في ذكرى تأسيس إذاعة القرآن الكريم.. لماذا لجأ الأزهر والأوقاف إلى الراديو؟
مع الساعات الأولى من الصباح يوميًا، يرن صوت الشيخ الطبلاوي في الآذان، مع السير خطوات معدودة تستمع سريعًا لترتيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، الذي تقشعر له الأبدان، القلب ينبض "قشعرة" لجمال إحساس الشيخ مصطفى إسماعيل، مشاهد يومية نشاهدها في شوارع مصر، بعد أن اعتادت العديد من الأسر المصرية تشغيل إذاعة القرآن الكريم صباح كل يوم، منذ شهر مارس عام 1964.
54 عامًا، تاريخ يجسد عمر إذاعة القرآن الكريم في مصر، بعد أن أصبح ملاك الراديو في متناولهم الاسمتاع لها، عبر قناة إذاعية مخصص طوال الـ24 ساعة، حيث تبث القناة الصوتية على تردد (FM 98.2) في القاهره الكبرى، وعلى ( 99.6fm) في المحله الكبرى، وعلى (90.1fm) في الإسكندرية، وعلى (98.0fm) في مدينة بورسعيد، وعل القمر الصناعي النايل سات 11766h، وفي ذكرى تأسيسه نستعرض خلال السطور التالية أسباب فكرة القناة الإذاعية من الأساس.
تحريف القرآن
في أوائل الستينيات من القرن الماضي، ظهرت طبعة مذهبة من المصحف، ذات ورق فاخر، وإخراج أنيق، بها تحريفات خبيثة ومقصودة لبعض آياته، منها قوله تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ "(سورة آل عمران)، مع تعمد مصدري الطبعة حذف كلمة "غير" فأصبحت الآية تعطي عكس معناها تمامًا ! وكانت هذه الطبعة رغم فخامتها رخيصة الثمن، وكان تحريفها خفيًّا على هذا النحو.
مع انتشار هذه النسخة القيمة المظهر، واكتشاف التحريفات المقصودة في متنه، استُنفِرت وزارة الأوقاف والشؤون الاجتماعية ، والأزهر الشريف ممثلًا في هيئة كبار العلماء – في ذلك الوقت، ورد كل منهم في تصريحات نارية، لكنها لم تكن كفيلة حيث حرصت مسؤوليها على إصدار تسجيل صوتي للمصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصري، على أسطوانات توزع نسخ منه على المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي، وكافة المراكز الإسلامية في العالم ، باعتبار ذلك أفضل وسيلة لحماية المصحف الشريف من الاعتداء عليه، وكان هذا أول جمع صوتي للقرآن الكريم بعد أول جمع كتابي له في عهد خليفة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبي بكر الصديق.
بديل الإسطوانات
مع مرور الوقت تبين أن هذه الوسيلة لم تكن فعالة في إنجاز الهدف المنشود من ورائها؛ نظرًا لعجز القدرات والإمكانات المادية في الدول الإسلامية في ذلك الوقت عن إيجاد الأجهزة اللازمة لتشغيل هذه الأسطوانات على نطاق شعبي، فضلًا عن عدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة لها بحكم الوضع الذي كانت عليه دول العالم الإسلامي في أوائل الستينيات من القرن العشرين، فتشكلت لجنة من وزارة الثقافة والإرشاد القومي- المسؤولة عن الإعلام في ذلك الوقت، لوضع بديل للإسطوانات، واستقرت على تخصيص موجة قصيرة، وأخرى متوسطة لإذاعة المصحف المرتل الذي سجله المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
بعد موافقة الرئيس جمال عبد الناصر بدأ إرسال "إذاعة القرآن الكريم" في الساعة السادسة من صبيحة الأربعاء 25 مارس عام 1964م ، بمدة إرسال قدرها 14 ساعة يوميًّا من السادسة حتى الحادية عشرة صباحًا ، ومن الثانية حتى الحادية عشرة مساءً على موجتين: إحداهما قصيرة وطولها 30.75 ك.هـ، والأخرى متوسطة طولها 259.8 ك.هـ؛ لتكون أول صوت يقدم القرآن كاملًا بتسلسل السور والآيات، حيث يصل إرسالها إلى الملايين من المسلمين في الدول العربية والإسلامية في آسيا وشمال أفريقيا.
أشهر القراء
حظت إذاعة القرآن الكريم، منذ لحظتها الأولى على إهتمام المستمعين، حيث ظهرت العديد من الأصوات أشهرها، فضيلة الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل، والشيخ محمد رفعت، والشيخ طه الفشني، والشيخ الراحل محمد صديق المنشاوي، والشيخ عبدالفتاح الطاروطي من قرية طاروط محافظة الشرقيه، والشيخ محمد الليثى، والشيخ السيد متولى عبدالعال، والشيخ شعبان عبد العزيز الصياد، والشيخ محمود على شميس، والشيخ عبدالوهاب الطنطاوى، والشيخ الطبلاوي، والشيخ عبدالعزيز حصان.