة على التوجهات الحادة للرئيس الأمريكي تجاه الاتفاق النووي وترى أنه السبيل لاحتواء الخطر النووي الإيراني.
كانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهي الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة، قد أعربت عن تحفظاتها الكبيرة جراء التوجه الذي تبناه الرئيس الأمريكي، بالانسحاب من الاتفاق النووي، منذ دخوله إلى البيت الأبيض في يناير 2017، وهو الموقف الذي ربما سمح للجانب الإيراني بمجابهة التصريحات العدائية الأمريكية منذ ذلك الحين، على اعتبار ان الانسحاب الأمريكي من الاتفاق لن يمثل مشكلة في ظل تمسك القوى الغربية الأخرى بالاتفاق.
تحديا جديدا
إلا أن التطورات السورية الأخيرة ربما تحمل تغييرا كبيرا في التوجهات الأوروبية تجاه الاتفاق النووي، هو الأمر الذي قد تعتبره طهران تحديا جديدا لها، خاصة وأن العديد من القادة الأوروبيين قد ألقوا باللوم على الدور الإيراني في دعم النظام السوري، على خلفية الهجوم الكيماوي المزعوم، والمشتبه بتورط النظام السوري فيه، وهو الهجوم الذي دفع الولايات المتحدة، بمشاركة بريطانيا وفرنسا إلى اطلاق هجوم عسكري على مواقع تابعة للنظام السوري.
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي قد أعربا عن قلقهما البالغ من الدور الإيراني المثير للجدل في الداخل السوري، حيث أكدا في تصريحات لهما أن إيران تلعب دورا مشبوها من أجل زيادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، على حساب القوى العربية، وهي التصريحات التي ربما تثير تساؤلات حول مستقبل الاتفاق النووي الإيراني في ضوء إدارك القيادات الغربية لخطورة الدور الإيراني، والتهديد الذي يمثله هذا الدور للأمن والاستقرار في المنطقة.
مغازلة إيرانية
على الجانب الأخر، يبدو أن النظام الإيراني ومسئوليه حاولوا مغازلة الغرب الأوروبي مؤخرا، وذلك من أجل الحفاظ على بقائهم في الاتفاقية، في ظل محاولات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استخدام الملف السوري كورقة ضغط على حلفائه الأوروبيين من أجل الاستجابة لرغبته في الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني
قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن بلاده تلتمس العذر لأوروبا في قرارها بفرض عقوبات على إيران، على خلفية ملف حقوق الانسان، موضحا أن مثل هذه العقوبات تأتي كنتيجة مباشرة للاختلاف في القيم بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي. وأضاف أنه ينبغي أن يستمر الحوار بين الجانبين في المرحلة المقبلة.
يرى الكاتب البريطاني جيمس بوريدينو في مقال منشور له بصحيفة "التيليجراف" البريطانية أن أوروبا تبقى الرهان الأخير للحكومة الإيرانية إذا ما أرادت الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي فلا سبيل أمام النظام الحاكم في طهران سوى التقارب من أوروبا في ظل استحالة عدول الرئيس الأمريكي عن موقفه المناويء للاتفاق مع طهران.