التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 08:15 ص , بتوقيت القاهرة

في ذكرى ميلاده.. كيف انتصر الشيخ الشعراوي على مصلحة الضرائب؟

محمد متولى الشعراوي
محمد متولى الشعراوي
على مدار أكثر من 80 عامًا لم يخل بيت مصري في كل يوم جمعة من الاحتشاد أمام شاشات التلفاز للاستماع إلى ما سيلقيه، سواء حديث أو قصة دينية شيقة، وغيرها، نظرًا لكونه واحدًا من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية في العصر الحديث؛ ما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، ويلقب فيما بعد بـ "إمام الدعوة".
 
محمد متولي الشعراوي، داعية إسلامي، ولد في 15 إبريل عام  1911، بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، ومنذ ميلاده كان والده شديد الحرص على تحفيظه القرآن، وفي سن الحادية عشرة من عمره حفظ الابن القرآن الكريم، ليحقق أول أمنية لأبيه.
 

 

بداية مشواره الدراسي
 
مع حلول عام 1922، التحق "الشعراوي" بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر الابن نبوغًا كبيرًا في حفظ الشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وفي هذا التوقيت شعر والده أن عليه إلحاق نجله للدراسة بالأزهر الشريف، لكن الابن كان يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، إلا أن إصرار والده هو ما دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن، وأمام هذه الخطوات شعر "الشعراوي" أنه بين خيار صعب، فاشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: "أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم".
 
الشعراوي وأنور السادات
 
 
انتصاره على الضرائب
 
حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي كانت مليئة بالحكايات الغامضة التى لا يعرفها الكثيرون، لعل أبرزها عام 1974، حينما قدم الشعراوي إقراره الضريبي لأول مرة، وكان دخله السنوي آنذاك  90 جنيها، وحينما وصل دخله إلى السنوي إلى 220 ألف جنيه، في أواخر الثمانينات، كانت حصيلة هذه النقود ناتجه عن تسجيل أحاديثه لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، لكنه واجه حينها عقبات أمام مصلحة الضرائب.
 
مع حلول عام 1988، قدم الإمام طلبًا بإعفائه من الضرائب، لأن المبالغ التي يحصل عليها معفاة قانونيًا، وفقًا للمادة (82) من القانون (157) لسنة 1981، التي تقضي بإعفاء أرباح التأليف والترجمة للكتب والمقالات الدينية، وأعمال الترجمة الفورية للأحاديث التي تلقى في الإذاعة والتلفزيون، ليقابل دعوى الشعرواي بالقبول عام 1993، حينما فصلت إدارة الفتوى بمجلس الدولة، في طلب الشعراوي، وأكدوا أنه "لا يخضع المقابل الذي يحصل عليه الممول على حلقات أحاديثه يوم الجمعة للضريبة"، ليسترد الرجل أمواله المدفوعة سابقًا للضرائب عن الفترة من (1981-1988).
الشعراوي...
 
 
رفض الأحزاب الدينية
 
الكثيرون في مصر يكذبون دائمًا حقيقة كون الشسخ الشعراوي عضوًا بجماعة الإخوان المسليمن، لكنها حقيقة أعلن الشيخ بنفسه عنها خلال أحد لقائاته الصحفية بجريدة السياسة الكويتية في التسعينات، لكن خلافات عدة كشفت له الوجه الحقيقي للجماعة فيما بعد، حيث كان السبب الأول لانفصاله عن الإخوان أن الشعراوي كان وفديًا، وفي عام 1937، تم إقالة حكومة النحاس باشا، وبعدها تم منع الوفديين، منهم الشعراوي، من الاحتفال بذكرى سعد زغلول، فقرر إمام الدعاة ورفاقه الذهاب إلى النادي السعدي واحتفلوا، وألقى قصيدة ليشعل غضب حسن البنا.
 
وأمام غضب مؤسس الجماعة، لم يتراجع الشعراوي عن ما ألقاه في قصيدته، وقال حينها: "إن أقرب الزعماء الموجودين في مصر حاليًا إلى منهج الله هو النحاس.. وإذا كان لا بد أن نولي زعيمًا فهو النحاس"، ليرد المرشد الأول لجماعة الإخوان عليه: "النحاس هو أعدى أعدائنا، لأن له ركيزة في الشعب، هو الوحيد الذي يستطيع أن يضايقنا، أما الباقون نستطيع أن نبصق عليهم"، ليعلن بعدها الشعراوي انفصاله عن الجماعة والأحزاب الدينية فيما بعد.