سوريا؟.. فلتذهب الديمقراطية إلى الجحيم !
لم تكن لعبة السياسة في وطنا العربي يوماً من الأيام أمراً بسيطا، بل إحدى صفاتها هي التعقيد والتشابك بسبب تنوع المصالح والصراعات، ولكنها في مثل هذه اللحظات الصعبة التي تعصف بالمنطقة ككل تحتاج إلى مهاراتٍ خاصة وقراراتٍ صعبة وتوازنات دقيقة ولذلك رفضت مصر ما يحدث وأعربت عن قلقها للتصعيد العسكري على الساحة السورية، وحذرت من آثاره على الشعب السوري، وطالبت بإجراء تحقيق دولي شفاف، وقت كان الجميع ينتظر المزيد من مصر.
منذ فترة عرضت القنوات الأجنبية تقريرا حول ندم الرجل الذي حطّم تمثال الرئيس الراحل العراقي "صدام حسين"، وتحدث عن أنه كان يتوقع نهاية الظلم برحيل الرئيس صدام، ولم يتوقع أبدا أن نهاية صدام ستكون بداية مرحلة الأكثر ظلاما في تاريخ العراق الحديث، وتكرر هذا الموقف في ليبيا بعد مقتل الرئيس "معمر القذافي" حيث توقع الليبيون نهاية للظلم ولكن برحيله بدأت مأساة لبيبا الحالية، إننا بحاجة إلى إعادة تقييم أنفسنا من جديد وفقا لأفكارنا وليس طبقا للأفكار التي تفرض علينا من الغرب.
لا تكف الولايات الأمريكية عن ادعاءات الديمقراطية الغربية التي جاءت لنا في النهاية بشخصية الرئيس "ترامب" المقامر صاحب أشهر صالات القمار في العالم، أن جرح العراق لا يزال قائما، أين الديموقراطية الآن فيما يحدث داخل العراق، أين الديموقراطية الآن فيما يحدث في ليبيا؟.. لو كان القذافي فاشلا فلماذا إذن الحنين له الآن، لماذا يحب الشعب الليبي الآن تنصيب ابن القذافي عله يستطيع أن يعيد أيام والده، إننا لسنا بصدد الدفاع عن حكام فهم لهم أخطاء ولكن أي خطأ يوازي القتل والفوضى والتشريد. فالديمقراطية الغربية لا تصلح مع الجوع والفقر والمرض، إن العالم يتغير ولم يعد هناك مكان للضعفاء ، فنحن أصحاب موارد ولكننا بلا علم حقيقي ولا قدرة فعلية على إدارتها.
إن ما يحدث بنا لا يعقل، دول تهزم وشعوب تدفع الثمن واللعنة ستلاحق الجميع، إنني أشعر بالأخوة الحقيقية مع أبناء العرب، فتاريخنا المشترك يجعلنا نشعر بصعوبة الأحداث على النفس، فهنا دمشق عاصمة الدولة الأموية، هناك بغداد عاصمة الدولة العباسية، قد انتهت الأسطورة التي ترى أن خلافات العرب تنتهي داخليا، فالأطفال السوريون يدفعون الثمن.
الحروب مهما طالت ستنتهي بالمفاوضات وجلسات الصلح والتراضي والقبلات المتبادلة، لن يبقى إلا رائحة الدم السائل في سوريا والعراق و لبيبا، إننا ندفع ثمن ما ليس لنا به دخل.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع