لا أعتقد أن هناك كثيرين يريدون معرفة شيء عن المؤلف.. فأنا أعتبر نفسي ـ بلا أي تواضع ـ شخصاً مملاً إلى حد يثير الغيظ.. بالتأكيد لم أشارك في اغتيال (لنكولن) ولم أضع خطة هزيمة المغول في (عين جالوت).. لا أحتفظ بجثة في القبو أحاول تحريكها بالقوى الذهنية ولم ألتهم طفلاً منذ زمن بعيد.. ولطالما تساءلت عن تلك المعجزة التي تجعل إنساناً ما يشعر بالفخر أو الغرور.. ما الذي يعرفه هذا العبقري عن قوانين الميراث الشرعية؟.. هل يمكنه أن يعيد دون خطأ واحد تجربة قطرة الزيت لميليكان؟.. هل يمكنه أن يركب دائرة كهربية على التوازي؟.. كم جزءاً يحفظ من القرآن؟.. ما معلوماته عن قيادة الغواصات؟.. هل يستطيع إعراب (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)؟.. هل يمكنه أن يكسر ثمرة جوز هند بين ساعده وعضده؟.. كم من الوقت يمكنه أن يظل تحت الماء؟.. الخلاصة أننا محظوظون لأننا لم نمت خجلاً من زمن من فرط جهلنا وضعفنا..

هكذا دائمًا كان يسخر الطبيب والروائي أحمد خالد توفيق من نفسه، على الرغم من نجاحه في  تقديم العديد من الروايات على مدى عقدين من الزمان، وارتباط الكثيرين بها بدءا من "وراء الطبيعة" وانتهاء بآخر الإصدارت " ممر الفئران".

يوتويبا

كاتب الرواية يظهر تخوفاته أثناء سرد القصة على الرغم من نجاحه في التخلص من الخوف على مدار 6 أشهر بعد ثورة يناير، لكنه بدأ يقلق من جديد، ليدرك أن تفاؤله، "تفاؤل عبيط"، وفقًا لتصريحاته في أحد الحوارات الصحفية الأخيرة، وعلى الرغم من وصف العديد من القراء بأن الرواية تحققت فعلًا، إلا أن "أحمد" لا يعرف كيف سيكون المستقبل؟

"الرعب تيمة مشروعة للتسلية النظيفة وأنا لا أرفض التسلية النظيفة"، "أحمد" أخذت معظم روياته سمة الرعب، لكن نصف قصصه تدور في بيئة محلية في مصر، حيث البقال والحلاق وبائع الفول، فالجمهور المستهدف هو الشباب الرومانسي الراغب في أن يحلم.

عاشق اسرائيل وكارهها

إنني أكره إسرائيل جدا لكني معجب بها، إعجاب "توفيق" بإسرائيل كان محل انتقاد كبير، ووضع الكثيرون أمامه علامات استفهام، لكن إعجاب الروائي بإسرائيل لم يكن من أجل "جمال عيونها"، فالإعجاب الذي أشار إليه بسبب جولة نتنياهو في أفريقيا، والتخطيط طول الأمد لمحاصرة مصر، وهو ما أظهرته مذكرات "بن جوريون"، علاوة على ما قدمه لإسرائيل بصدد المفاعل النووي، أو التعويضات من ألمانيا، فإعجابه بهم مثلا طفيل الملاريا أو بعوضة الأنوفيليس، آلة قتل واحتلال مصممة جيدًا.

"توفيق" تعلم أن يكره كل ما هو إسرائيلي، وهو ما أوضحه كتابه "قصاصات"، الذي سرد العديد من المواقف.