التوقيت الأربعاء، 06 نوفمبر 2024
التوقيت 02:04 ص , بتوقيت القاهرة

شارك ولا تكن سلبيا

الباحث السياسي محمد تهامي
الباحث السياسي محمد تهامي

يعرف فليب برو المشاركة السياسية بأنها ترتبط بالمسئولية الاجتماعية التي تقوم على أساس الموازنة بين الحقوق والواجبات لذلك فهى سمة من سمات النظم الديمقراطية حيث يتوقف نمو وتطور الديمقراطية على مدى اتساع نطاق المشاركة وجعلها حقوقاً يتمتع بها كل إنسان في المجتمع.

كما يتضح من التعريف السابق فالمشاركة السياسية تؤدى  إلى مزيد من الاستقرار في المجتمع مما يؤدي بدوره إلى توسيع وتعميق الإحساس بشرعية النظام؛ ولذلك فإن المشاركة تعطى الجماهير حقاً ديمقراطياً يمكنهم من محاسبة المسئولين عن أعمالهم إذا ما قصروا في الأداء،  لأن المواطنين الذين لديهم معرفة وعلم بمجريات الأمور يمكنهم الحكم تماماً على مدى جودة الأداء الحكومي. بالإضافة إلى أن المشاركة تدعم العلاقة بين الفرد و مجتمعه، الأمر الذى سينعكس بالضرورة على شعور الفرد  بالانتماء لوطنه الكبير، كما أن المشاركة تجعل الجماهير أكثر إدراكاً لحجم المشاكل المتعلقة بمجتمعهم و الإمكانيات المتاحة فهى تفتح باباً للتعاون البناء بين الجماهير والمؤسسات الحكومية .

إن المشاركة السياسية هي إعطاء المواطنين الفرص المتكافئة لصياغة شكل الحكم والإسهام في تقرير مصير الوطن على النحو الذي يريدونه، بحيث يكون بإمكانهم صياغة الظروف السياسية على النحو الذي يرغبون الحياة في ظله.

وهي حرص الفرد على أن يكون له دور إيجابي في الحياة السياسية من خلال المزاولة الفعلية في التصويت و الترشح للهيئات المنتخبة، أو مناقشة القضايا السياسية مع الآخرين بالانضمام إلى المنظمات الوسيطة، مثل: الأحزاب و الحركات السياسية.

وعرف جرنستين وبولسبي" المشاركة السياسية بأنها: الأنشطة التي تأتي في الفترة ما بين الانتخاب و الآخر، التي يحاول المواطنون من خلالها التأثير على القرارات الحكومية التي تتعلق بالمشكلات التي تهمهم".

كما عرفوا المشاركة السياسية بأنها:"العملية التي يلعب من خلالها الفرد دوراً في الحياة السياسية أو المجتمعية، و تكون لديه الفرصة لأن يساهم في صنع الأهداف العامة في المجتمع، وتحديد أفضل الوسائل لإنجازها، وقد تتم من خلال الأنشطة المباشرة وغير المباشرة".

وعرفت أيضا أنها: "تعني في أوسع معانيها حق المواطن في أن يؤدي دوراً معيناً في عملية صنع القرارات السياسية، و في أضيق معانيها تعني حق ذلك المواطن في أن يراقب هذه القرارات بالتقويم والضبط عقب صدورها من جانب الحاكم" .

تتوقف الدرجة الذي يشترك به المواطن في العمل السياسي على اهتمامات المواطن بالدرجة الأولى، وعلى المناخ السياسي فكريا و ماديًّا و اجتماعيًّا الذي يسود في المجتمع؛ ففي المجتمعات الديمقراطية  تعتبر المشاركة السياسية واجبًا مدنيًّا على المواطنين، وكلما زادت المشاركة كان ذلك دليلاً على صحة المناخ السياسي و سلامته، فضلاً عن أن المشاركة تعتبر أفضل وسيلة لحماية المصالح الفردية.

وفي بعض المجتمعات تتمثل أعلى مستويات المشاركة في الانتخابات، على الرغم من أن نتائج الانتخابات تختلف إلى حد بعيد من بلد لآخر.

كما أن مدى المشاركة يتفاوت طبقًا للتعليم و المهنة و الجنس و السن و الديانة و محل الإقامة و الشخصية و المحيط الثقافي، فكلما زاد مستوى التعليم زادت المشاركة، كما أن المشاركين من الرجال هم أكثر من المشاركات من النساء، و كذلك المشاركين من قاطني المدن هم أكثر من أولئك قاطني الريف، كما تزداد المشاركة بين المشتركين في عضوية الجماعات أو المنظمات المختلفة.

وبالطبع، هذه الخصائص ليست ثابتة، ولا تشكل قاعدة عامة، فمثلاً رجل ينتمي للطبقة العاملة قد لا يحظى بتعليم عال بعد الدراسة الثانوية، ولكنه من المحتمل أن ينتمي لنقابة عمالية، وبالمثل سيدة تنتمي للطبقة الوسطى قد تكون حظيت بقسط من التعليم بعد المرحلة الثانوية، غير أنها لا تنتمي إلى نقابة عمالية، وفي كلتا الحالتين تكون هذه السمات متعارضة، ومن الصعب تشكيل نمط معين يوضح الأهمية النسبية لكل منهما.

وعلى الرغم من ذلك، فهناك بعض الدلائل على أن الأفراد الذين يتعرضون لعدد من الضغوط القوية يكونون أكثر احتمالاً للمشاركة في السياسة.

وعمومًا فإن مستويات المشاركة تزداد مع ازدياد الرغبة في التأثير، على من يملكون السلطة السياسية، و من ثَم تكون محاولة استخدام طرق غير تقليدية للتأثير على السياسة العامة، في شكل ما أطلق عليه الحركات الاجتماعية الجديدة، وهي نوع من جماعات الضغط أو المصالح، و لكنها تعبر عن اهتمامات مختلفة، و تعمل بطرق تختلف عن تلك التي ترتبط عادة بجماعات الضغط، مثل الجمعيات و المؤسسات الأهلية.

إن مدى المشاركة السياسية وحجمها يتعلق بأثرها على السياسات أو القرارات التي تتخذ، وهذا البعد هو أكثر جوانب المشاركة تعقيداً و يتضمن دراسة عدة تمييزات، ويمكن تقسيم المشاركة إلى مشاركة رمزية، ومشاركة مادية، تبعاً لما إذا كانت المشاركة شرفية، أو ما إذا كان يقصد بها التأثير على عملية صنع القرار مباشرة، والانتخابات التي تتحدد نتيجتها مقدماً، أو اللجان التي لا سلطة لها، أو اللجان المحترمة التي تضم أعضاء جماعات الأقلية، تعد أمثلة للمشاركة الرمزية، وتستخدم الحكومات أحياناً المشاركة الرمزية للتغطية على انخفاض فرص المشاركة المادية.

للتواصل مع الكاتب اضغط هنا

المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع